سياسة دولية

تل أبيب وواشنطن تطالبان بيروت بتسيلم ياباني نفذ هجوما قبل 53 عاما

يُقيم أوكاموتو في لبنان منذ عام 1985 بصفته لاجئاً سياسياً- إكس
في الذكرى الثالثة والخمسين للهجوم المسلح الذي استهدف مطار اللد الفلسطيني (بن غوريون حالياً) قرب تل أبيب عام 1972، لا يزال اسم كوزو أوكاموتو، أحد منفذي الهجوم الثلاثة، حاضراً في سجلات "المطلوبين" لدى الولايات المتحدة، التي رصدت مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله.

وجاء في منشور رسمي عبر حساب "برنامج مكافآت العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية: "لم ننسَ. ساعدونا في تحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم".

ويُقيم أوكاموتو في لبنان منذ عام 1985 بصفته لاجئاً سياسياً، ويعيش في منطقة البقاع وسط حماية لبنانية ورفض رسمي لتسليمه، رغم المطالبات الأمريكية واليابانية المتكررة.

عملية بين الجيش الأحمر والجبهة الشعبية
في 30 أيار/مايو 1972، حطت طائرة قادمة من العاصمة الإيطالية روما في مطار اللد بالداخل المحتل٬ وعلى متنها ثلاثة يابانيين يحملون جوازات سفر مزورة: تسويوشي أوكودايرا، وياسويوكي ياسودا، وكوزو أوكاموتو. ينتمون جميعهم إلى "الجيش الأحمر الياباني"، وهي منظمة ماركسية ثورية مسلحة، وكان الهجوم بالتنسيق الكامل مع "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، التي كانت تتبنى آنذاك تكتيكات الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية.

ما إن وصل الثلاثة إلى صالة استلام الأمتعة حتى أخرجوا أسلحة رشاشة وقنابل يدوية وفتحوا النار على المسافرين في هجوم استمر دقائق، وأسفر عن مقتل 26 شخصاً، بينهم 17 أمريكياً، وإصابة أكثر من 71 آخرين بجروح متفاوتة.


نهايات منفذي العملية الثلاثة
قُتل ياسودا خلال الاشتباك المسلح، فيما فجر أوكودايرا نفسه بقنبلة يدوية. أما أوكاموتو، فنجا من الموت رغم إصابته بجروح بالغة، وألقي القبض عليه وهو في حالة إنهاك جسدي. 

وكان يحمل حينها جواز سفر باسم مزيف هو "ديسوكي نامبا"، نسبة إلى الشاب الياباني الذي حاول اغتيال ولي العهد هيروهيتو عام 1923، بينما أطلقت عليه "الجبهة الشعبية" الاسم الحركي "أحمد".


13 عاماً في سجون الاحتلال
وأصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بسجن أوكاموتو ثلاث مؤبدات، قضى منها 13 عاماً في الأسر، معظمها في العزل الانفرادي، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية والنفسية. 

وفي 20 أيار/مايو 1985، أُفرج عنه ضمن صفقة تبادل أسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، شملت مئات المعتقلين الفلسطينيين والعرب.

وبعد الإفراج عنه، انتقل أوكاموتو إلى لبنان، حيث منحته السلطات صفة "لاجئ سياسي"، ويعيش في منطقة البقاع منذ ذلك الحين، محاطاً برعاية صحية ومراقبة أمنية مشددة.

خلفية شخصية وأبعاد سياسية
ينحدر كوزو أوكاموتو من عائلة متوسطة الحال في جنوب اليابان، وهو الأصغر بين ستة إخوة وأخوات. 
وقد انخرط مبكراً في صفوف الجيش الأحمر الياباني، الذي كانت تتزعمه فوساكو شيغينوبو، وهي بدورها قضت 20 عاماً في السجون اليابانية قبل أن يفرج عنها لاحقاً. 

وعلقت ابنتها، مي شيغينوبو، التي نشأت في لبنان على الوضع قائلة: "لا أظن أن أوكاموتو يشكل تهديداً لأي أحد اليوم، لا لإسرائيل ولا لليابان، لكنه ما يزال تحت المتابعة الدولية، بينما حالته الجسدية والنفسية هشة للغاية".

وأضافت: "طالما هناك تركيز على اسمه، لا يمكننا استبعاد احتمال أن حياته لا تزال مهددة".


مطالبات متكررة وموقف لبناني ثابت
لا تزال اليابان تطالب لبنان سنوياً بتسليم أوكاموتو، في وقت تصر بيروت على رفض تلك المطالب، نظراً لوضعه كلاجئ سياسي، ولحالته الصحية التي لا تسمح له بمواجهة محاكمة جديدة، إضافة إلى ما يعتبره البعض "رمزية نضالية" لا تزال مرتبطة به لدى فصائل سياسية فلسطينية ويسارية في لبنان والمنطقة.

بهذا، يبقى كوزو أوكاموتو، بعد أكثر من نصف قرن على العملية التي هزت الاحتلال الإسرائيلي وأربكت حسابات الأمن العالمي، اسماً يتأرجح بين ذاكرة الكفاح المسلح، وملاحقات أجهزة الاستخبارات، وملف سياسي مؤجل على طاولة العلاقات اليابانية اللبنانية.