تشير تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب
المتضاربة حيال
الحرب ضد
إيران إلى وجود أزمة عميقة داخل أوساط صنع القرار في
البيت الأبيض، خصوصا بين الرباعي: الرئيس، وزارة الدفاع، وزارة الخارجية، الأمن
القومي.
بعض الأصوات تشجع على دخول أمريكي في الحرب،
في حين ترفع شخصيات أخرى وازنة صوتها عالية للتنديد بمثل هذه الخطوة.
المؤيدون للحرب
من وجهة نظر المؤيدين للحرب الأمريكية ضد
إيران، المتواجدين في مؤسسات عديدة (الأمن القومي) واللوبي
الإسرائيلي، أن الدخول
الأمريكي في الحرب سيسرع من نهايتها، لأنه سيوجه ضربة قاصمة للمشروع النووي
الإيراني ولمنظومتها الصاروخية الباليستية.
ويرى هذا التيار أن ثمة فرصة تاريخية لا
تفوت لإخراج إيران من معادلة المنطقة على الأقل على المدى المتوسط، بما يُفسح
المجال لإسرائيل لفرض هيمنتها بالكامل على المنطقة، وبدء صفحة من السلام
الإسرائيلي ـ العربي وفق المقاربة الإسرائيلية.
كما يرى هذا التيار أن إطالة أمد الحرب، وإن
كان لا يصب في مصلحة إيران، فإنه أيضا لا يصب في مصلحة إسرائيل، وبالتالي لا بد من
تدخل أمريكي سريع.
من وجهة نظر المؤيدين للحرب الأمريكية ضد إيران، المتواجدين في مؤسسات عديدة (الأمن القومي) واللوبي الإسرائيلي، أن الدخول الأمريكي في الحرب سيسرع من نهايتها، لأنه سيوجه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني ولمنظومتها الصاروخية الباليستية.
فضلا، عن ذلك، يجادل هذا التيار أن التدخل
العسكري الأمريكي لن يدفع إيران ـ كما تعلن ظاهريا ـ إلى توسيع حربها لتشمل
الأهداف والمصالح الأمريكية في المنطقة، خصوصا في منطقة الخليج العربي، ذلك أن أية
محاولة إيرانية بهذا الشأن ستقابل برفع الولايات المتحدة لردها العسكري، بما يؤدي
إلى تحول في المقاربة الاستراتيجية الأمريكية: من مجرد إضعاف إيران عسكريا من أجل
جرها للتفاوض وإزالة تهديدها لإسرائيل، إلى العمل على تدمير المنظومة العسكرية
الإيرانية وربما إلى إسقاط النظام.
الرافضون للحرب
يمثل هذا التيار، الرافض لدخول الولايات
المتحدة الحرب إلى جانب إسرائيل، في المقام الأول وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى
جانب وزارة الخارجية، وقواعد الحزب الجمهوري، وأوساط إعلامية، وكارتلات اقتصادية.
يستند هذا التيار على مقاربة بسيطة، وهي أن
مثل هذه الخطوة قد تدفع إيران للهروب إلى الأمام بتوسيعها نطاق حربها لتشمل الامتداد
الجغرافي الإقليمي لها.
باللغة الاستراتيجية، يعني ذلك توتر وإرباك
في سلاسل توريد الطاقة، بما يؤدي إلى ارتفاع هائل في أسعار الطاقة العالمية، كما
يعني إرباكا وتوترا لعلاقة الولايات المتحدة مع حلفائها الخليجيين الذين سيتأثرون
مباشرة بهذه الحرب إن دخلت فيها الولايات المتحدة.
وأخيرا، قد تجد واشنطن نفسها منخرطة بشكل أو
بآخر بحرب مباشرة ترفضها الأوساط الشعبية وغالبية الأوساط الرسمية الأمريكية.
بناء على ذلك، يدفع هذا التيار باقتصار
الدور الأمريكي على تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لإسرائيل، وإن لزم الأمر
تقديم صواريخ متطورة جدا قادرة على اختراق الحصون المنيعة جدا.
السيناريوهات المحتملة
ثمة ثلاث سيناريوهات محتملة لمسار الحرب
الحالية:
السيناريو الأول، عدم مشاركة الولايات
المتحدة بشكل مباشر في الحرب، والاكتفاء بدعم إسرائيل من بعيد، ويبدو هذا
السيناريو الأقرب للواقع، مع العمل على مسار دبلوماسي مباشر تقوم به دول أوروبية
لإنهاء الحرب، بما يحقق للطرفين، الإسرائيلي والإيراني غايتهما: بالنسبة لإسرائيل،
تدمير مواقع استراتيجية في إيران قد يعتبر كافيا في هذه المرحلة، وبالنسبة لإيران،
فإن ضربها لإسرائيل بهذا الكم من الصواريخ يعتبر كافيا لردع إسرائيل مستقبلا،
وكافيا على الأقل أمام جمهورها المحلي.
يمثل هذا التيار، الرافض لدخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب إسرائيل، في المقام الأول وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى جانب وزارة الخارجية، وقواعد الحزب الجمهوري، وأوساط إعلامية، وكارتلات اقتصادية.
السيناريو الثاني، دخول أمريكي سريع في
الحرب، أي الاكتفاء بتوجيه ضربة عسكرية واحدة تشمل أهم وأخطر المواقع الاستراتيجية
الإيرانية، مثل قصف منشأة فوردو النووية وغيرها.
يبقى هذا الاحتمال ممكنا، لكنه مرتبط
بأمرين، أولهما عدم تأكد الجنرالات الأمريكيين من قدرة أسلحتهم على اختراق
التحصينات لشل منشأة فوردو، وقد قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل
جروسي في هذا الصدد إنه زار المنشأة وأن عمقها يصل إلى نحو كيلومترا واحدا،
وثانيها عدم التكهن برد الفعل الإيراني، حيث أعلنت طهران أن أي تدخل أمريكي مباشر
في الحرب سيدفعها للرد مباشرة بقصف القواعد الأميركية القريبة من إيران، وربما
تعطيل الملاحة في مضيق هرمز.
السيناريو الثالث، دخول الولايات المتحدة
الحرب بشكل واسع إلى جانب إسرائيل، وهو احتمال بعيد، لأن من شأن هذه الخطوة أن
تعني بالنسبة لطهران أن الحرب أصبحت وجودية، وفي مثل هذه الحالة ستُقدم إيران على
استخدام كل أدواتها في الحرب.