"لن يؤدي ذلك (قتله) إلى تصعيد بل سينهي الصراع " (بنيامين
نتنياهو ردا على سؤال من مذيعة قناة إيه بي سي عن اغتيال علي
خامنئي وما قد يسببه
من تصعيد للموقف مع
إيران).
"هذا نظام ضعيف جدا، وهو يدرك الآن مدى ضعفه، قد نشهد تغييرات كثيرة
في إيران " (بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفيين لمراسلين إسرائيليين).
"إن أحدا لم يتوقع انهيار الاتحاد السوفييتي ولا نظام بشار في سوريا
إلا بعد وقوعه" (بنيامين نتنياهو في برنامج تلفزيوني إيراني معارض).
على ما يبدو فإن محاولة القضاء على البرنامج
النووي الإيراني قد باءت
بالفشل بعد مرور خمسة أيام من الحرب المعلنة على إيران، وبالتالي أراد الإرهابي بنيامين
نتنياهو أن يداري الفشل المحتمل للعملية والتي كان هدفها المعلن هو الملف النووي
الإيراني؛ ليصبح الهدف اغتيال رأس النظام علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة
الإيرانية، وقد يكون ما أُعلن هو عملية تمويه للهدف الذي كان غير معلن مع بدء
الحرب وبات مع مرور الوقت معروفا ومعلنا من جانب الكيان الصهيوني، وهو إسقاط
النظام الإيراني.
أراد الإرهابي بنيامين نتنياهو أن يداري الفشل المحتمل للعملية والتي كان هدفها المعلن هو الملف النووي الإيراني؛ ليصبح الهدف اغتيال رأس النظام علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وقد يكون ما أُعلن هو عملية تمويه للهدف الذي كان غير معلن مع بدء الحرب وبات مع مرور الوقت معروفا ومعلنا من جانب الكيان الصهيوني، وهو إسقاط النظام الإيراني
هذا الأمر ليس جديدا على ما تقوم به دولة الكيان وأمريكا، المحرك الرئيس
والداعم الأكبر للإرهاب في العالم، حيث إن أمريكا قامت بغزو العراق بحجة وجود
أسلحة كيماوية تبين للعالم أنها غير موجودة، وتم إسقاط النظام بدون مبرر ولا حجة
قانونية ولا شرعية، وبدعم عربي واضح وصريح، ودُفنت أكذوبة الأسلحة الكيماوية إلى
جوار أكاذيب عدة قيلت عن جرائم النظام، وتبين للعالم أن جرائم صدام لا تزن مثقال
ذرة إذا ما قورنت بجرائم الأمريكان في أفغانستان والعراق، ولا تزن معشار ذلك من
جرائم الصهاينة في فلسطين.
في تقديري أن ما قام به الموساد المتوغل في الجسد الإيراني من اغتيالات
لقادة عسكريين وعلماء نوويين ومستشارين قد أغرى نتنياهو؛ الذي يحاول جاهدا إقناع أمريكا
بقدرته على القضاء على رأس النظام كما فعل مع رأس حزب الله في لبنان، وأن القضاء
على المرشد الأعلى يعني نهاية حكم آيات الله في إيران، وهي فكرة تستحق المناقشة من
جانب الأمريكان الذين أبدوا رفضا غير قاطع حتى اللحظة، لكن وكما جاء في تقرير نشر
الثلاثاء على موقع "أكسيوس"، فإن الأمريكان يرون أن دولة الكيان مرتاحة
أكثر منهم لفكرة تغيير النظام ولفكرة تدمير إيران.
الرد العسكري الإيراني كان ضخما وكبيرا ولم يسبق لدولة الاحتلال أن تلقت
مثل هذه الضربات الموجعة، ما اضطر رعايا الكيان للهروب إلى الملاجئ التي لم تعد
تكفيهم، كما أن دولة الكيان قامت بمنع هروب الرعايا للخارج حتى لا تصبح الفضيحة
بجلاجل كما نقول، وساعتها سيقال لم تفلح دولة الكيان في تهجير الفلسطينيين من
أراضيهم وجاءت صواريخ إيران لتجبر رعاياها على الهروب والعودة إلى حيث أتوا، لكن
هذا لا يكفي لوقف الخطة العسكرية الأمري-صهيونية، والمتمثلة في إما في استسلام
النظام لإنذارات ترامب وتسليم النووي والعيش بقية العمر مكسور الجناح وعدم التفكير
في امتلاك أسباب القوة في مواجهة عدو يمتلك القوة ويسمح له بالمزيد، والخيار الآخر
هو تدخل أمريكا عسكريا إن لم تستسلم إيران باتفاق التخلي عن النووي، والتدخل لن
يكون من أجل تدمير النووي كما يزعمون بل لتغيير النظام كما يخططون.
التشابك بين النووي والنظام معقد مثل تشابك الحكم في إيران بالمنهج الشيعي،
فلا يمكن الفصل بين إيران السلطة وإيران التشيع، ولا يمكن ضمان بقاء النظام بدون
إنجاز المشروع النووي الذي راهن عليه آيات الله كسلاح للبقاء في عالم لا يعترف إلا
بالقوة وبالأقوياء، وهي الفكرة التي استمدت منها الأذرع العسكرية في لبنان والعراق
واليمن، وأعتقد أن خسارة النووي سوف يعني خسارة إيران الإسلامية كل مكتسباتها، هذا
لو اقتصر الأمر على النووي، فما بالك لو تم استهداف النظام نفسه فما مصير أتباعه
وأعوانه وأذرعه؟ الإجابة مخيفة بالطبع.
لكن هل دخول أمريكا الحرب عبر إنذارات ترامب وتصريحاته التي تشوش على إيران
وتجعل العالم يقف على أطراف أصابعه؛ يعني أن الحرب باتت قابت قوسين أو أدنى من خط
النهاية؟
أعتقد أن تغيير النظام عملية صعبة ومعقدة وإن لم تكن مستحيلة، والتلويح بها
علانية هو من باب الحرب النفسية التي تفعلها دولة الكيان مرارا كما فعلت في حربها
على غزة؛ فلا هي حررت الأسرى ولا هي استطاعت استبدال قوى سياسية بحماس في إدارة
القطاع، ولا هي أوقفت المقاومة المستمرة والمستعرة رغم التفوق العسكري، وهي تجربة
ملهمة للجماعات والتنظيمات؛ فما بالك بإيران الدولة القديمة والعريقة في المنطقة
والعالم. لذا لا أعتقد أنه بمقدور لا أمريكا ولا دولة الكيان تغيير النظام على
الأقل في هذه المرحلة من الحرب، وأن أمريكا والكيان يمارسان ضغوطا هائلة على إيران
لوقف ضرباتها المؤثرة على المدن والمنشآت الحيوية في دولة الكيان.
لا أعتقد أنه بمقدور لا أمريكا ولا دولة الكيان تغيير النظام على الأقل في هذه المرحلة من الحرب، وأن أمريكا والكيان يمارسان ضغوطا هائلة على إيران لوقف ضرباتها المؤثرة على المدن والمنشآت الحيوية في دولة الكيان
ونعود إلى البرنامج النووي الإيراني وهل يمكن تدميره بالضربات الجوية
الصهيونية أو حتى بالمقاتلات الجوية الامريكية والقنابل التي تزن 5000 رطل، وأزعم
وفق ما قرأته من تقارير أن مثل هذه الضربات بمقدورها تأخير تطوير القنبلة النووية
لكن ليس من شأنها وقف البرنامج النووي، وترامب يعلم ذلك ولذلك فهو يترك الباب
مفتوحا أمام العودة للمفاوضات، مع علمه بأن المفاوض الإيراني لن يتزحزح قيد أنملة
عن حق بلاده في امتلاك النووي السلمي بينما أمريكا ترى حرمان إيران من النووي
عموما.
إذن فإن ما يجري لن يحسم الأمور ويمكن أن تتحول الحرب إلى حرب استنزاف بين
صواريخ إيرانية وقاذفات صهيونية، لحين تدخل من يهمه الأمر في العالم لوقف هذا
العدوان الصهيوني الأمريكي على دولة مسلمة.
فمن الذي يهمه الأمر؟ قد يكون العرب وخصوصا عرب الخليج معنيين بالأمر من
ناحية المسألة الجغرافية، ولكنهم وعن يقين ليسوا معنيين بها لا سياسيا ولا أمنيا
إلا من باب حماية العروش مقابل الدراهم والقروش، ولو عدت لمقالي السابق (نشر بموقع
عربي21) لعلمت أن الدول العربية حتى وإن توفرت لديها الرغبة فليس لديها القدرة على
فعل شيء، وقد رأينا عجزها عن إدخال الطعام والشراب والدواء لشعب مسلم محاصر على
بعد بضع كيلومترات عن مساجدهم؛ التي يتلى فيه القرآن وتقام فيها الصلوات ويرفع
فيها الآذان خمس مرات.
العرب غير معنيين بما يدور؛ من زاوية إما أنهم باعوا وخانوا أو تم تخدير
ضمائرهم ومشاعرهم الإنسانية ناهيك عن التزاماتهم الدينية تجاه إخوانهم العرب
والمسلمين، وقد أزيدك من الشعر بيتا بخصوص دور عرب الخليج فيما يجري من عدوان على
إيران، فقد مُنعت (أو ما زالت تفكر) منظمة التعاون الإسلامية ومقرها السعودية من
عقد إجتماع لها ولم يخرج عنها بيان تضامني مع إيران، واكتفت عشرون دولة عربية
وإسلامية بإصدار بيان إدانة مشترك لا يلزمها بفعل أي شيء. ولا أستبعد أن تعليمات
أرسلت لدول الخليج بالاكتفاء ببيان إدانة لحين حسم الأمور، لكن هذه الدول سمحت
لمجموعة ممن يسمون زورا رجال الدين بالهجوم على إيران وتمني انتصار دولة الكيان
بحجة أن صاحب العقيدة الصحيحة عليه أن يناصر أهل الكتاب على أصحاب العقيدة الباطلة
والمشركين، يعني بهم الإيرانيين.. هل رأيتم إلى أي حضيض وصلنا؟