حقوق وحريات

تصعيد أمني وقضائي مثير ضد التيار المدني في مصر.. ملاحقات وتجديد حبس

تواصل السلطات الأمنية والقضائية قراراتها التصعيدية بحق المعارضين السياسيين والحقوقيين والصحفيين- جيتي
تواصل السلطات الأمنية والقضائية قراراتها التصعيدية بحق المعارضين السياسيين والحقوقيين والصحفيين- جيتي
بينما يطالب ناشطون وسياسيون معارضون رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بفتح المعتقلات والإفراج عن المعتقلين وإطلاق مصالحة وطنية، تضغط السلطات الأمنية بشدة على المعارضة المدنية المصرية، والتي خفت صوتها منذ الانقلاب، عام 2013.

ودعا الناشط شادي الغزالي حرب، السيسي، لـ"فتح المعتقلات ومصالحة الشعب"،  قائلا: "ليس لك سند غيره"، ومؤكدا أنه "مصدر قوة مصر التي لا يقدر أن ينافسها فيه هو شعبها".



ولم تستجب السلطات المصرية لعشرات النداءات السابقة من سياسيين مقربين من النظام ومعارضين له، رغم ما حملته تلك المطالبات من حديث عن ما تواجهه البلاد من ضغوط اقتصادية ومالية داخلية، وأزمات خارجية تهدد الأمن القومي المصري، في غزة شرقا، وليبيا غربا، والسودان جنوبا، وفي المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

اظهار أخبار متعلقة


"تصعيد أمني"

وفي المقابل، تواصل السلطات الأمنية والقضائية قراراتها التصعيدية بحق المعارضين السياسيين والحقوقيين والصحفيين، في قرارات وصفها حقوقيون بأنها غير مبررة، وتكشف عن تمسك النظام المصري بسياساته الأمنية القمعية المتبعة منذ 12 عاما.

والخميس الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا المصرية، استدعاء الإعلامية والمتحدثة باسم حزب "تيار الأمل" رشا قنديل، للتحقيق يوم الأحد المقبل، في القضية (رقم 4196 لسنة 2025) حصر أمن الدولة، والتي لم تتضح معالمها، وفق إعلان محاميها خالد علي.

قنديل، المذيعة السابقة في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، والتي يجري استدعائها للتحقيق وفق البعض على خلفية مجموعة من المقالات في موقع "سطور"، انتقدت فيها الجيش المصري ومنها: "لمن تشتري مصر كل هذا السلاح؟، علقت قائلة إنه: "أشرف خطاب وُجِّه لي في حياتي".



استدعاء قنديل، سبقه في 26 نيسان/ أبريل الماضي، استدعاء زوجها السياسي أحمد الطنطاوي من محبسه بسجن العاشر من رمضان للتحقيق معه بقضيتين جديدتين، وسط مخاوف من عدم إخلاء سبيله الثلاثاء المقبل 27 أيار/ مايو الجاري بعد انتهاء سنة حبسه، في قضية "التوكيلات الشعبية" التي وصفها محاموه بالمسيسة على خلفية محاولته الترشح للانتخابات الرئاسية 2023، بمواجه السيسي.

اظهار أخبار متعلقة


وفي الوقت الذي توقع فيه حقوقيون عدم الإفراج عن الطنطاوي وتدويره في قضايا جديدة، توقع الكاتب الصحفي جمال سلطان، أن تنتهي التحقيقات مع الإعلامية رشا قنديل بقرار إخلاء سبيلها بكفالة 10 آلاف جنيه، مع توجيه الاتهام لها بإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا لما أسماه: "قرصة أذن، ورسالة تهديد أولى، لإجبارها على الصمت".


 
"عقاب المعارضة"
وفي السياق، قررت محكمة الجنح الاقتصادية بالقاهرة، حبس الناشط والناشر والكاتب والمعارض السياسي هشام قاسم، 6 أشهر غيابيا مع الشغل، وغرامة 20 ألف جنيه، رغم أنه أُدين في أيلول/ سبتمبر 2023، في قضية أخرى تتعلق بالمنشور نفسه موضوع الاتهام في القضية الصادر فيها الحكم مؤخرا، والذي انتقد فيه الوزيرين السابقين كمال أبوعيطة وناهد عشري.

الملاحقات القضائية المتكررة لهشام قاسم، وصدور أحكام متتالية بحقه في قضايا تتعلق بتعبيره السلمي عن الرأي وصفته 24 منظمة حقوقية بأنه "يكشف تصعيدا خطيرا في حملة السلطات المستمرة لإسكات الأصوات الناقدة ومعاقبة المعارضة السياسية"، و"يكرس لنمط متصاعد من القمع العابر للحدود للمعارضين".

والأربعاء الماضي، قرر جهاز الأمن الوطني مصادرة جواز سفر المدير التنفيذي لمؤسسة "حرية الفكر والتعبير" محمد عبد السلام، بحسب بيان للمنظمة الحقوقية قالت إنه "توقيف غير قانوني" في مطار القاهرة، عقب عودته من العاصمة الألمانية برلين.

والخميس الماضي، كشفت الناشطة رفيدة حمدي، عن استمرار المعتقل السياسي محمد عادل في إضرابه عن الطعام منذ مطلع الشهر الجاري، اعتراضا على عدم استكمال إجراءات دخوله امتحان الفصل الدراسي الثاني دبلومة القانون العام، كلية الحقوق جامعة المنصورة.

اظهار أخبار متعلقة


"تحرك بريطاني"
وفي ملف حقوقي مثير، اتصل الجمعة، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالسيسي، لمناقشة ملف السجين المصري بريطاني الجنسية علاء عبدالفتاح، الذي تواصل والدته ليلى سويف الاحتجاج أمام مقر الحكومة البريطانية "10 داوننغ ستريت" بالعاصمة لندن، منذ الثلاثاء الماضي.

وتواصل السلطات المصرية احتجاز عبدالفتاح، أحد نشطاء ثورة يناير، رغم انتهاء محكوميته 5 سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، وترفض منذ أيلول/ سبتمبر 2024، إخلاء سبيله.

"موجة حبس"
والأسبوع الماضي، جرت موجة تجديد حبس واسعة لعدد من الصحفيين والناشطين، وبينهم مدير التحرير بقناة "MBC مصر" الصحفي خالد ممدوح، والصحفي أحمد بيومي، ونائب رئيس حزب "مصر القوية" السياسي محمد القصاص، والناشط السياسي أحمد حمدي السيد سليمان، الشهير بـ"جيكا".

والناشط السياسي يوسف علي عبدالرحمن، الشهير بـ"جو الأسطورة"، والناشط هيثم أحمد عبدالعزيز، الشهير بـ"هيثم دبور"، والمحامية فاطمة الزهراء غريب، والناشطة نورهان أحمد دراز، وفق "المفوضية المصرية للحقوق والحريات".

والأربعاء الماضي، قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم بدر، تجديد حبس الكاتب الصحفي سيد صابر، على ذمة القضية رقم 6499 لسنة 2024، في إجراء وصفته "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان"، بأنه "مؤشر واضح على تزايد استهداف حرية التعبير".

والثلاثاء الماضي، جددت محكمة جنايات القاهرة، حبس نورهان السيد أحمد دراز، 45 يوما على ذمة القضية رقم 3528 لسنة 2024، إثر اعتقالها 5 آب/ أغسطس 2024، لانتقادها الأوضاع الاقتصادية والسياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفق "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".

والاثنين الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا، تجديد حبس الناشطة المدافعة عن حقوق الإنسان مروة سامي أبوزيد، (44 عاما)، على خلفية اتهامات تتعلق بـ"نشر أخبار كاذبة"، و"تمويل جهات محظورة"، فيما يقضي زوجها، عبدالرحمن محمد حسن دابي، عقوبة السجن المؤبد منذ اعتقاله نيسان/ أبريل 2014، وفق الشبكة المصرية لحقوق الإنسان.

اظهار أخبار متعلقة


"لا يجيد غير طريقة القشلاء"
وحول أسباب هذا التصعيد الأمني والقضائي ضد التيار المدني ودلالاته، ومدى علاقته بقرب انعقاد انتخابات البرلمان في الصيف والخريف المقبلين، ومخاوف رأس النظام التي تدفعه لهذا التصعيد رغم حالة الاستكانة والخضوع من التيار المدني، تحدث الناشط السياسي هشام قاسم، لـ"عربي21".

وقال: "أقرب افتراض هو أنه شخص غير مؤهل لمنصب مثل هذا، ويعاني من انعدام الثقة في نفسه لأنه غير مؤهل لهذا المنصب؛ والحل الوحيد عنده أن يطبق المدرسة الإدارية التي يجيدها وهي المعسكر أو القشلاء، فلا يتعامل مع أي معارضة أو أي شخص سوى بالقمع".

ويرى قاسم، أن "دعوات البعض له لإخلاء سبيل المعتقلين ومنها نداء شادي الغزالي حرب، هو كلام لن يأخذ به، لأنه غير مؤهل من الأساس أن يفعله، لأنه غير مؤهل أصلا للحكم، لو هناك شخص مؤهل للحكم لأفرج عن هؤلاء وخطا نحو مصالحة وطنية، ولكنه كما قلت غير مؤهل وليس لديه حل غير القمع والبطش بأي معارض".

وفي تعليقه على ما يثار من أنباء حول الأوضاع الاقتصادية والمالية وآخر الأخبار التي تقول بتراجع رغبة الأجانب في الطروحات العامة لما لديهم من مخاوف، وما صدر من بيان عن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة أدان ملف مصر الحقوقي، قال إنه "لايهمه سوى الحفاظ فقط على الكرسي".

وأوضح أنه "حاليا حجم الفساد كبير جدا، وحجم ما ارتكبه من قمع في السنوات الماضية كبير، وهو يدرك أنه سيحاسب عليها".

"راجعوا ضمائركم"
وخاطب قاسم، التيار المدني، قائلا: "الناس التي تشارك في الحوار الوطني –برعاية النظام- ومن يحضرون لعمل قوائم انتخابات وغيرها من المشاركات السياسية، يلعبون دورا من أسوأ الأدوار السياسية في تاريخ البلد، لأنهم يسمحون لشخص مثل هذا أن يعمل ديكور لنظام ديمقراطي ويزعم أن لديه انتخابات ومجالس حقوق إنسان وغيرها".

ويرى أن "الحكاية ليست فقط دفاعا عن الديمقراطية والحكم الصالح ولكن أيضا دفاع عن الناس التي تعيش الفقر في الحزام الذي يحيط القاهرة وفي الأرياف المهملة والأوضاع الصعبة لمن يعيشون فيها ومعاناة الأطفال من سوء التغذية وعدم وجود مقاعد بالمدارس، وما يقوم به هؤلاء من التيار المدني هو دعم لهذا النظام الفاسد الفاشل، وندعوهم أن يراجعوا ضمائرهم".

"خفوت هنا وصعود هناك"
وفي الوقت الذي تنقسم فيه أحزاب التيار المدني، بين الرغبة في المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ والنواب إلى جانب حزبي "مستقبل وطن"، و"الجبهة الوطنية"، الوارد الجديد لعالم السياسة، والتوافق معهما على كوتة، ترى بقية أحزاب التيار المدني بضرورة المقاطعة، خاصة مع إصرار النظام على عدم تنفيذ مطالبهم بتعديل قانون الانتخابات بما يضمن تمثيل عادل للجميع.

والخميس الماضي، وافقت لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب على مشروع تعديل قوانين الانتخابات المقدم من "حزب مستقبل وطن"، والذي يعتمد على المزج بين النظام الفردي والقائمة المغلقة، فيما تطالب المعارضة لعقد الانتخابات بنظام القائمة النسبية إلى جانب الفردي.

وفي ظل غياب تام لأحزاب التيار المدني عن الشارع المصري، ينشط بقوة "مستقبل وطن" المسيطر على برلماني مصر في عهد السيسي من (2015- 2025).

اظهار أخبار متعلقة


وفجر حزب "الجبهة الوطنية" أحدث الأذرع الحزبية والسياسية المؤيدة لرأس النظام في مصر، والمرتبط باسم رجل الأعمال السيناوي ورئيس اتحاد القبائل العربية والمصرية إبراهيم العرجاني، الجدل بتشكيل الأمانات المركزية للحزب بشخصيات شهيرة وأبناء رجال الأعمال.

تشكيل أمانة الشباب لـ"حزب الجبهة" ضم أبناء كبار رجال الأعمال في مصر، ومنهم: عماد طلعت السويدي، وطارق محمد أبوالعينين، ومحمود محمد المرشدي، ومحمد طارق طلعت مصطفى، إلى جانب الممثل هاني سلامة.

حضور أسماء لاعبي كرة القدم السابقين كان لافتا وبينهم: حازم إمام، وسيد معوض، وحسام غالي، وعماد متعب، وحسنى عبدربه، ووليد سليمان، ومحمد أبوالعلا، وأحمد الأحمر لاعب كرة اليد، وأمير مرتضى منصور، وأحمد السيد متولى رئيس نادي المصري السابق.

كما كان لافتا إعلان الحزب تولي نقيب الممثلين أشرف زكي والفنان سامح الصريطي منصب الأمين المساعد لأمانة الثقافة والفنون التي يترأسها الكاتب مدحت العدل.

وأعلن حزب الجبهة الوطنية عن تشكيل أمانة الرياضة المركزية برئاسة الكابتن طاهر أبوزيد، أحد أبرز رموز الرياضة المصرية، ووزير الرياضة الأسبق، مع عضوية لاعبي كرة القدم محمد فضل وأحمد بلال.

"قمع مرعب"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد الناشط عماد عطية، الأجواء السياسية الحالية وإجراء انتخابات برلمانية في ظل ممارسة مستوى من القمع مرعب وغير مسبوق في كل تاريخنا الحديث على المجتمع كله، وسجن من يبدى رأيه لأجل غير مسمى.

وانتقد القيادي في حزب "التحالف الشعبي" زهدي الشامي، ما تتخذه "الشلة المهيمنة على اتخاذ القرارات في الدولة"، مؤكدا أنها "تقود النظام لكارثة"، مشيرا إلى "قانون ايجارات يشرد ويهجر الملايين، وقانون انتخابات للفساد السياسي لمن يدفع الملايين"، مبينا أنها "حلقة جهنمية مغلقة ظروف البلد أصبحت لا تتحملها".
التعليقات (0)