كشف رئيس "لجنة الغصب البيّن" المستشار القاضي ياسر الباشا، وهي اللجنة التي شكلتها محافظة
حلب للنظر في قضايا العقارات المستولى عليها من قبل أفراد متنفذين قاموا باستملاك عقارات المهجرين زمن النظام البائد, وبيعها أو تأجيرها لأشخاص آخرين، عن وجود ألف قضية في مدينة حلب، باستثناء الريف.
وأوضح الباشا في حديث خاص لـ"عربي21" أنّ: "الملفات قيد المعالجة"، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ: "حقوق أصحاب العقارات محفوظة".
وكان محافظ حلب عزام الغريب قد أصدر قرارا بتشكيل اللجنة، للنظر في قضايا العقارات التي بيعت دون علم أصحابها، وغالبيتهم من المعارضين للنظام البائد.
محمد معلم المدرسة، وهو واحد من الذين استولى أحد أعوان النظام البائد على منزله بشكل غير مشروع في حلب، بعد أن هُجر من المدينة؛ قال لـ"عربي21": "بعد تحرير
سوريا عدت إلى المنزل، والمفاجأة أن المنزل كان مسكوناً من قبل رجل يدعي أنه اشتراه من مالكه الأصلي".
أضاف بأنه حاول إقناع الرجل الذي يقطن منزله أنه المالك الأصلي، لكن القاطن أطلعه على عقد شراء المنزل، يؤكد: "المشكلة أن المنزل لم يكن مسجلاً باسمي، وكل الثبوتيات التي عندي هي عقد شراء من تنظيم مكتب عقاري".
إلى ذلك، كان محمد قد تقدّم بشكوى "غصب عقار" على المشتري والبائع إلى "لجنة الغصب البيّن" ولا زال ينتظر أن تعيد اللجنة له حقه، يقول: "ننتظر أنا والمئات من أمثالي أن تُعاد حقوقنا التي حرمنا منها النظام البائد".
كيف جرت عملية الاستيلاء؟
كما حال حلب، شكلّت الحكومة السورية لجاناً في مختلف المحافظات السورية للنظر في قضايا الاستيلاء على العقارات، وهي القضايا الشائكة والتي تتطلب وقتاً طويلاً للانتهاء منها.
لكن كيف جرت عمليات الاستيلاء على العقارات بدون توكيل أصحابها؟، يجيب المحامي يوسف الحسين، "الاستيلاء والبيع جرى بطرق عديدة، منها التزوير، أو عن طريق مليكة عقار غير مسجل باسم المالك الحقيقي، أو ملكيات قديمة".
وبيّن لـ"عربي21"، أنه في الغالب يتم معالجة قضايا الاستيلاء، لكن الصعوبة تكمن في قضية تتالي البيوع، أي بيع العقار المستولى عليه لأكثر من مرة، هنا يصبح الملف في غاية التعقيد".
وتابع الحسين، بالإشارة إلى وجود عقارات غير مسجلة لدى الدولة بأسماء المالكين، وخاصة في الأرياف، وقال: "أثناء التهجير استطاع أعوان النظام البائد والمتنفذين الحصول على فراغات وهمية، وجرى على إثر ذلك البيع".
تواطؤ النظام
يجزم المحامي أنّ: "عمليات الاستيلاء تمت بتواطؤ النظام البائد، وما سهل المهمة هو الفساد"، مردفا: "في كثير من الملفات نجد أن العقار هو مُباع قانوناً، أي أن المشتري اشترى العقار من المالك المسجل في السجل العقاري".
وبحسب الحسين، يتم اللجوء إلى الوجهاء والمجتمع المحيط لحل هذه القضايا التي تأخذ وقتاً طويلاً في المحاكم، وبالفعل تم حل العديد من هذه الشكاوى.
والمفارقة أن المحامي الحسين هو أحد ضحايا عمليات الاستيلاء على العقارات، يوضح: "للأسف أن منزلي مباع، من أحد الورثة الحقيقين للعقار الذين كانوا مقيمين في مناطق سيطرة النظام، حيث استغل الشبيحة هذه الثغرة، واستطاعوا بيع العقار دون توكيل، وما يصعب مهمة استرجاعه أن المنزل ليس مسجلاً باسمي".
مناطق الشيوع
تتركز عمليات الاستيلاء على العقارات في مناطق الشيوع والمخالفات، لكون عقاراتها غير مستندة إلى آلية فراغ في السجلات العقارية، إضافة إلى العقارات الواقعة ضمن الجمعيات السكنية، والتي عمل النظام البائد على تغييب أصحابها عن السجلات المدنية بسبب ملاحقتهم أمنياً خلال الثورة السورية، والتلاعب بثبوتيات ملكيتهم وتسليمها لآخرين.
ووفق مصادر رسمية سوريا، تزايدت حالات الغصب العقاري بشكل ملحوظ بعد عام 2018، إذ تعرف هذه الحالات أيضا باسم "وضع يد لصالح الأمن"، والمقصود بها أن يستولي أحدهم على عقار دون وجه حق، ثم يقوم ببيعه بقيمة زهيدة أو بتأجيره، وتُعدّ هذه من أبسط حالات الغصب.
وفي حمص، بلغت القيمة الإجمالية للممتلكات المستعادة، مليارات الليرات السورية، وفق تأكيدات من "لجنة الغصب البيّن" في حمص.