أكدت الحكومة البريطانية بشكل رسمي أنها "لم تقدم أي دعم عسكري للهجوم الإسرائيلي على إيران"، ولم تشارك في إسقاط طائرات إيرانية مسيرة، في محاولة لنفي أي تواطؤ مباشر في الهجوم الذي استهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية.
كما صرّح متحدث باسم رئاسة الحكومة بأن "سلاح الجو الملكي البريطاني لم يشارك في أي عمليات ليلة الضربة"، وهو نفي جاء ردًا على تقارير أشارت إلى تحركات جوية بريطانية فوق العراق والخليج.
مع ذلك، أجرى رئيس الوزراء كير ستارمر اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد ظهر الجمعة، قال فيه إن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها"، لكنه شدد على ضرورة الحل الدبلوماسي، مشيرًا إلى أن بريطانيا "تؤيد خفض التصعيد بشكل عاجل".
وساطة دبلوماسية في لحظة خطرة
وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قد تحدث مع نظيره الإيراني عباس عراقجي في اليوم ذاته، داعيًا إلى "ضبط النفس" و"العودة إلى الدبلوماسية"، ووصف الموقف في المنطقة بأنه "لحظة خطيرة تتطلب الحكمة قبل الانفجار".
غير أن الرد الإيراني جاء حاسمًا، حيث رفض عراقجي دعوات "ضبط النفس" في ظل العدوان الإسرائيلي، مؤكداً أن "الرد سيكون حاسمًا وقاطعًا استنادًا إلى ميثاق الأمم المتحدة".
مواقف داخلية متناقضة
وبينما حاولت لندن تقديم نفسها كوسيط متزن، خرجت وزيرة المحافظين كيمي بادنوخ لتعلن دعمها الكامل للهجوم الإسرائيلي، قائلة إن "امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون كارثة على المملكة المتحدة"، وصرّحت بأن على بريطانيا أن "لا تخلط صفوفها" عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل.
وسبق أن شاركت بريطانيا في الدفاع عن إسرائيل، خلال الهجوم الإيراني بالطائرات المسيّرة في أبريل 2024، عندما أسقطت طائرات تايفون بريطانية عدداً منها، كما شاركت بقدرات رمزية في أكتوبر من نفس العام. لكن هذه المرة، تؤكد لندن على أنها لم تكن جزءًا من الهجوم الإسرائيلي الذي تصفه الولايات المتحدة بأنه "أحادي الجانب"، مشددة على أن أولويتها الحالية هي خفض التصعيد وليس التصعيد.
عقوبات على إسرائيل.. وتلويح بالمزيد
المفارقة أن بريطانيا كانت قد بدأت في تشديد موقفها تجاه السياسات الإسرائيلية مؤخرًا، حيث فرضت عقوبات على اثنين من الوزراء الإسرائيليين، على خلفية حصار المساعدات في غزة. كما صرّح ستارمر في مقابلة مع بلومبرغ بأنه "لن يستبعد فرض عقوبات إضافية" إذا لم تتحسن الأوضاع الإنسانية في القطاع.
يأتي هذا التحرك البريطاني وسط غياب واضح
لدور أوروبي فاعل، ومحاولات أمريكية متعثرة لكبح التصعيد، ما دفع لندن إلى تقديم
نفسها كوسيط متزن يسعى إلى إعادة فتح قنوات التواصل بين الأطراف المتنازعة.
لكن رد إيران جاء حاسمًا، إذ نقل التلفزيون
الرسمي الإيراني عن عباس عراقجي قوله إن بلاده "لا تقبل دعوات ضبط النفس في
مواجهة العدوان الإسرائيلي"، مضيفًا أن الرد سيكون حاسمًا وقاطعًا، استنادًا
إلى ميثاق الأمم المتحدة وحق الدفاع المشروع.
رسالة إيران تعكس رفضًا لمحاولات تحميل
الطرفين مسؤولية متساوية، وتأكيدًا على أن أي وساطة لا تُدين الهجمات الإسرائيلية
تبقى في نظرها منحازة وغير مقبولة.
التحرك البريطاني جاء في توقيت حساس، إذ
يتصاعد التوتر على الأرض، وتحذر تقارير استخباراتية غربية من إمكانية انزلاق
المنطقة إلى مواجهة مفتوحة.
ميدانيا أفادت وسائل إعلام عبرية، مساء
الجمعة، بأن نحو 7 صواريخ سقطت في مناطق متفرقة داخل إسرائيل من بينها تل أبيب، مع
بدء إيران الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف طهران مؤخرا.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت"
العبرية الخاصة أن 7 صواريخ إيرانية سقطت في تل أبيب وضواحيها بعد إخفاق منظومات
الدفاع الجوي في اعتراضها.
وأضافت الصحيفة أن إيران أطلقت خلال دفعة
أولى نحو 100 صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل، فيما أكدت قناة "14"
العبرية سقوط صاروخ في تل أبيب، وتصاعد أعمدة الدخان من موقع الاستهداف.
بدورها ذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية،
أن "150 صاروخا أطلق من إيران"، وادعت اعتراض معظمها.
فيما قالت صحيفة "يسرائيل هيوم"،
إن إيران أطلقت الصواريخ في ثلاث دفعات.
وتحدثت قناة 12 العبرية، عن إصابة 17 شخصا
جراء الصواريخ الإيرانية.
بدورها، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن
نيرانا اندلعت قرب مقر وزارة الدفاع في تل أبيب عقب الهجوم الصاروخي.
وفي السياق ذاته، قالت قناة 12 العبرية إن
صافرات الإنذار دوّت في غالبية أنحاء إسرائيل، في ظل محاولات منظومات الدفاع الجوي
اعتراض الصواريخ الإيرانية.
وعقب بدء الرد الإيراني، قال وزير الدفاع
الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن طهران "تجاوزت الخطوط الحمراء" وتوعد
"بتدفيعها ثمنا باهظا".
ومنذ فجر الجمعة، بدأت إسرائيل، وبدعم ضمني
من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بأكثر من 200 مقاتلة، أسمته
"الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة
واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أن هجومه
"الاستباقي"، الذي يتواصل على موجات متتالية، جاء بتوجيهات من المستوى
السياسي، فيما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن "هدف الهجوم غير المسبوق
هو ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ البالستية والعديد من
القدرات العسكرية".
بالمقابل، أكدت إيران على حقها الشرعي في
الرد على الهجوم، وتوعد المرشد الأعلى علي خامنئي - عبر رسالة وجهها إلى شعبه -
إسرائيل، بـ"برد ساحق" يجعلها تندم على هجومها.
وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل
ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها
مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.
وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي
تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية.