نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تحقيقا، لمراسليها جاستن شيك وطارق بانجا وجو بيكر وبرادلي هوب، قالوا فيه إنّ: "
مايكل بولس رجل أعمال طموح، فبعد بضع سنوات فقط من تخرجه من الجامعة، ركع في حديقة الورود بالبيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2021 وطلب الزواج من ابنة الرئيس
ترامب،
تيفاني ترامب".
وبحسب التحقيق الذي ترجمته "عربي21" فإنّه: "بعد موافقتها مباشرة تقريبا، استفاد بولس وعائلته وشركاؤهم ماليا من قربه من أصهاره".
وأوضح: "كانت الصفقة الأولى شأنا عائليا. بولس، الذي يعمل لدى ابن عمه في شركة وساطة اليخوت الدولية، باع صهره المستقبلي جاريد كوشنر مقابل استثمار في يخت فاخر يبلغ طوله حوالي 50 مترا. وتُظهر رسائل نصية متزامنة أن الشركة، دون علم كوشنر، وضعت عليه سعرا زائدا وعملت على إخفاء السعر الحقيقي عنه".
وأورد: "المبلغ الدقيق غير واضح، لكن الرسائل ووصفا مكتوبا من محام للصفقة يُشير إلى أن السعر الزائد كان 2.5 مليون دولار"، مردفا: "تضمن الترتيب الثاني شيئا أقل وضوحا: وهو الوصول إلى عائلة ترامب؛ إذ وعد ابن عم بولس رجل أعمال سعودي إلى بأن يُدعى إلى حفل زفاف بولس وإبنة ترامب حتى يتمكن رجل الأعمال من التقاط الصور مع عائلة ترامب وإبراز القرب من العائلة. كتب ابن العم، جيمي فرنجي: "نريدك أن تكون على رأس قائمة الضيوف".
وأبرز التحقيق: "ينكر جميع المتورطين ارتكاب أي مخالفات، وفشلت كلتا الصفقتين. يخت كوشنر يرسو غير مكتمل في اليونان؛ ولم يحصل رجل الأعمال السعودي قط على حق الوصول (أو دعوة الزفاف) الذي عُرض عليه، لكن بولس حصل على حوالي 300 ألف دولار من بيع اليخت، كما يقول ابن عمه، و100 ألف دولار من رجل الأعمال السعودي".
وتابع: "صرح متحدث باسم بولس وتيفاني ترامب بأن بولس لم يتلق سوى عمولة متفق عليها مسبقا في صفقة اليخت، وأنه قد أنهى منذ ذلك الحين علاقته التجارية مع فرنجي. وقال المتحدث في رسالة بريد إلكتروني: بولس فخور ويتشرف بعلاقته العائلية الوثيقة مع كوشنر؛ أما بالنسبة للأموال من رجل الأعمال السعودي، فقد قال المتحدث إنها لا علاقة لها بالوصول إلى عائلة ترامب، بل كانت لتسوية دين منفصل. وأن بولس لم يكن له أي دور في الخطة التي وصفها ابن عمه في الرسائل النصية".
واسترسل: "لقد طمست إدارة ترامب الخطوط الفاصلة بين العائلة والأعمال والحكومة، حيث أجرى الرئيس دبلوماسية مع نفس الحكومات الأجنبية التي تتفاوض على صفقات العملات المشفرة والعقارات مع عائلته".
إلى ذلك، مضى التحقيق بالقول: "عائلة بولس هي تنويع لهذا النموذج. تُظهر الصفقات التي لم يُبلّغ عنها سابقا -التي جمعتها صحيفة نيويورك تايمز من خلال العقود وسجلات المحكمة والرسائل النصية المتزامنة والمقابلات- أن بولس وعائلته وشركائه كانوا في وضع يسمح لهم بالاستفادة ماليا بمجرد خطوبته على تيفاني ترامب، الابنة الوحيدة لترامب وزوجته السابقة مارلا مابلز".
"أدّى حفل الزفاف، الذي أقيم في نادي مار إيه لاغو للغولف التابع للرئيس في فلوريدا، إلى رفع مكانة العائلة وتحويل رب الأسرة، مسعد بولس، إلى وكيل مهم لحملة ترامب الانتخابية. وصوّرته التغطية الإخبارية على أنه قطب أعمال ملياردير، على الرغم من عدم وجود دليل على امتلاكه ثروة كبيرة ناتجة عن أنشطته التجارية الخاصة" وفقا للتحقيق ذاته.
أيضا، وجدت صحيفة "التايمز" خلال العام الماضي أنّ: "حصة مسعد بولس في شركة الشاحنات النيجيرية التي يملكها أصهاره كانت قيمتها أقل من دولارين"، مضيفة: "دفع انتخاب ترامب في عام 2024 مسعد بولس إلى منصب حكومي. أصبح مستشارا رئاسيا لشؤون الشرق الأوسط ثم مستشارا كبيرا لوزارة الخارجية لشؤون أفريقيا؛ فيما يسعى مايكل بولس إلى التجارة هناك، وفقا لرئيس وزراء غينيا السابق".
وتابع: "اليوم، يربي بولس وتيفاني ترامب أسرة. وقد استقبلا طفلهما الأول، ألكسندر، في أيار/ مايو. وحافظت تيفاني ترامب على مستوى منخفض من الاعلان، لكنها شاركت هذا الأسبوع صورا على إنستغرام للعائلة وهي تتجوّل بالقارب ومشاهد من الريفييرا الفرنسية".
وأكد: "مع اقتراب عائلة بولس من السلطة، يبحث زملاؤها أيضا عن فرصهم الخاصة. في وقت قريب من تنصيب الرئيس، كان حبيب السعيدي، رجل الأعمال والصديق المقرب لعائلة بولس، جالسا مع مايكل بولس عندما رأى كاسي غرين، وهو رجل أعمال ذي علاقات وثيقة في السعودية، يتناول الطعام على الشرفة"، مبيّنا: "ابتعد السعيدي عن بولس، وقدّم نفسه لغرين أمام الآخرين. قال السعيدي إنه وأصدقاؤه أرادوا استغلال الفرصة، وهم قريبون من مركز القوة الأمريكية، للقيام بأعمال تجارية في الشرق الأوسط، وفقا لشخص شهد المحادثة. ذكر السعيدي مشاريع بناء في السعودية".
إلى ذلك، أبرز التحقيق: "حدّد بولس جاريد كوشنر، صهره المُحتمل، كعميل مُحتمل، واصطحب فرنجي لمقابلته. قدّم أبناء العم عرضا استثماريا: احصل على صفقة جيدة لشراء يخت، ثم جدده، ثم تقوم ببيعه أو تأجيره لتحقيق ربح. وبحلول يونيو 2021، تُظهر الوثائق أن مايكل بولس كان يُرسل إلى كوشنر عروضا تقديمية حول يخت غير مُكتمل، سُمي لاحقا: سولستيس".
وأبرز: "أبلغت الشركة كوشنر أن سعر شراء اليخت كان 12.5 مليون يورو، أي حوالي 15 مليون دولار أمريكي آنذاك. وشمل ذلك التكاليف وعمولة وساطة ثابتة قدرها مليون يورو للسيد بولس و فرنجي وزملائهما"، وقال كوشنر في مكالمة هاتفية، وفقا لأجزاء من نصها: "لكي نفهم الصفقة التجارية، ستربح مليون يورو عند إتمامها".
وأوضح: "لكن وفقا لرسائل فرنجي النصية آنذاك، كانت شركته تحقق أرباحا تفوق ذلك بكثير. فقد أنفق السماسرة ملايين أقل مما زعموا لكوشنر لشراء اليخت. وقال فرنجي لأحد مساعديه: "هذا يجعلنا نربح 3.5 في المئة".
واسترسل: "تُظهر الرسائل النصية أن شركته سعت لإخفاء التفاصيل عن كوشنر. وكتب أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة: سيكون من الصعب إخفاء الأمر. وأكد على أهمية ألا يستعين كوشنر بخبير تقييم مستقل".
وتابع: "لم يُبلّغ بولس بتلك الرسائل، وليس من الواضح ما إذا كان على علم بهذا الجانب من الخطة. لكن الرسائل النصية توضح أنه كان منخرطا شخصيا في العملية؛ فعندما بدا أن محامي كوشنر يُبطئ الصفقة، على سبيل المثال، عبّر بولس عن استيائه داخل الشركة. وكتب إلى مساعديه: أنا وتيفاني غاضبان"، مضيفا: "صرح المتحدث باسم العائلة أن تيفاني ترامب: لم تكن لديها أي علم أو مصلحة في أي جزء من هذه المعاملات".
إلى ذلك، "أُغلقت الصفقة في أوائل عام 2022. وقال فرنجي إنه ربح حوالي 400 ألف دولار من العمولة، وأن بولس ربح 300 ألف دولار. وأقر فرنجي أيضا بأخذ أموال إضافية كانت مخصصة لرسوم المعاملات. لكنه قال إنها بضع مئات الآلاف من الدولارات، وليس ملايين. وقال إنه من الخطأ اعتبار السعر مبالغا فيه. وأضاف أن الصفقة تضمنت دفع مجموعة كوشنر الاستثمارية مبلغا واحدا لشراء اليخت ونقله وتأمينه. وقال إنه إذا كان فرنجي قادرا على القيام بكل ذلك بتكلفة أقل، فمن الطبيعي أن يحقق ربحا أكبر".
وتابع التحقيق: "أدرك كوشنر في النهاية أنه تورط بثمن زائد، وفقا لمحام روى تفاصيل الصفقة خلال نزاع مالي بين أحد عملائه و فرنجي. كتب المحامي، تايلور هوارد، أن كوشنر قد وُرّط بثمن زائد قدره 2.5 مليون دولار، وواجه فرنجي الذي أخفى سبب ارتفاع السعر. وكتب هوارد: في الواقع، كان فرنجي يستغل ذلك لتعزيز عائداته من الصفقة".
وأبرز: "رفض متحدث باسم كوشنر التعليق على تفاصيل الصفقة. وقال إنّ بولس كان يبذل "جهدا كبيرا" مؤخرا في البحث عن مشتر جديد لليخت، وأن الصفقة لا تزال قيد الانتظار".
وفي 22 حزيران/ يونيو 2022، بعد أشهر قليلة من إتمام صفقة اليخت، اجتمع مايكل بولس و فرنجي في منزل رجل أعمال سعودي ثري في فرجينيا. كان فرنجي يعرف رجل الأعمال، عبد الإله علام، من خلال تجارة اليخوت، وكان مدينا له بملايين الدولارات.
كان علام يعيش في منفاه الاختياري في فرجينيا. كان من المحتمل أن تكون لديه مليارات الدولارات من العقارات التي صادرتها الحكومة السعودية خلال حملة مكافحة الفساد التي شنها ولي العهد محمد بن سلمان عام 2017، وكان يائسا لاستعادة ممتلكاته.
ووفقا للتحقيق الذي ترجمته "عربي21": "وضع فرنجي خطة، كما تُظهر الرسائل النصية: يمكنه استخدام علاقته ببولس وعائلة ترامب لمساعدة علام في إقناع ولي العهد بإعادة ممتلكاته. في المقابل، قال فرنجي إنه يريد من علام أن يُسقط عنه دينه وأن يُشركه في صفقة تجارية مستقبلية".
وأضاف أنّ: "بولس لديه احتياجاته الخاصة. قال لعلام في رسالة نصية قبل الاجتماع: يحتاج إلى 25 ألف دولار؛ إنه قرض، أخبرته بذلك". وأرفق اسم بولس ومعلومات حسابه المصرفي. وفي يوم اجتماع فرجينيا، أرسل علام رسالة نصية تفيد بأنه أودع 100 ألف دولار في حساب بولس".
ووفقا للمتحدث باسم ميشيل بولس، فإن شركة فرنجي "المتعثرة ماليا" مدينة لبولس. وبناء على طلب فرنجي، قام رجل الأعمال السعودي بتسوية الدين بدفعه لبولس بنفسه، على حد قول المتحدث. لكن أحد مساعدي علام قال إنّ: "المبلغ كان قرضا لبولس، وأن بولس لا يزال ينوي سداده".
مهما كان الغرض، ففي الأسابيع والأشهر التي تلت إيداع 100 ألف دولار في البنك، فصّل فرنجي خططا "لترقيق" المسؤولين السعوديين. وتضمن جزء من ذلك تقديم علام على أنه قريب من عائلة ترامب. وكتب فرنجي في رسائل نصية: "أمامنا شهر ونصف للبدء بكل شيء قبل الزفاف".
ووضعا استراتيجية بشأن الصور وإمكانية الوصول. وكتب لعلام: "سيكون من الجيد أن تسافر مع مايكل وتيفاني من فضلك". وأضاف لاحقا باللغة العربية: "الرجاء حذف جميع الرسائل". ولم تُرسل نسخة من تلك الرسائل إلى بولس. قال مساعد علام، رشاد الحسنية: "لم يَعد مايكل بأي شيء قط. وقال: 'سأستمع، لكن لا يمكنني أن أعد بشيء'".
أكد متحدث باسم بولس عدم تورطه في الأمر. وأضاف: "لم يتعامل بولس قط مع مخاوف علام المتعلقة بالسعودية، ولم يتدخل فيها، ولم يناقشها مع أي شخص، بما في ذلك علام نفسه"؛ ومع مرور الأشهر، حذّره المحيطون بعلام من أن فرص نجاح الخطة ضئيلة، كما تُظهر الرسائل؛ ولم يسترد علام دعوة زفافه، ولا تصريح دخوله، ولا ممتلكاته.