لا تزال التوترات الاستراتيجية في الشرق الأوسط تشغل دوائر صنع القرار في كل من تل أبيب وواشنطن، في وقت تتصاعد فيه النقاشات حول إمكانية بيع طائرات "
F35" لتركيا.
وفي هذا السياق، أكد السفير
الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل
لايتر، في مقابلة مع صحيفة "
جيروزالم بوست" الإسرائيلية، أن العلاقات الطبيعية مع أنقرة تحظى بأهمية كبيرة لدى إسرائيل، غير أن تزويدها بطائرات الجيل الخامس قد ينعكس سلبا على الأمن الإسرائيلي بشكل مباشر.
وأشار لايتر إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يرى في
تركيا لاعبا إقليميا محوريا وتسعى إلى تطوير علاقاتها معها، لكن أي خطوة من هذا النوع “قد تقوض التوازن الدقيق الذي بني بجهد كبير على مدار سنوات”.
وتطرق السفير كذلك إلى صفقات السلاح التي تعمل واشنطن على إبرامها مع دول عربية عدة، مؤكدا أن هذه الصفقات لم تمس حتى الآن بالتفوق العسكري الإسرائيلي، وأن الإدارة الأمريكية ملتزمة بالحفاظ على أمن إسرائيل. لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة دراسة كل صفقة أو خطوة سياسية في الشرق الأوسط على حدة، وفق معيار واحد: هل تعزز أمن إسرائيل أم تعرضه للخطر؟
وأوضح لايتر أن تل أبيب تراقب باهتمام فتح واشنطن الباب أمام مبادرات إقليمية جديدة، لكنها تصر على ضرورة أن تراعي هذه المبادرات “الواقع الأمني شديد التعقيد في المنطقة”. وأضاف: “نفضل ألا تحصل تركيا على طائرات "F35" من الولايات المتحدة. لا نعتقد أن ذلك مناسب في المرحلة الحالية. لكن القرار في النهاية يعود لواشنطن”.
وفيما يخص الجدل الداخلي في الولايات المتحدة، أشار السفير إلى تنامي الأصوات الانعزالية داخل الأوساط اليمينية الساعية لتقليص دور واشنطن الإقليمي، لكنه رفض شخصنة الخلاف، معتبرا أن تركيزه ينصب على السياسة والمصالح، وليس على الأشخاص.
وأكد أن لواشنطن مصالح واضحة في الشرق الأوسط، وأن تل أبيب تمثل واحدا من أهم حلفائها، لافتا إلى حجم التعاون الأمني بين الطرفين، بدءا من منظومة “القبة الحديدية” وصولا إلى تبادل بيانات القتال الخاصة بطائرات "F35"، الذي يزود الولايات المتحدة بقيمة استخباراتية واستراتيجية كبيرة. وشدد:“لم نطلب يوما وجود قوات أمريكية على الأرض”.
وفي سياق آخر، تناول لايتر البعد الأخلاقي والقومي المتعلق بملف الأسرى المختطفين، معتبرا أن الواجب الديني والوطني يحتم على إسرائيل استعادة الأحياء منهم وكذلك جثامين القتلى، مشيرا إلى “الأهمية الكبرى للحياة والموت في العقيدة اليهودية”.
وفي ما يتعلق بملف رفح وممر فيلادلفيا، أوضح السفير أن المرحلة الحالية تستوجب تفاهما جديدا مع مصر يضع آليات رقابة تمنع حركة حماس من إعادة التسلح، معتبرا أن الوقت قد تأخر منذ آخر لقاء جمع رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومؤكدا أن اللحظة الحالية مناسبة لبدء مباحثات مباشرة بين القاهرة والقدس وواشنطن لتسوية القضايا العالقة.
وفي موازاة ذلك، يعيش الاحتلال الإسرائيلي حالة استنفار دبلوماسي وسياسي وأمني عقب اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره الأمريكي دونالد
ترامب، وذلك استعدادا للقمة المنتظرة يوم الثلاثاء المقبل بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي.
وتناقش خلال اللقاء ملفات حساسة متعلقة بمستقبل الشرق الأوسط وموقع الولايات المتحدة فيه.
وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي، فإن الرياض “تتجه إلى الاجتماع محملة بميزانيات ضخمة”، وتسعى للحصول على مفاعلات نووية، وطائرات شبح "F35"، ومقاتلات متطورة من طراز "F15EX"، إضافة إلى أنظمة دفاع صاروخي وهجومي متنوعة. وبموجب هذه الصفقات المحتملة، قد تضخ السعودية أموالا ضخمة تعيد تنشيط الاقتصاد الأمريكي “بشكل سريع”.