شهد
الاحتلال الإسرائيلي
خلال الأيام الثلاثة الماضية موجة غير مسبوقة من الهجمات الصاروخية
الإيرانية،
استهدفت المدن الكبرى والمناطق الحيوية، وأثرت بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية
والاجتماعية في الدولة.
فمع تصاعد وتيرة
الصواريخ التي تجاوزت مئات الصواريخ أطلقت باتجاه الأراضي المحتلة، واجه الاقتصاد
الإسرائيلي أضرارًا فادحة في عدة قطاعات حيوية، خاصة السياحة، والبنية التحتية،
والقطاع الصناعي، فضلاً عن تراجع ملحوظ في مؤشرات الأسواق المالية.
خسائر مالية
مباشرة تقدر بمليارات الشواكل
وفقًا لتصريحات
العميد (احتياط) ريم أميناخ، المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش
الإسرائيلي، فقد وصلت النفقات العسكرية المباشرة التي تتحملها إسرائيل في مواجهة
إيران إلى نحو 2.75 مليار شيكل (حوالي 733 مليون دولار) يوميًا خلال الأيام
الأخيرة فقط، بما في ذلك تكاليف العمليات الهجومية والدفاعية.
وبلغ إجمالي
النفقات في أول يومين من المواجهة نحو 5.5 مليارات شيكل (1.54 مليار دولار)، وهو
رقم يعكس حجم الضغط المالي الذي تتحمله الدولة جراء التصعيد.
وبحسب أميناخ،
فإن التكاليف الهجومية وحدها في الضربة الإسرائيلية الأولى على أهداف إيرانية
قُدرت بنحو 2.25 مليار شيكل (632 مليون دولار)، متضمنة ساعات الطيران والذخائر
المستخدمة.
في حين أن النفقات الدفاعية، والتي تشمل استخدام
منظومة القبة الحديدية لاعتراض
الصواريخ الإيرانية، بالإضافة إلى تعبئة قوات
الاحتياط، استنزفت الجزء الآخر من الميزانية.
هذه الأرقام لا
تأخذ في الاعتبار الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية والممتلكات، والتي
بدورها تتسبب في
خسائر اقتصادية إضافية تؤثر على قطاعات متعددة، بما في ذلك
الصناعة، النقل، والسياحة.
خسائر قطاع
السياحة
وفق تقارير
رسمية نشرتها وزارة السياحة الإسرائيلية، فقد شهد قطاع السياحة خسائر كبيرة بلغت
أكثر من 500 مليون شيكل خلال الأيام الثلاثة، بعد أن تراجعت نسبة الحجوزات
السياحية بنسبة 30 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأكد مسؤولون في
الوزارة أن شركات الطيران ألغت رحلاتها خاصة مع توقف الملاحة الجوية في مطار بن
غوريون الدولي، ما أدى إلى انخفاض عدد الزوار الأجانب بشكل كبير، لا سيما في مدن تل
أبيب والقدس.
القطاع السياحي
الذي يشكل أحد الأعمدة الرئيسية في الاقتصاد الإسرائيلي، والذي يسهم بحوالي 4.5
بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لنحو 250 ألف
شخص، وجد نفسه في مواجهة أزمة حقيقية.
وبحسب بيانات من
اتحاد الفنادق الإسرائيلي، فإن نسبة الإشغال في الفنادق انخفضت إلى مستويات قياسية
لم تشهدها منذ سنوات، مع إلغاء آلاف الحجوزات الجماعية، وتأجيل العديد من الرحلات
السياحية الداخلية والخارجية، خاصة مع بداية فصل الصيف الذي يلقي
نشاطا كبير في كل عام، كما تحولت الفنادق إلى ملاجئ للمستوطنين.
اظهار أخبار متعلقة
انهيار البينة التحتية
وفي السياق
نفسه، لم يكن قطاع البنية التحتية بمنأى عن تأثيرات التصعيد العسكري، فقد كشفت تقارير
من وزارة النقل الإسرائيلية أن أكثر من 12 كيلومترًا من الطرق السريعة والبنية
التحتية للنقل تعرضت لأضرار مباشرة جراء الصواريخ، ما أدى إلى تعطيل حركة الشاحنات
والبضائع الحيوية، وتأخير وصول المواد الخام والمعدات الصناعية إلى المصانع. تكلفة
هذه الأضرار وحدها قُدرت بحوالي 150 مليون شيكل، مع استمرار عمليات الإصلاح
الطارئة التي تواجه تحديات أمنية ولوجستية.
كما سجلت شبكات
الكهرباء انقطاعات متكررة في مناطق وسط وشمال البلاد، حيث أدت الهجمات إلى تضرر
بعض محطات توليد الطاقة، مما اضطر الحكومة إلى تطبيق خطط طوارئ لتوزيع الكهرباء،
مما أثّر على المصانع والمنازل على حد سواء، وشركة الكهرباء الوطنية الإسرائيلية
أعلنت أن تكلفة إصلاح هذه الأضرار قد تجاوزت 43 مليون دولار حتى الآن، مع احتمال
ارتفاعها في الأيام المقبلة إذا استمر التصعيد.
قطاع الصناعة
القطاع الصناعي
أيضاً لم يكن بعيدًا عن الأضرار، حيث توقفت العديد من المصانع في المناطق القريبة
من الحدود الشمالية بسبب خطر الهجمات الصاروخية، ما تسبب في خسائر مالية تُقدر
بنحو 80 مليون شيكل يوميًا في بعض القطاعات. تراجع الإنتاج أدى إلى تباطؤ في سلاسل
الإمداد، خاصة في المصانع التي تعتمد على واردات يومية من المواد الخام، كما أغلقت سلطات الاحتلال المصانع وتحويلها لملاجئ هي الأخرى.
تدهور الوضع
الأمني انعكس سريعًا على الأسواق المالية، حيث هبط مؤشر "تاسي" بنسبة
4.3 بالمئة خلال فترة التصعيد، وهو أدنى مستوى له منذ عدة أشهر.
كما تأثرت شركات
التكنولوجيا التي تعد من الأعمدة الاقتصادية، حيث شهدت انخفاضًا في أسعار أسهمها
بين 5 بالمئة و7 بالمئة، ما أدى إلى خسارة مئات ملايين الدولارات في القيمة
السوقية.
الخبراء
الاقتصاديون يؤكدون أن هذه الأزمة الأمنية قد تستمر في إلحاق الضرر بالاقتصاد
الإسرائيلي لفترة طويلة، حيث يتوقع أن يستمر تأثيرها السلبي على السياحة والبنية
التحتية لمدة قد تصل إلى 12 شهرًا، بحسب تقارير منظمة السياحة العالمية. كما أن
تأجيل الاستثمارات الأجنبية وزيادة الإنفاق على الدفاع والأمن قد يعقدان جهود
الحكومة لتعزيز النمو الاقتصادي.
على صعيد البنية
التحتية الرقمية، أدت الهجمات إلى تعطل مراكز اتصالات عدة، مما أثر على جودة خدمات
الإنترنت والهاتف في مناطق مختلفة.
اظهار أخبار متعلقة
وأعلنت شركات
الاتصالات عن تراجع في جودة الخدمة بنسبة تصل إلى 15 بالمئة، وسط محاولات مستمرة
لإصلاح الأضرار وتأمين الشبكات من أي هجمات مستقبلية.
كما لم تسلم
المرافق الصحية من التأثيرات، إذ تعرضت بعض المستشفيات لأضرار طفيفة نتيجة
الصواريخ، مما دفع إلى تقليص الخدمات في بعض الأقسام، وتحويل بعض الحالات الطارئة
إلى مناطق أخرى أكثر أمانًا.
هذه الأضرار
المتعددة الأبعاد تأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد الإسرائيلي تحديات خارجية
متزايدة، بينها ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع النمو الاقتصادي العالمي. وتعكس
الأرقام والإحصائيات حجم التحدي الذي تواجهه الدولة في سبيل الحفاظ على استقرارها
الاقتصادي والاجتماعي.