ملفات وتقارير

هل ستدخل جماعة "أنصار الله" في الحرب دعما لطهران؟

الحوثيون حذروا من مغبة اشتراك الولايات المتحدة بالحرب ضد إيران- الأناضول
بدى جليا، أن جماعة "أنصار الله" الحوثيين، لن تبقى معزل عن أحداث الحرب الإيرانية الإسرائيلية، فبعد أيام من إعلان تضامنها مع طهران، قررت الجماعة رسميا الدخول في الحرب، وهو الأمر الذي يثير أسئلة عدة عن تبعات هذه الحرب على الجماعة.

يأتي ذلك بعد أسابيع من التوصل لاتفاق وقف هجماتها على السفن المارة في البحر الأحمر بوساطة عمانية مقابل وقف الولايات المتحدة ضرباتها على مناطق ومواقع تابع للحوثيين شمال ووسط وغرب اليمن.

قرار الجماعة جاء على لسان المتحدث العسكري باسمها، يحيى سريع، حيث قال في بيان له، السبت إنه "في حال تورط الولايات المتحدة في العدوان على إيران سنستهدف سفنها وبوارجها في البحر الأحمر".
وجاء هذا القرار بعد أيام من إعلان زعيم الجماعة المدعومة من طهران، عبدالملك الحوثي، وقوفهم بكل أوتوا من قوة مع إيران.

ذراع طهران القوي
وفي السياق، قال رئيس تحرير موقع "يمن ديلي نيوز" الإخباري، إنه بلا شك فإن للحرب القائمة بين إسرائيل وإيران تبعات وتبعات هامة على المنطقة برمتها وعلى اليمن بشكل خاص، إذ من المعروف أن جماعة الحوثي هي أحد أذرع إيران في المنطقة، وهي الذراع الذي ما يزال يتمتع بقوة واضحة من بين أذرع إيران في المنطقة بعد سقوط حزب الله اللبناني والنظام السوري.

وأضاف العلوي في حديث خاص لـ"عربي21" أن ايران قامت خلال الفترة الماضية قبيل اندلاع الحرب مع إسرائيل بمد الحوثيين بالسلاح وتكنولوجيا الحرب إضافة إلى الوقود والخبرات".

وأشار إلى أنه من خلال العمليات التي شنتها جماعة الحوثي على إسرائيل فإن من المتوقع أن تواصل الجماعة عملياتها نحو تل أبيب، وربما قد تدفع بها إيران لتكثيف هجماتها في البحر الأحمر، لافتا إلى أن  الموقف الخليجي الذي أدان الهجوم على إيران ويرفض هذه الحرب قد يشكل حائلا أمام إيران في تفعيل ورقة البحر الأحمر وباب المندب للضغط من أجل إيقاف الهجوم الإسرائيلي.

وبحسب رئيس تحرير موقع "يمن ديلي نيوز" فإن عدم مشاركة الحوثيين حتى اليوم في الرد على إسرائيل باستثناء عملية واحد يفسر بإحدى أمرين، الأول أنها تحضر لعملية مفاجئة وقوية، أو أن العمليات الإسرائيلية في إيران دمرت حلقة الوصل بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني، خاصة وأن العمليات الإسرائيلية أصابت العمود الفقري للحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية.


لن تبقى بمنأى عن الحرب
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن ما بات واضحا، أن جماعة الحوثي لن تبقى في منأى عن تداعيات الحرب الدائرة حاليا بين إيران والكيان الإسرائيلي.

وتابع التميمي حديثه الخاص لـ"عربي21" : "منطق الأشياء يحتم الانخراط الكامل للجماعة في هذه الحرب، لأن البنية الحركية للجماعة التي تتماهى مع المشروع العسكري والفكري للثورة الإسلامية وتتبنى عقيدة الحرس الثوري،  تحتم على الحوثيين أن يكونوا جزء من المعركة، وأن يكون تدخلهم ملبيا لحاجة طهران لتخفيف الضغط العسكري الهائل الذي قد ينشأ نتيجة التدخل العسكري الأمريكي المباشر في الحرب على إيران". 

وأشار "قد لا يكون لدى الحوثيين مفاجآت بشأن الأسلحة التي ستستخدمها حينما تقرر الانخراط في معركة الدفاع عن إيران"، لكنه توقع "عودة الجماعة إلى تفجير الوضع في البحر الأحمر إلى جانب إرسال بعض الصواريخ المؤثرة إن وجدت، سيكون إسهاماً مقلقا بالنسبة لواشنطن وتل أبيب معاً".

 وأورد الكاتب والسياسي اليمني احتمال أن يجري خلط الأوراق من خلال استهداف مواقع في الدول المجاورة، مؤكدا أن هذا الأمر "مغامرة مكلفة سيدفع ثمنها الحوثيون لا شك" لأنها ستجعلهم هدفا مستباحاً للقوى الإقليمية في حرب قد لا تتوقف إلا بإنهاء أثرهم العسكري في اليمن.

خفوت حزب الله
الكاتب والباحث اليمني، رياض العمري من جهته، أكد أن جماعة الحوثي ستشارك في الحرب الدائرة لعدة اعتبارات منها "ارتباط الجماعة بالمحور الإيراني حيث تمثل أحد الأذرع التابعة لطهران"، مضيفا أن خفوت صوت حزب الله بعد الاستهداف الإسرائيلي يزيد من ضغط ايران على الحوثيين في اليمن في اطار المضي في الاستراتيجية الإيرانية، للحفاظ على المشروع الإيراني والنظام الحالي الإيراني.

وأوضح العمري في حديثه لـ"عربي21" أن استراتيجية الخطاب الحوثي في المناطق التي استولت عليها عبر السنوات السابقة "تبرز الالتحام بالجانب الإيراني، في اطار مناصرة القضية الفلسطينية والالتحام بالقضية اليمنية"، وهذا ما يؤدي إلى تآكل الهياكل التي تعتمد عليها الجماعة في الداخل ويزيد من حالة الإرباك في إدارة المشهد داخلياً، وهذا ما يبرز ما تناقلته وسائل الإعلام من قيام تنظيم جماعة الحوثي في التحشيد في  الحديدة في اطار استمرار استراتيجيتها المتعلقة بهذا الخطاب.


ومن الاعتبارات التي أوردها الكاتب اليمني بشأن مشاركة الحوثيين مع إيران يكمن في أن "الأحداث الجارية نقطة تنفيس على المحور الصيني في إطار العديد من القضايا".

وقال إن بقاء الصراع في اطار السيطرة يخدم الأجندة الصينية في الوضع الحالي، ويمكن استمرار المناصرة القائمة على  عدم زيادة التوتر نقطة مهمة في هذا الاطار في اطار الحديث عن الدعم الصيني بالتسليح لتنظيم جماعة الحوثي.

ولفت العمري إلى أن التصريحات التي صدرت عن قيادات تنظيم الحوثيين بالوقوف بكل قوة مع إيران هي "للاستهلاك الإعلامي وللتحشيد الداخلي فقط"، حيث أن هامش الخيارات لدى الحوثي محدود، وذلك عبر استمرار الاستهدافات الحوثية لإسرائيل والتي لا تمثل تأثير يذكر في الصراع.

وحسب الباحث العمري فإن الاتفاق الأخير بوقف التصعيد في البحر الأحمر والذي رعته سلطنة عمان ربما "يقيد خيارات الجماعة"، خشية خسارة الحليف العماني الذي وقف مع الجماعة خلال الفترات السابقة، ومثل عنصر مهم في تخفيف حدة المجتمع الدولي تجاهها.

وقال : "كما أن القيام بأعمال تستهدف البحر الأحمر، يزيد من طول اليد الأمريكية في استهداف قيادات الجماعة، ويرفع الحرج عنها في إطار الداخل الأمريكي".

وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قد حذر اليوم السبت، من أن أي تورّط أمريكي مباشر في العدوان الجاري على إيران، مؤكدا أن ذلك سيقابل برد عسكري مباشر عبر استهداف السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر.

وفي يحيي سريع: "في حال تورط الأمريكي في الهجوم والعدوان على إيران مع العدو الإسرائيلي، فإن القوات المسلحة (الحوثية) سوف تستهدف سفنه وبوارجه في البحر الأحمر".

وأضاف: "قواتنا تتابع وترصد كافة التحركات في المنطقة، منها التحركات المعادية ضد بلدنا، وإنها ستتخذ ما يلزم من إجراءات مشروعة للدفاع عن بلدنا العزيز وشعبه الأبي".

ولفت سريع إلى أن "العدو الإسرائيلي يسعى إلى السيطرة التامة على المنطقة، وتنفيذ المخطط الصهيوني بدعم وشراكة أمريكية، ويحاول إزاحة الجمهورية الإسلامية في إيران، لأنه يعتبرها العائق الأكبر في طريق إنجاز مخططه".