بورتريه

يسارية أوروبية تطالب بوصف الحرب على غزة بالإبادة (بورتريه)

تقود  مانون أوبري كتلة اليسار في البرلمان الأوروبي لفرض عقوبات على دولة الاحتلال لما ترتكبه من جرائم في غزة- عربي21
تقود مانون أوبري كتلة اليسار في البرلمان الأوروبي لفرض عقوبات على دولة الاحتلال لما ترتكبه من جرائم في غزة- عربي21
تنسب الفضل إلى جدها لأمها في وعيها السياسي المبكر، الذي كان ناشطا يساريا، وأصبح ملهما سياسيا لها.

لا تعرف نفسها كسياسية رغم أن البعض يطلق عليها لقب "المتمردة" بعد أن دعت إلى "قطيعة واضحة مع أوروبا الليبرالية"، معتقدة أن الاتحاد الأوروبي "لا يزال مهووسا بالتجارة الحرة والتقشف وتسليع كل شيء".

أصغر شخصية تتولى قيادة مجموعة سياسية في البرلمان الأوروبي.

تقود  كتلة اليسار  لفرض عقوبات على دولة الاحتلال لما ترتكبه من جرائم في غزة.

ورغم أنها يسارية ومن أقصى اليسار إلا أنها تنتقد بشدة مهاجمة باريس للإسلام والمسلمين في فرنسا وخارج فرنسا، قائلة إن "العلمانية ليست ذريعة ومبررا لإثارة كراهية المسلمين في الصباح والظهيرة والمساء".

مانون أوبري ولدت لأبوين صحفيين في منطقة فريجوس في مقاطعة فار جنوب شرق فرنسا عام 1989، وتعود أصولها إلى جزيرة كورسيكا الخاضعة للحكم الفرنسي.

انخرطت لأول مرة في النشاط السياسي أثناء دراستها في "سانت رافاييل" عام 2005، حيث قامت بحملة للتصويت بـ "لا" في الاستفتاء على المعاهدة الدستورية الأوروبية، وضد إصلاحات فرانسوا فيون التعليمية.

وفي عام 2006 نظمت احتجاجا مدرسيا ضد عقد العمل الأول، وهو قانون مقترح كان من شأنه أن يسهل على أصحاب العمل فصل العمال الشباب.

حصلت أوبري على شهادة الثانوية العام (البكالوريا) عام 2007  وواصلت دراستها في معهد الدراسات السياسية في باريس، حيث كانت رئيسة الفرع المحلي للاتحاد الوطني لطلبة فرنسا.

اظهار أخبار متعلقة


بعد حصولها على شهادة في العلاقات الدولية وحقوق الإنسان، أمضت عاما في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة "كولومبيا" في نيويورك . ثم قامت بأعمال إنسانية في أفريقيا لمدة ثلاث سنوات، مع "منظمة أطباء العالم" في ليبيريا ومع "مركز كارتر" في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

بعد عودتها إلى باريس، عملت أوبري مسؤولة أولى للمناصرة في منظمة "أوكسفام فرنسا"، وهي هيئة إغاثة دولية غير ربحية، ما بين عامي 2014 و2018 وكان مجال اهتمامها العدالة الضريبية وعدم المساواة.

ووصفت كيف تتبعت الشركات متعددة الجنسيات التي لم تدفع نصيبها العادل من الضرائب، وكافأت مساهميها بدلا من العمال الذين أنتجوا الثروة. كما شاركت في إعداد تقرير عن البنوك والملاذات الضريبية. وخلال هذه الفترة، ألقت محاضرات في معهد الدراسات السياسية حول حقوق الإنسان.

على الرغم من أن أوبري لم يكن لديها أي خلفية في السياسة الحزبية، فقد اتصل بها جان لوك ميلينشون، زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري، لترأس قائمة مرشحي الحزب في انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2019. وانتخبت في البرلمان الأوروبي وأصبحت الرئيسة المشاركة لمجموعة اليسار في البرلمان الأوروبي مع عضو البرلمان الأوروبي الألماني مارتن شيرديوان.

شرعت أوبري في المرحلة الأولى من جولة بالدراجات في فرنسا بهدف مقابلة المواطنين والاستماع إلى آرائهم. ولاحقا تلقت أوبري "توبيخا" من رئيس البرلمان الأوروبي لنشرها على حساباتها على "يوتيوب" و"أكس" مقطع فيديو يدعو أعضاء "حركة التمرد ضد الانقراض" إلى احتلال البرلمان الأوروبي.

وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في عام 2020، قرأت أوبري في البرلمان الأوروبي أسماء 86 امرأة قتلن على يد شركائهن أو شركائهن السابقين في فرنسا في ذلك العام.

وفي عام 2023، قدمت أوبري وأعضاء البرلمان الأوروبي من اليسار اقتراحا لمناقشة تصرفات الشرطة خلال المظاهرات ضد إصلاحات ماكرون التقاعدية. وقد عرقلت مجموعات أخرى الاقتراح كنوع من المناكفة. وفي مقابلة صحفية قالت إن قمع الدولة لاحتجاجات التقاعد "حول فرنسا من بلد يعاني من أزمة اجتماعية إلى بلد يعاني من أزمة ديمقراطية".

اظهار أخبار متعلقة


ومنذ أن أصبحت عضوا في البرلمان الأوروبي، قامت أوبري بحملة من أجل إنشاء هيئة أخلاقية مستقلة لفرض المعايير في جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

تقول أوبري، إن كونها ناشطة لا يعني أنها لا تستطيع مناقشة التفاصيل الفنية للتشريعات في الاتحاد الأوروبي. مؤكدة "كان لدي شعور واضح بأنني لم أُؤخذ على محمل الجد".

وعلى وقع الانتخابات الساخنة والتنافسية للبرلمان الأوروبي عام 2024 عينت أوبري رئيسة لقائمة مرشحي حزب "فرنسا الأبية".

حيث دعت أعضاء البرلمان الأوروبي إلى التواصل مع الحركات الاجتماعية على اعتبار أن المؤسسات الأوروبية "منفصلة عن الواقع" بحسب قولها. وأضافت: "نشعر بوجود جدران سميكة تفصل البرلمان عن العالم الخارجي".

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وقفت مانون أوبري موقفا شجاعا من حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة.

 وأدانت اعتقال ناشطين بينهم من فرنسا كانوا على متن سفينة الإغاثة لغـزة "مادلين"، واصفة الأمر بـ"جـريمة حـرب تضاف إلى سجل الانتهاكات الإسرائيلية"، كما هاجمت صمت الاتحاد الأوروبي وتواطؤه، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم محذرة من أن التاريخ "سيسجل صمت القادة الأوروبيين كتواطؤ مع الجرائم الإسرائيلية".

وأبدت ارتياحها بعد أن بدأت تتصاعد أصوات أوروبية ضد جرائم الاحتلال قائلة " أخيرا بدأت الأصوات ترتفع ضد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. متى سيكون هناك عمل يليق بفرنسا".

لافتة إلى أنه "لا وقت لنضيعه بينما يتعرض الناس في غزة للقتل كل يوم، ونتنياهو يستخدم التجويع سلاحا بقطاع غزة" مبدية أسفها على تأخر الاتحاد الأوروبي في مراجعة "اتفاق الشراكة مع إسرائيل".

واستنكرت أوبري "تواطؤ فرنسا في المجزرة بقطاع غزة"، قائلة إن "كل من يغض الطرف، ويخجل من وصف ما يحدث في قطاع غزة، عليه مسؤولية ثقيلة". وقالت في هذا الصدد " استعمار وتدمير الشعب الفلسطيني لم يبدأ منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023".

ورأت مانون أوبري أن فرنسا "إذا لم تفعل شيئا لوقف المجازر المستمرة في قطاع غزة، والتي يصفها  القانون الدولي بأنها إبادة جماعية، فنعم، هي تتحمل بعض المسؤولية عن هذه الإبادة الجماعية".
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تعترف فيه 139 دولة في العالم بدولة فلسطين، ما تزال فرنسا ترفض القيام بذلك.

وكانت  جلسة البرلمان الأوروبي الأخيرة بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، قبل يومين الأكثر صخبا وتوترا إذ لأول مرة توصف ممارسات الاحتلال في غزة بأنها "إبادة جماعية".

اظهار أخبار متعلقة


الجلسة التي حملت عنوان "وقف الإبادة الجماعية في غزة: حان وقت العقوبات الأوروبية"، جاءت بمبادرة من مجموعة اليسار الأوروبي  التي تضم 46 نائبا، وحضرتها الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس.

وهاجمت أوبري، كالاس، قائلة: "إبادة جماعية، إبادة جماعية، إبادة جماعية. أكرر هذا لأنه على الرغم من مرور 18 شهرا من المجازر في غزة، فإنكِ ترفضين عدما استخدام هذا المصطلح".

وشددت على وجوب تحرك البرلمان الأوروبي من أجل حماية المدنيين في غزة وفرض عقوبات على الاحتلال و "إنهاء تواطؤ دول الاتحاد مع تل أبيب".

وأشارت أوبري إلى أن النائبة الفرنسية من أصل فلسطيني وعضو مجموعة اليسار ريما حسن، كانت على متن السفينة "مادلين" المتوجهة إلى غزة لتقديم مساعدات إنسانية. وحين " أوقفتها إسرائيل في المياه الدولية واحتُجزت، لم يصدر أي نداء من الاتحاد الأوروبي للإفراج عنها".

وقالت أوبري إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استطاع دخول إحدى دول الاتحاد الأوروبي (المجر)، على الرغم من صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.

وانتقدت ازدواجية المعايير لدى الاتحاد الأوروبي قائلة "الاتحاد فرض 17 حزمة من العقوبات على روسيا بسبب غزو أوكرانيا، لكنه لم يتخذ أي إجراء مماثل ضد إسرائيل".

وأكدت أن تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال  كان "مطلبا لعشرات الآلاف من المتظاهرين في شوارع أوروبا".

وفي أيار/مايو الماضي، قرر الاتحاد الأوروبي بناء على اقتراح من هولندا، مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاحتلال التي تمنح تل أبيب امتيازات تجارية.

وبدعم أمريكي مطلق يرتكب جيش الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 185 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.

جهود مانون أوبري في فرض عقوبات أوروبية على دولة الاحتلال ستكون محور اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المزمع عقده في 23 يونيو/ حزيران الجاري، و "قد يشهد للمرة الأولى مناقشة احتمال فرض عقوبات على إسرائيل". بحسب قولها.
التعليقات (0)