بعد مرور أيام على العدوان الإسرائيلي على
إيران، من الواضح أن المجال يبدو متاحا للتركيز على الاستخبارات التي كشفت أن إيران جمعت ما يكفي من القدرات للسماح لها بالحصول على أسلحة نووية في وقت قصير، حيث استعد
الاحتلال للرد الفوري، وتقرر تفعيل حالة الإنذار في كافة أنحاء دولة الاحتلال لوضع سكانها في "وضع الحرب".
يوآف ليمور الخبير العسكري في القناة 13، وضع جملة ملاحظات حول المواجهة الدائرة بين طهران وتل أبيب، أولها المفاجأة، فرغم أن الهجوم كان مطروحا في الأسابيع الأخيرة في ضوء تعثر مفاوضات الاتفاق النووي، وتزايد التقارير التي تفيد بأن الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم قد اكتملت، فإن إيران فوجئت مرتين، أولاهما بالقرار الإسرائيلي بالهجوم، عندما كان اللقاء القريب في عُمان مدرجاً على جدول الأعمال، وثانيهما من طبيعة الهجوم، الذي نزع قدراتها وأصولها بشكل منهجي كجزء من حملة تم التخطيط لها بدقة على مدى أشهر".
المفاجأة والاستعداد والهجوم
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن "الملاحظة الثانية هي الذكاء، فقد كانت إيران محط اهتمام الاستخبارات الإسرائيلية في العقود الأخيرة، لكن الأشهر الماضية شهدت تزايد التركيز بشكل كبير في ضوء وثيقة سرية أصدرها قبل شهرين رئيس الاستخبارات العسكرية شلومي بيندر، ذكرت أن إيران تكتسب قدرات كافية تسمح لها بالحصول على أسلحة نووية في وقت قصير، وتقترب من منطقة الحصانة التي ستجعل من الصعب مهاجمتها، أو حتى تحديد أفعالها في وقت مبكر".
وأوضح أن "هذه التقييمات الإسرائيلية انعكست بشكل كامل على موقف الأميركيين، الذين لم يختلفوا معهم، لكنهم اعتقدوا أنه ينبغي إتاحة مساحة إضافية للمفاوضات في محاولة لكبح البرنامج النووي، دون الحاجة لعمل عسكري".
وأشار أن "الملاحظة الثالثة هي الاستعدادات، فقد أدت المعلومات الجديدة لتسريع الاستعدادات للهجوم، وفي هذا الإطار، نفذ سلاح الجو وشعبة الاستخبارات والموساد سلسلة من العمليات التمهيدية التي تهدف لتهيئة الأرض من الناحية العملياتية والاستخباراتية، وكشف الموساد عن جزء من نشاطه الذي نفذ بعضه على الأراضي الإيرانية".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "النصيب الأكبر للهجوم، الذي لم يتم الكشف عنه بعد، يعود إلى سلاح الجو الذي قاد أكبر وأعقد عملية في تاريخه، بالتعاون الوثيق مع شعبة الاستخبارات، وهي القضية الرئيسية الموجودة على مكتب رئيس الأركان إيال زامير منذ توليه منصبه".
عائلات الأهداف المنتقاة
وأكد أن "الملاحظة الخامسة هي الهجوم، حيث تم تصنيف الأهداف إلى عدة عائلات، أولاها المنشآت النووية، وفي مقدمتها منشأة التخصيب في نطنز، وأهداف أخرى مرتبطة بالبرنامج النووي، وثانيها العلماء النوويوّن حيث تقود مديرية الاستخبارات جهوداً لتحديد الشخصيات الرئيسية في البرنامج النووي من أجل ضربهم، وثالثها أنظمة الدفاع، خاصة الدفاع الجوي، لإخراجها من الخدمة من أجل السماح للقوات الجوية بحرية العمل الكاملة".
وأوضح أن "العائلة الرابعة من الأهداف الإيرانية هي قواعد الصواريخ والطائرات المسيرة، التي تعرضت للهجوم لتقليص قدرة إيران على الرد، وتهديد العمق الإسرائيلي، وخامسها كبار الشخصيات في المؤسسة الأمنية، الذين يؤدي القضاء عليهم لخروج النظام عن التوازن فترة من الزمن، وتم مهاجمتهم باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة".
وأكد أن "الملاحظة السادسة هي نتائج الهجوم، وتعرض منشأة نطنز لأضرار بالغة، والقضاء على معظم العلماء النوويين المستهدفين، أكثر من عشرة، وستواجه إيران صعوبة بالعثور على بدائل لهم في المستقبل القريب، فيما يقف نظام الدفاع الجوي صامتا بشكل شبه كامل، مما يسمح للقوات الجوية الإسرائيلية بالتحليق بحرية في إيران".
الرد الإيراني والجدول الزمني
وأشار أن "الأضرار التي لحقت بقواعد الصواريخ والطائرات بدون طيار أكبر من المتوقع، مما أدى لتعطيل إطلاق النار المخطط له، حيث تم اعتراضها قبل وصولها لإسرائيل، فيما أتت تصفية الشخصيات البارزة في المؤسسة الأمنية واسعة النطاق، بما فيها في الحرس الثوري والجيش وأجهزته الطارئة وآلياته الأخرى".
وأوضح أن "الملاحظة السابعة هي الرد الإيراني، حيث اتخذت دولة الاحتلال الاستعدادات له، وتقرر إطلاق ناقوس الخطر في جميع أنحاء الدولة لوضع السكان بالكامل في "وضع الحرب"، ويبدو أن الجمع بين ضرب أنظمة الإطلاق والشخصيات الرئيسية، مع التركيز على كبار قادة القوات الجوية للحرس الثوري، أدى لإغراق النظام الإيراني في حالة من الفوضى، وتعطيل عمليات صنع القرار في الوقت الحقيقي".
وأشار أن "الملاحظة الثامنة هي التكملة، حيث تعمل القوات الجوية وفق خطة ممنهجة تم إعدادها مسبقًا، وسمح تحييد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية لها بالحصول على التفوق الجوي، والقدرة على العمل بحرية، وهذا لا يعني فقط تقليل المخاطر على الطائرات والطيارين، بل توصيل المزيد من الذخائر بدقة أكبر للهدف، ومن شأنه السماح للاحتلال بتعميق الضرر الذي يلحق بمواقع البنية التحتية التي تم تحديدها مسبقًا، والتحرك لمهاجمة مواقع إضافية لم يتم استهدافها بعد".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أن "الملاحظة التاسعة هي الجدول الزمني، حيث تقدر إسرائيل أن الجزء المكثف الحالي من الحملة سيستمر عدة أيام، ثم تنفيذ ضربات مستهدفة إضافية، مع خفض مستوى الاستعداد واليقظة بشكل كبير، ما لم تتمكن إيران من تنفيذ هجمات مضادة كبيرة، مع أن احتمال حدوثه ضئيل مع تعمق هجمات الاحتلال، وحرص حزب الله في الخلفية على عدم الانضمام للحملة، وقدرة الحوثيين محدودة للغاية".
وأشار أن "الملاحظة العاشرة هي الطموح، حيث يأمل الاحتلال أن تؤدي الحملة لاضطرابات داخلية في إيران، تؤدي في نهاية المطاف للإطاحة بالنظام، رغم إعلان المتحدث باسم الجيش أن الحرب لا تستهدفه، لكن تصريحات رئيس الوزراء تضمنت تلميحات لذلك، ومن غير الواضح مدى إمكانية تحقيقه، فيما يركز الاحتلال على الهدف الذي حدده لنفسه، وهو إلحاق ضرر كبير بالبرنامج النووي من أجل تأخيره لسنوات عديدة، وبرنامج إنتاج الصواريخ والطائرات بدون طيار لتقليل التهديد الذي سيشكله على إسرائيل في السنوات المقبلة".