صحافة دولية

لماذا تقوم ألمانيا بـ"العمل القذر" في خطة ترامب للسلام في غزة؟

ألمانيا من أكبر داعمي الاحتلال خصوصا خلال الحرب على غزة- مواقع التواصل
ألمانيا من أكبر داعمي الاحتلال خصوصا خلال الحرب على غزة- مواقع التواصل
نشر موقع "كاونتر بانش" تقريرًا يسلط الضوء على الدور الذي ستلعبه ألمانيا في تنفيذ رؤية ترامب لما بعد الحرب في غزة، معتبرا أن برلين ستتولى "العمل القذر" نيابة عن الولايات المتحدة.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن فكرة تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة تكلفة إصلاح الدمار في غزة غير مطروحة في الرأي العام الغربي، في المقابل تريد الولايات المتحدة أن توكل إلى أوروبا والدول العربية دور دفع فاتورة الأضرار التي تسببت بها الأسلحة الأمريكية (بقيمة تقارب 22 مليار دولار) والآلة العسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

وتخطط ألمانيا ومصر لعقد مؤتمر للمانحين، وسط تقديرات بضرورة جمع 80 مليار دولار، رغم الشكوك في إمكانية توفير هذا المبلغ في ظل الضغوط المالية التي تواجهها الدول الأوروبية والعربية.

وأشار الموقع إلى أن التجارب السابقة لا تبعث على التفاؤل، إذ لم تُنفذ وعود المانحين بعد حرب 2014 على غزة، والتي أسفرت عن مقتل 2000 فلسطيني وتدمير 17000 منزل. فقد تعهدت دول الخليج والاتحاد الأوروبي حينها بتقديم 3.5 مليار دولار لإعادة الإعمار، لكن معظم الأموال لم تصل، وظلت المباني المدمرة على حالها حتى أحداث 2021.

ومن المنتظر أن تلعب ألمانيا دورًا محوريًا في خطة ترامب الحالية، حيث أعلنت بالفعل عن تقديم 200 مليون يورو كمساعدات عاجلة لغزة، في إطار الدور الألماني والأوروبي التقليدي الذي يجمع بين المشاركة في التدمير وتحمل تكاليف إعادة الإعمار، على حد تعبير الموقع.

اظهار أخبار متعلقة



دعم غير مشروط
يوضح الموقع أن الدعم الألماني غير المشروط لإسرائيل يُعزى غالبًا إلى المسؤولية التاريخية بعد الهولوكوست، إلا أنه يرتبط فعليًا بالمصالح الجيوسياسية الأمريكية، حيث تلتزم برلين بدعم إسرائيل في إطار الهيمنة الغربية وليس بدافع أخلاقي.

يذكر أن ألمانيا زادت صادراتها العسكرية لإسرائيل عشرة أضعاف خلال حرب غزة، وامتنعت عن دعم قرارات وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة.

كما دعمت إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في مواجهة اتهامات الإبادة الجماعية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا.

وامتنعت ألمانيا أيضًا عن التصويت على قرار الأمم المتحدة التاريخي الصادر العام الماضي، والذي دعا إسرائيل إلى إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. وكانت محكمة العدل الدولية قد أعلنت في حكم تاريخي أن احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، غير قانوني.

وتجاهلت ألمانيا دعوات المحكمة الدولية لإنهاء الاحتلال وتعويض الفلسطينيين، واستمرت في تأكيد "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، رغم أن القانون الدولي يمنع سلطات الاحتلال من استخدام القوة ضد السكان المحتلين.

كما عرقلت جهود الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إسرائيل، ما يعكس تبعيتها لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وخضوعها للمصالح الجيوسياسية الأمريكية، بحسب الموقع.

وأكد الموقع أن دعم ألمانيا "غير المشروط" لإسرائيل كان شرطًا للاندماج في النظام الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه يرتبط اليوم بمصالح واشنطن، ولن يتغير هذا الدعم ما دامت إسرائيل تُعتبر "أصلًا استراتيجيًا" في منطقة غنية بالطاقة.

اظهار أخبار متعلقة



تواطؤ في حرب غزة
أوضح الموقع أن الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج، والدعم الذي تقدمه لإسرائيل، فرض على أوروبا وألمانيا لعب أدوار ثانوية.

وفي أعقاب حرب أكتوبر عام 1973، فرضت الدول العربية المنتجة للنفط حظرًا أدى إلى أزمة اقتصادية تأثرت بها أوروبا بشدة، بما فيها ألمانيا التي كانت تستورد 75 بالمائة من نفطها من المنطقة.
وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وفرض العقوبات على روسيا، تجدد الاعتماد الأوروبي على دول الخليج، كما ظهر في صفقات الغاز التي أبرمتها ألمانيا، ومشاريع الهيدروجين الأخضر.

وبحسب الخبير الاقتصادي إدواردو كامبانيلا، فإن هذا الاعتماد يجعل أوروبا أكثر عرضة للتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وأضاف الموقع أن الحكومات الألمانية تحاول منذ فترة تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة، وبين دعم سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

وقد تبنت لسنوات نهجًا معتدلًا، عبر دعم السلطة الفلسطينية، والترويج لحل الدولتين، وتوجيه انتقادات محدودة لإسرائيل.

ويؤكد الموقع أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي شاركا فعليًا في دعم الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته، بما في ذلك الإبادة الجماعية في غزة، من خلال المساعدات العسكرية، والتعاون الأمني، والدعم الدبلوماسي، وعرقلة العقوبات، وقمع الأصوات التي تنتقد الجرائم الإسرائيلية.

ويضيف أن موقف ألمانيا أصبح أكثر عدوانية منذ حرب غزة عام 2008، إذ دعمت الحكومات الألمانية العمليات العسكرية الإسرائيلية، وواجهت الانتقادات بتهمة بمعاداة السامية، وفرضت قيودًا على حرية التعبير.

ومن أبرز الأمثلة حظر حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وقطع التمويل عن منتقدي إسرائيل، وقمع المظاهرات، وترحيل المحتجين.

اظهار أخبار متعلقة



ماذا بعد الاعتراف بفلسطين؟
يرى الموقع أن الحكومة الألمانية مصداقيتها كوسيط في الصراع نتيجة الدعم الألماني غير المسبوق للإبادة الجماعية الإسرائيلية خلال العامين الماضيين، ولهذا السبب كان المستشار الألماني فريدريش مارتن ميرتس شخصية هامشية خلال مراسم إعلان خطة ترامب للسلام في مصر.

وحسب الموقع، يمكن لألمانيا والاتحاد الأوروبي اتباع مسار مستقل عن الولايات المتحدة لتقليل العنف وتحقيق السلام، عبر الاعتراف بجرائم الحرب التي ارتُكبت في غزة، وتفعيل مذكرات الاعتقال الدولية، وربط التعاون المستقبلي مع إسرائيل باحترام القانون الدولي.

وقد اتُخذت خطوة في هذا الاتجاه قبل بضعة أسابيع من خلال ما يسمى بـ "إعلان نيويورك"، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 سبتمبر/ أيلول. وقد دعت المبادرة التي أطلقتها فرنسا والسعودية إلى تحرك دولي منسق لتنفيذ حل الدولتين.

وقد صوتت  ألمانيا لصالح القرار، لكنها رفضت مع وإيطاليا الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، خلافًا لمعظم الدول الغربية.

ويؤكد الصحفي نيكولاس ديفيز أنه كان ينبغي عقد جلسة خاصة طارئة بموجب مبدأ "الاتحاد من أجل السلام" لتجاوز الفيتو الأمريكي، والاعتراف بفلسطين رسميًا وقبولها عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة كما حدث عندما غزت روسيا أوكرانيا، حين عُقد اجتماع طارئ للاتفاق على تدابير تتجاوز مجلس الأمن والفيتو الروسي.

ومن الواضح -حسب الموقع- أن ترغب الدول الأوروبية والعربية لم ترغب في مواجهة الولايات المتحدة، وقد استغل ترامب هذا التردد لتمرير خطته التي تعزز الاحتلال.
التعليقات (0)

خبر عاجل