سلط تقرير لصحيفة "إل باييس" الإسبانية الضوء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لتغيير قواعد الانتخابات من خلال التلاعب بالخرائط الانتخابية وتقليص مراكز الاقتراع حتى يتجنب خسارة الأغلبية في
الكونغرس.
وقالت الصحيفة في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العد التنازلي لانتخابات التجديد النصفي في
الولايات المتحدة قد بدأ، حيث تجري الانتخابات مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2026.
وتسمح انتخابات التجديد النصفي بتجديد جميع مقاعد مجلس النواب (435 مقعدًا)، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ، وسوف تحدد إلى حد كبير مصير النصف الثاني من ولاية ترامب.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي الذي يدرك حجم المخاطر التي تحدق به، أطلق هجومًا واسع النطاق على عدة جبهات ليعيد رسم قواعد اللعبة قبل الانتخابات بهدف الحفاظ على الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، ومنع الديمقراطيين من كبح أجندته أو محاولة عزله من منصبه كما حدث في ولايته الأولى.
وأكدت الصحيفة أن ترامب حاول في 2020 التلاعب بالانتخابات، حين تمسك بالسلطة بعد خسارته مدعيًا حدوث تزوير، وضغط على المدعي العام في جورجيا لإعادة فرز الأصوات، وعندما فشلت كل هذه المحاولات حرض مؤيديه على اقتحام الكابيتول.
اظهار أخبار متعلقة
جهود مبكّرة في تكساس
أوضحت الصحيفة أن جهود التلاعب بالانتخابات القادمة بدأت في صيف 2024، عندما أعلن حاكم تكساس، الجمهوري غريغ أبوت، إعادة رسم الدوائر الانتخابية بهدف انتزاع خمسة مقاعد من خصومه، مستخدمًا ما يُعرف بأسلوب "جيري ماندرينغ"، الذي يقوم على ابتكار وحدات انتخابية مصطنعة.
وتنص القوانين الأمريكية على تنفيذ هذه العملية كل عشر سنوات عقب صدور التعداد السكاني الجديد لتعكس التغيرات في توزيع السكان.
وتشير خريطة تكساس إلى أن الجمهوريين حصلوا في 2024 على 67 بالمئة من المقاعد رغم حصولهم على 52 بالمئة فقط من الأصوات، ويسعون من خلال الخطة الحالية للوصول إلى 80 بالمئة من المقاعد، حسب الصحيفة.
رد في كاليفورنيا
وذكرت الصحيفة أن حاكم كاليفورنيا، الديمقراطي غافن نيوسوم، ردّ على خطة ولاية تكساس، وأعلن بدوره عن خريطة انتخابية جديدة تضمن خمسة مقاعد للديمقراطيين، وعرض خطته للاستفتاء الذي أُقر بنسبة 64 بالمئة، ما عزز مكانته كمرشح محتمل للرئاسة عام 2028.
وأضافت الصحيفة أن الانتصارات المدوية التي حققها الديمقراطيون، من خلال الفوز بمنصب العمدة في نيويورك، ومنصب الحاكم ونيوجيرسي وفيرجينيا، أعاد الثقة في قدرتهم على استعادة مجلس النواب.
من جانبه، ضغط ترامب على الكونغرس عبر منصة "تروث" لإقرار الإصلاحات الانتخابية التي أصدر بشأنها مرسوما في شهر آذار/ مارس الماضي، وتتعلق بإجراءات التصويت عبر البريد والاستظهار بوثائق الجنسية في مراكز الاقتراع، وقد أوقف تنفيذ المرسوم قاضيان فيدراليان بحجة أن "الدستور لا يمنح الرئيس أي سلطة محددة على الانتخابات".
وأشارت الصحيفة إلى أن ولايات أخرى دخلت على خط تغيير الخارطة الانتخابية بعد تكساس وكاليفورنيا، حيث استغل الجمهوريون سيطرتهم في ميزوري وكارولاينا الشمالية وأوهايو للحد من تمثيل الأقليات التي يُحتمل تصويتها للديمقراطيين.
خطورة التلاعب بالدوائر
ويؤكد فيل بيرغر، زعيم الأغلبية الجمهورية في كارولاينا الشمالية، أن أسلوب "جيري ماندرينغ" ضروري لحماية أجندة ترامب، وأضاف: "لا يمكننا السماح لنيوسوم بتحديد الأغلبية في الكونغرس".
ونقلت الصحيفة عن مايكل لي من مركز برينان للعدالة، تحذيره من أن "حروب التلاعب بالدوائر الانتخابية لم تنته بعد"، مشيرًا إلى ضياع فرصة عام 2022 لإنهاء التلاعب عبر مشروع قانون حرية التصويت، وإلى إمكانية استمرار التلاعب في ولايات أخرى مع اقتراب الانتخابات التمهيدية.
في هذا السياق، من المنتظر أن تصدر المحكمة العليا في يونيو/ حزيران حكمها في قضية "لويزيانا ضد كاليه"، التي تعد من أبرز القضايا الانتخابية الراهنة، وتهدف إلى إعادة النظر بالمادة الثانية من قانون حق التصويت لعام 1965، الذي يضمن المساواة في الوصول إلى صناديق الاقتراع ومنع التمييز ضد الأقليات.
وتمنع هذا المادة السلطات المحلية من إعادة رسم الدوائر إذا أدى ذلك إلى تقييد حق التصويت لأسباب عرقية، وقد أبدت الأغلبية المحافظة رغبتها في تغيير هذه المادة.
ويوضح بول كولينز، الأستاذ بجامعة ماساتشوستس ومؤلف العديد من الكتب حول تسييس المحكمة العليا، أن "الجمهوريين قد يحصلون عمليا على نحو 20 مقعدًا في مجلس النواب"، جميعها من ولايات الجنوب.
ويضيف أن ذلك سيخلق حلقة مفرغة، حيث أن الأقليات ستفقد الحافز في المشاركة السياسية لأنها لا ترى نفسها مُمثلة بالقدر الكافي.
اظهار أخبار متعلقة
عوائق انتخابية
تؤكد الصحيفة أن ترامب قد يفرض عقبات أمام الوصول إلى صناديق الاقتراع، مثل تقليص عدد المراكز وحصر التصويت في يوم الانتخابات فقط، ما قد يؤدي إلى طوابير طويلة ويعقد تصويت ملايين الأمريكيين.
يهدف مجموع هذه العقبات إلى خلق ساحة لعب تكون فيها "المنافسة حقيقية، ولكنها غير عادلة". ليفيتسكي هو أيضًا المؤلف المشارك للمقال المؤثر "كيف تموت الديمقراطيات"، الذي جادل بشكل مقنع بأن المستبدين المعاصرين يُحبون الانتخابات، طالما أنهم قادرون على التلاعب بها.
وحسب الصحيفة، فإن الهدف هو خلق جو انتخابي تكون فيه "المنافسة حقيقية، لكنها غير عادلة"، هذا ما عرّفه ستيفن ليفيتسكي ولوكان واي في مقال نُشر عام 2002 بـ"الاستبداد التنافسي" لوصف نظام يُضفي على نتيجة مُحددة سلفًا مظهر الخيار الديمقراطي.
سيناريو كارثي
وقد تخيل ديفيد غراهام في مجلة ذا أتلانتيك السيناريو المحتمل لانتخابات 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2026، حيث يتوقع فوز الجمهوريين بمجلس الشيوخ، بينما تبدو السيطرة على مجلس النواب محسومة في دائرتين بمقاطعة ماريكوبا في ولاية أريزونا.
ويتخيل غراهام أن يعلن ترامب الفوز قبل أوانه ويهاجم خصومه في "تروث سوشيال"، بينما يضغط حلفاؤه المخلصون على مسؤولي الانتخابات في أريزونا، وتنشر وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة شائعات عن تزوير الانتخابات.
ويضيف غراهام أنه رغم وجود مشاة البحرية في الشوارع، تندلع احتجاجات صغيرة لكنها قوية في فينيكس وأماكن أخرى، ويستخدمها ترامب ذريعةً لتفعيل قانون التمرد وإعلان الأحكام العرفية في المدن التي يحكمها الديمقراطيون.
تختم الصحيفة بأن السيناريو قد يكون مُبالغًا فيه، لكنه يبدو تكملة لدراما انتخابات 2020، والتي كانت فيها ماريكوبا قبل خمس سنوات نقطة البداية لكذبة ترامب الكبرى عن تزوير الانتخابات.