في خضمّ التصعيد العسكري بين دولة
الاحتلال الإسرائيلي وإيران، باتت
طهران تلوّح من جديد بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فيما تؤكد أنّ برنامجها النووي ذو طابع سلمي، وإنّها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
وفي الوقت الذي دعمت فيه عددد من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذا الموقف
الإيراني، حيث لم تعثر حتى الآن على دليل يثبت امتلاك إيران للسلاح النووي. وجّهت الوكالة تحذيرا من كون مستويات تخصيب اليورانيوم في إيران يقترب من العتبة الأساسية لصنع سلاحٍ نووي، ما خلق جدلا دوليا مُتسارعا.
وتحت مزاعم منع إيران من تطوير السلاح النووي، ووضع حدّ لما وصفته بتهديدٍ مباشِر لأمنها، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، قبل أسبوع، علماء نوويين وقادة عسكريين، وقصفت في الوقت نفسه منشآت ومراكز ارتبطت ببرنامج إيران النووي، وذلك بحسب ما أوردته حكومة الاحتلال الإسرائيلي، عبر بيان لها.
في هذا التقرير، ترصد "عربي21" أبرز مُقتضيات معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وما الذي يعنيه انسحاب إيران منها؛ وسط النقاش الدّائر بخصوص إمكانية جولة مُحتملة من المفاوضات الجديدة في سلطنة عمان، بمشاركة مسؤولين إيرانيين وأمريكيين، لإحياء المحادثات بخصوص الملف النووي الإيراني.

ما الذي نعرفه عن المعاهدة؟
"حجر الزاوية في منظومة منع الانتشار النووي، ووضعت تحت رعاية الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية" هكذا توصف معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي انطلق التوقيع عليها خلال عام 1968، لتدخل حيّز التنفيذ في آذار/ مارس من عام 1970.
وبالعودة إلى نص المعاهدة، الذي يتألّف من 11 مادة، فإنّ الدول الأطراف قد اتفقت على إبرامها، آنذاك، وفقا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي دعت إلى اتّفاق دولي للحدّ من انتشار الأسلحة النووية. وتشدّد المعاهدة على أنّ: "أي حرب نووية ستخلّف دمارا شاملا للبشرية".
كذلك، بحسب المعاهدة نفسها، فإنّ: "تقليص انتشار هذه الأسلحة يساهم في خفض التوترات الدولية، وفي تعزيز الثقة بين الدول"، فيما تنصّ ديباجتها (المقدّمة) على: السعي لوقف إنتاج الأسلحة النووية، وتصفية المخزونات القائمة، مع إزالة وسائل إيصالها، في إطار نزع سلاح شامل وخاضع إلى رقابة دولية، وُصفت بـ"الصّارمة والفعّالة".
المعاهدة التي تهدّد إيران بالانسحاب منها، ترمي إلى: تنظيم امتلاك ونقل وتطوير الأسلحة النووية، كما أنّها تشجّع على الاستخدامات السلمية، فقط، للطاقة الذرّية.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قد قالت إنّ: "إيران باتت قريبة جدا من امتلاك قنبلة نووية، وذلك يستوجب على الولايات المتحدة إعادة التفكير في كيفية مراقبتها".
وأوضحت أنّ: "تقريرا جديدا -للمفتش النووي المخضرم ديفيد أولبرايت وزميلته سارة بوركهارد الباحثة في "معهد العلوم والأمن الدولي"- خلص لهذه النتيجة التي تؤكد أن طهران قطعت شوطا طويلا في هذا المجال، حتى إن تصنيعها لقنبلة نووية يمكن أن يحدث في أي وقت".
ووفقا للتقرير نفسه: "لقد تغير هذا على مدى العامين الماضيين، ولكن بشكل كبير في الأسابيع القليلة الفائتة. فقد سُمح لإيران بتخصيب اليورانيوم حتى نقطة الاختراق، كما قامت أخيرا بتوسيع مجمع محصن بالغ الأهمية بالقرب من قرية فوردو في محافظة قم جنوبي البلاد".
وأردف: "من المفارقات أن إيران بات بمقدورها الآن أن تتقدم بسرعة (في برنامجها)، في غضون أيام؛ باستخدام منشأة فوردو المبنية تحت الأرض".
وكانت إيران قد تراجعت بشكل تدريجي عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي التي تمّ إبرامه عام 2015 مع القوى الكبرى؛ عقب سحب ترامب بلاده منه في 2018 خلال ولايته الأولى وفرض عقوبات مشدّدة على طهران. ما جعلها بحسب عدد من التقارير المختصّة، المُتفرٍّقة، تسرّع من وتيرة أنشطتها النووية ونطاقها بشكل أكبر.
اظهار أخبار متعلقة
هذه هي الدول النووية..
كانت معظلم دول العالم، قد انظـمّت إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، منذ فتح باب التوقيع. وفي عام 1995، كان قد تمّ تمديد المعاهدة إلى أجل غير مسمّى. ويبلغ عدد الدول الأطراف في المعاهدة في الوقت الحالي: 191 دولة.
بين كافة الدول الموقّعة على الاتفاقية، التي تُعتبر: "الأكثر انتشارا" من حيث عدد الدول الموقّعة، توجد خمسة دول تمتلك سلاحا نوويا، وهي: الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، والصين. وذلك بحسب إجراء هذه الدول لتجارب نووية قبل 1 كانون الثاني/ يناير 1967، وهي أيضا الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
في المقابل، هي هي الدول التي لم توقّع على المعاهدة: إسرائيل (تعتبر بحكم الواقع دولة نووية، رغم على تأكيد امتلاكها للأسلحة النووية رسميا)، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية (انضمّت للمعاهدة عام 1985، وأعلنت انسحابها عام 2003، حيث أجرت عدّة تجارب نووية).
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال مؤتمر صحافي، قد قالت، إنّ: "إيران تمتلك كل المواد اللازمة لإنتاج سلاح نووي، وما ينقص فقط هو قرار من المرشد الأعلى، وإذا تم اتخاذ القرار، فإنتاج السلاح لن يستغرق سوى بضعة أسابيع".
هذه التزامات الدول النووية..
تلتزم الدول الموقّعة على منظومة منع الانتشار النووي، بعدد من البنود الأساسية، والتي تظلّ مُلتزمة بها، ما لم تُعلن عن انسحابها (وهو ما تهدّد به إيران في الوقت الرّاهن)، هذه أبرزها:
- عدم نقل أي سلاح نووي أو أجهزة نووية متفجّرة، أو تمكين أي طرف آخر من السيطرة عليها.
- عدم تشجيع أو مساعدة الدول غير النووية على تطوير أو امتلاك هذه الأسلحة.
- عدم تصنيع أو امتلاك أو تلقّي أسلحة نووية، أو السعي للحصول على مساعدة فنية في هذا المجال.
ماذا بالنسبة للدول غير النووية؟
في المُقابل، إنّ الدول غير النووية، تكون مُلزمة، كذلك، بتوقيع على ما يسمّى بـ"اتّفاقيات ضمانات" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، من أجل: ضمان عدم تحويل المواد أو التكنولوجيا النووية إلى أغراضٍ عسكرية.
ومن أجل التحقّق من الاستخدامات السلمية، تعمل الوكالة بعمليات تفتيش، مُنتظمة، للتأكيد على أنّه:
لا يجوز نقل أي مواد خام أو مواد انشطارية خاصة، أو معدات قد أعدّت خصيصا لاستخدامٍ نووي، إلى دولة غير نووية، ما لم تكن خاضعة إلى "نظام الضمانات".
أما بخصوص ما يجمع الطّرفين (الدول النووية والدول غير النووية)، بحسب المعاهدة نفسها، هو: الحق غير القابل للتصرف، في استخدام وتطوير الطاقة النووية من أجل أغراض سلمية، وذلك دون تمييز.
اظهار أخبار متعلقة
هذه شروط الانسحاب من المعاهدة..
أيضا، نجد أنّ "معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية" تمنح للدول الأعضاء، الحق في الانسحاب منها، إذا ما رأت أنّ ظروفا توصف بـ"الاستثنائية" قد أضرّت بمصالحها العليا؛ شريطة توجيه: إخطارٍ رسمي قبل ثلاثة أشهر إلى الأطراف الأخرى وأيضا إلى مجلس الأمن الدولي، مع توضيح كافة الأسباب.
"انتقادات للالتزامات".. كيف؟
بحسب كافة الالتزامات المفروضة على الدول الموقّعة على المعاهدة (كلتا الطّرفين)، نجد أنّ الدول "غير النووية" تفتح الباب لجُملة من الانتقادات، بالقول: إنّ الالتزامات المفروضة على الدول غير النووية أكثر صرامة من تلك المفروضة على الدول الحائزة للسلاح، ما يطرح خللا، واستفسارا بخصوص مدى التزام المعاهدة بمبدأ نزع السلاح الشامل، بشكل جدّي.