طالبت أكثر من 110 منظمات حقوقية ونقابية،
بينها "هيومن رايتس ووتش"، الاتحاد الأوروبي بتعليق اتفاقية التجارة مع
إسرائيل فورًا، احتجاجًا على تصاعد الجرائم المرتكبة بحق
الفلسطينيين، ورفض تل
أبيب الانصياع لأوامر "محكمة العدل الدولية"، في خطوة وصفتها منظمات
حقوقية بأنها اختبار حاسم لمصداقية الاتحاد في دعم القانون الدولي.
ووفقًا لبيان مشترك نشرته "هيومن رايتس
ووتش" اليوم، دعت المنظمات إلى تعليق الركيزة التجارية لاتفاقية الشراكة بين
الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، باعتبار أن المادة الثانية من الاتفاقية تنص على ضرورة
احترام حقوق الإنسان كعنصر أساسي في العلاقة الثنائية. وتأتي هذه المطالبات قبل
أيام من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقرر في 23 يونيو، والذي سيبحث
تقييم التزام إسرائيل بالاتفاقية.
وقال كلاوديو فرانكافيلا، مدير مكتب الاتحاد
الأوروبي بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش": "على وزراء
الاتحاد ألا يسمحوا للأحداث الإقليمية بصرف الأنظار عن الجرائم المستمرة ضد
الفلسطينيين. عليهم أن يتحركوا الآن لتعليق الشراكة التجارية، وإلا فهم يخاطرون
بالتواطؤ".
وبحسب البيان، تواصل إسرائيل عملياتها
العسكرية في قطاع
غزة، متجاهلة ثلاثة أوامر ملزمة من "محكمة العدل
الدولية" دعت إلى حماية الفلسطينيين من الإبادة الجماعية، وضمان وصول
المساعدات، ومنع التحريض، ومعاقبة المرتكبين.
كما أشار التقرير إلى أن جميع دول الاتحاد
الأوروبي، باعتبارها أطرافًا في "اتفاقية منع الإبادة الجماعية"، ملزمة
قانونًا باستخدام كل الوسائل المتاحة لمنع وقوع الإبادة، حتى قبل صدور حكم نهائي
بحدوثها.
وتأتي هذه التطورات في ظل اتهامات دولية
متصاعدة ضد إسرائيل، إذ أصدرت "المحكمة الجنائية الدولية" مؤخرًا مذكرات
توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف
غالانت، إلى جانب أحد قادة حماس، في أعقاب تقارير أممية عن ارتكاب جرائم
حرب
وجرائم ضد الإنسانية.
وفي وقت سابق، تلقى وزراء خارجية الاتحاد
تقريرًا سريًا من أولوف سكوج، الممثل الخاص للاتحاد لحقوق الإنسان، يوثق انتهاكات
جسيمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، شملت توسيع المستوطنات، التهجير القسري، والقتل
واسع النطاق منذ أكتوبر 2023.
ورغم كل ذلك، ظل
موقف الاتحاد الأوروبي
منقسمًا، مع اعتراض دول مثل ألمانيا والمجر وإيطاليا والنمسا وغيرها على اتخاذ
إجراءات حاسمة ضد تل أبيب، ما أدى إلى شلل سياسي سمح لإسرائيل بالمضي قدمًا في
سياستها القمعية دون عواقب.
وتؤكد هيومن رايتس ووتش أن مراجعة الاتفاقية
الجارية حاليًا قد تصبح مجرد خطوة رمزية إذا لم تتبعها إجراءات عملية، على رأسها
تعليق الركيزة التجارية، التي من شأنها إعادة فرض التعريفات الجمركية على صادرات
إسرائيلية، ما سيشكل أول ضربة اقتصادية مباشرة من الاتحاد الأوروبي منذ تصاعد
العدوان على غزة.
واختتم فرانكافيلا تصريحه بالقول: "مضى 21 شهرًا من
الفظائع دون رد حقيقي من الاتحاد الأوروبي. آن الأوان لاتخاذ خطوة فعلية تؤكد
التزامه الحقيقي بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.".
وفجر الجمعة، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة
اقتحامات عنيفة طالت عدة مدن وبلدات، تركزت شمال الضفة الغربية، حيث فرض حظرًا
للتجوال وطرد مواطنين من منازلهم وحوّلها إلى ثكنات عسكرية، وفق مصادر محلية
للأناضول.
وبحسب المصادر ذاتها، رافقت الاقتحامات حملة
اعتقالات واسعة، تخللها تجريف للشوارع وتدمير للبنى التحتية في عدد من المناطق.
ويواصل الجيش الإسرائيلي لليوم الثالث
عمليته العسكرية في مخيم بلاطة للاجئين شرقي نابلس (شمال)، وسط تصعيد غير مسبوق في
وتيرة العدوان.
كما يواصل الجيش منذ 21 يناير/ كانون الثاني
عملية عسكرية في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمال الضفة الغربية، مما أدى لنزوح
أكثر من 40 الف فلسطيني، وهدم مات المنازل وتدمير البنية التحتية وقتل وإصابة
عشرات.
وحولت إسرائيل الضفة إلى سجن كبير بعد فرض
قيود مشددة على حركة الفلسطينيين، وأغلقت الطرق الرئيسية، ما أدى إلى شلل شبه كامل
في حياتهم وفاقم معاناتهم.
يأتي ذلك فيما تشن إسرائيل بدعم أمريكي، منذ
7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 186 ألف فلسطيني
بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات
آلاف النازحين ومجاعة.
وبالتوازي مع الإبادة الجماعية بغزة، صعّد
الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى
إلى استشهاد 980 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد
على 17 ألفا و500 أسير.