زعمت الصحفية الإسرائيلية سمدار بيري، المراسلة ومحللة الشؤون العربية في صحيفة "
يديعوت أحرونوت" العبرية، أن المرشد
الإيراني الأعلى علي
خامنئي يعيش في عزلة خانقة داخل قصره المعروف باسم "
جولستان" – أو "قصر الورود" حسب الترجمة – الواقع في جنوب العاصمة
طهران، بعد أن تلقت منظومته الأمنية والعسكرية ضربات قاسية نفذها الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة.
وأوضحت بيري أن قصر جولستان الذي بُني في القرن السادس الهجري، كان مقرًا للشاه محمد رضا بهلوي حتى عام 1979، ثم انتقل إليه آية الله الخميني عقب الثورة الإسلامية، ومنذ عام 1989 يُعد مقرًا دائمًا لعلي خامنئي.
وأكدت بيري أن القصر يتكون من سبعة مبانٍ رئيسية، وتحتها حفرت شبكة أنفاق واسعة تُستخدم لنقل المركبات والأسلحة الثقيلة، على غرار أنفاق "حماس" في قطاع غزة و"حزب الله" في لبنان.
وأضافت أن هذه الأنفاق تُستخدم بالأساس لتنقل المقربين من خامنئي بسرية داخل البلاد أو إلى خارجها.
تفتيش ثلاثي ولقاءات سرية
وأشارت بيري إلى أن خامنئي لا يغادر القصر إلا نادرًا، وأن جميع اللقاءات مع المسؤولين والضيوف سواء العلنيين أو السريين تُعقد في الداخل، ويخضع كل من يدخل إلى ثلاث جولات من التفتيش الأمني المكثف. كما يخضع الموظفون والعاملون لفحوصات يومية خشية اختراق أمني محتمل من "العدو"، بحسب وصفها.
وكشفت بيري أن الهجوم الذي نُفذ مؤخرًا بطائرات إسرائيلية، بالتعاون بين سلاح الجو وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" والموساد، أدى إلى اغتيال عدد كبير من القادة البارزين في النظام الإيراني.
وأكدت أن القتلى شملوا قائد الحرس الثوري، وقادة في سلاحي البحرية والجوية، إضافة إلى تسعة من كبار علماء البرنامج النووي الإيراني.
وأضافت أن هذه الضربات تركت خامنئي معزولًا ومحاصرًا، يتساءل في سره: كيف وصلت هذه المعلومات الدقيقة إلى أيدي الإسرائيليين؟ ومن أين اخترقوا هذا الجدار الأمني الذي ظن أنه محكم؟
اظهار أخبار متعلقة
خلافة غامضة
وقالت بيري إن بعض المناصب التي خلت جراء الاغتيالات تم ملؤها بأشخاص كانوا ينتظرون دورهم منذ سنوات، لكنهم يفتقرون إلى الخبرة الغنية التي امتلكها القادة الذين تم تصفيتهم.
وأشارت إلى أن خطاب خامنئي بمناسبة "عيد الغدير" كان مرتقبًا، إلا أن ظهوره قد أُلغي فجأة، ما يعكس أجواء الذعر والتوتر داخل النظام.
وفي ما يتعلق بخلافته، أكدت بيري أنه لا يوجد مرشح واضح لتولي منصب "المرشد الأعلى" بعد خامنئي، وأن الاسم الوحيد المتداول هو نجله مجتبى، رغم افتقاره للخبرة الدينية والسياسية اللازمة.
وأضافت أن مجلس الخبراء يرفض حتى الآن فكرة تعيينه، بسبب الطابع "غير الشوري" للتوريث.
وقالت بيري إن حلفاء إيران بدأوا بالتراجع؛ فبينما لا تزال الصين وكوريا الشمالية تمدان طهران بالسلاح والبضائع، فإن روسيا لم تعد ملتزمة كما كانت سابقًا.
أما قطر والإمارات، فمواقفهما من إيران هشّة، بينما تعمق السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان علاقاتها بالبيت الأبيض، وخصوصًا في عهد الرئيس ترامب.
وأضافت أن الشعب الإيراني، البالغ عدده أكثر من 90 مليون نسمة، لا يزال يتوق إلى التغيير، لكنه لا يخرج إلى الشوارع، بسبب قبضة الحرس الثوري، والجيش، وميليشيا الباسيج، التي تتسلل إلى الاحتجاجات وتخنقها من الداخل٬ حسب رأيها.
وختمت بيري تقريرها بالإشارة إلى أن خبراء أمريكيون يؤكدون أن الاحتلال الإسرائيلي اختار عدم اغتيال خامنئي رغم قدرتها على ذلك، لأنه يفضل تركه ينهار تحت وطأة المرض والضغوط الداخلية، بدلاً من خلق فراغ خطير في قمة السلطة قد يدفع إيران إلى مزيد من التطرف.
وأشارت إلى أن خامنئي، رغم كل هذه الظروف، لا يزال يُغرد عبر منصة "إكس"، مهددًا الاحتلال الإسرائيلي بقوله: "هذا الخطأ الفادح سيحول الكيان الصهيوني إلى بائس". ومع ذلك، تضيف بيري، فإن الوضع في إيران ما زال غير محسوم، والمرحلة المقبلة حبلى بالمفاجآت.