كشفت الصحفية الإسرائيلية في صحيفة "
معاريف" العبرية٬ آنا بارسكي٬ عن دور غير معلن لشخصية أمريكية من أصل فلسطيني تُدعى بشارة
بحبح، وصفته بأنه "وسيط الظل" الذي يتحرك في المساحات الرمادية بين الدوحة وواشنطن، من خلال قنوات غير رسمية تربطه بقيادة حركة
حماس والمقربين من الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب.
وقالت بارسكي إن بحبح، المولود في القدس عام 1958 لعائلة مسيحية معروفة، بدأ مسيرته الصحفية من خلال تأسيس صحيفة "العودة" بالشراكة مع ريموند الطويل، والدة سهى عرفات.
وأوضحت أن الصحيفة كانت تحت رقابة مشددة من وزارة الدفاع الأمريكية بسبب تقارير عن علاقتها بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وأضافت أن بحبح واصل دراسته في جامعة هارفارد، حيث برز كباحث في قضايا الشرق الأوسط، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى العمل السياسي والدبلوماسي، وكان عضواً في الوفد الأردني الفلسطيني لمحادثات مدريد.
تحوّل سياسي باتجاه ترامب
وذكرت بارسكي أن بحبح كان في بداياته من مؤيدي الحزب الديمقراطي، غير أن خيبته من سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما تجاه الفلسطينيين دفعته إلى تغيير ولائه السياسي.
وأكدت أنه انضم في عام 2024 إلى حملة ترامب وأسس حركة "العرب الأمريكيين من أجل ترامب"، في خطوة تعكس تحوّله من الفكر اليساري إلى مقاربة براغماتية تُركز على النفوذ.
صرحت بارسكي بأن بحبح يشغل اليوم موقعًا غير رسمي لكنه محوري في قنوات الاتصال بين قيادة حماس، وبشكل خاص خليل الحية، وبين مستشار ترامب المقرب ستيف ويتكوف. وأوضحت أن هذه القنوات تتم دون تنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، ما أثار قلق المؤسسة الأمنية والسياسية في تل أبيب.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب بارسكي، فإن الاتصالات التي يديرها بحبح لا تهدف إلى فرض شروط إسرائيلية، بل تسعى لصياغة تفاهمات عملية تشمل قضايا إنسانية وأمنية، من بينها إيصال المساعدات إلى قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى٬ والتي كان منها إطلاق سراح الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
"المساعدات مقابل الإفراج"
أوضحت بارسكي، نقلاً عن تقرير لمركز القدس للسياسات التطبيقية، أن بحبح كان شريكًا في صياغة ما بات يُعرف بـ"المعادلة الجديدة"، التي تربط بين تقديم مساعدات إنسانية لغزة وبين الإفراج عن أسرى يحملون الجنسية الأمريكية. وأكدت أن هذه الصيغة نالت دعمًا من كل من حماس والدوحة، وتتماهى مع أولويات ترامب الانتخابية التي تُعلي من شأن "الرهائن الأمريكيين" في معادلات الحرب والسلام.
وأشارت بارسكي إلى أن بحبح ليس رجل دين، بل يحمل توجهات فكرية راسخة من السبعينيات والثمانينيات، تتمثل في مناهضة الاستعمار والدفاع عن حقوق الأقليات.
وذكرت أنه في مقالات كتبها في صحيفة هآرتس، وصف إسرائيل بأنها "دولة استعمارية ترتكب جرائم ضد الإنسانية".
مع ذلك، لفتت بارسكي إلى أن بحبح أظهر في السنوات الأخيرة براغماتية سياسية واضحة، إذ أيد "اتفاقيات أبراهام"، واعتبر رفض الفلسطينيين لـ"صفقة القرن" التي قدمها ترامب بأنه "خطأ فادح".
وأضافت أن هذه المواقف المختلطة، مع علاقاته الوثيقة بكبار المسؤولين الفلسطينيين، وبينهم سهى الطويل وقيادات في حماس، تجعل منه شخصية مؤثرة في مفاوضات تجري غالباً خلف الأبواب المغلقة.
اظهار أخبار متعلقة
تحذير من تفكيك التنسيق مع واشنطن
وقالت بارسكي إن رئيس قسم الأبحاث في مركز القدس للسياسات التطبيقية، ران يشاي، حذر من خطر الجهات التي تحاول تقويض التنسيق الإسرائيلي-الأمريكي من خلال خلق تمايز زائف بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ونقلت عنه القول إن هناك تلاقياً بين تيارات الانعزالية الأمريكية، الرافضة للتحالف مع إسرائيل، وبين دوائر مؤيدة لقطر والفلسطينيين، تسعى إلى منع إسرائيل من تحقيق نصر عسكري حاسم في غزة.
وختامًا، شددت بارسكي على أنه رغم الدعم الامريكي المتواصل لإسرائيل في معركتها مع إيران، فإن الساحة الفلسطينية تخضع لحسابات مختلفة.
واعتبرت أن بحبح، وإن بدا غائبًا عن الواجهة حالياً، قد يجد لحظته المناسبة للعودة عبر قناة تبادل أسرى جديدة، ترعاها قطر وتُبرز دوره من جديد كوسيط ظل يتمتع بنفوذ صامت لكنه فعال.