تتابع الأوساط
الإسرائيلية باهتمام مستقبل اتفاقية الغاز مع مصر، وسط اتهامات للحكومة ووزير الطاقة إيلي كوهين بعرقلة إقرارها وتأخيرها إلى حدّ السعي لإلغائها، رغم أنها يفترض أن تزود "إسرائيل" بغاز تصل قيمته إلى 35 مليار دولار، وأن تمنح خزينة الاحتلال عوائد كبيرة، وتتيح لشركة "شيفرون" الأمريكية توسيع إنتاجها نحو قنوات إضافية مربحة، بما يعزز موقع "إسرائيل" كمورد رئيسي للغاز إقليميا ودوليا.
وذكر المستشرق بنحاس عنبري، في موقع "زمان إسرائيل"، أن "إلغاء الصفقة بعد توقيعها في مراحلها الأولى لن يؤدي فقط إلى خسارة أموال ضرورية في ظل الاحتياجات الأمنية المتزايدة، بل سيلحق ضررا بسمعة "إسرائيل" كدولة تلتزم باتفاقياتها، وقد يؤثر سلبا على قدرتها على إبرام عقود مستقبلية مع أوروبا، التي باتت حساسة للغاية بعد خرق روسيا لعقود الطاقة لأسباب سياسية".
وطرح عنبري أسئلة حول مبررات الوزير كوهين للعقبات التي يضعها أمام الاتفاقية، مضيفاً أنه "يدّعي السعي لظروف أفضل لإسرائيل، إلى جانب مخاوفه من التعزيزات العسكرية المصرية في سيناء".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أن "التفسيرات المتداولة لتعثر الصفقة متضاربة: فإذا كانت التعزيزات المصرية في سيناء هي السبب، فنحن أمام قضية أمنية تتناقض مع التبرير الاقتصادي، وإذا كان السبب أمنياً، فما جدوى الحديث عن شروط اقتصادية؟ وإذا كان اقتصادياً، فهل تُفقد الصفقة برمتها بهدف تحسين الشروط؟ ربما يكمن السبب الحقيقي في الاعتبار الأمني".
وتساءل عمّا إذا كان نشر مكتب رئيس الوزراء معلومات مفادها أن "مصر تخطط لحرب" يهدف إلى إقصائها عن دور الوسيط الرئيسي وتعزيز دور قطر، واصفاً ذلك بأنه يشبه "فضيحة قطر غيت".
وأشار الكاتب إلى أن "قرارات استراتيجية بهذا الحجم لا تُتخذ في وزارة الطاقة، بل في مكتب رئيس الوزراء"، موضحاً أن فهم صراعات القوى في الشرق الأوسط يتطلب النظر إلى المنافسة على خطوط الطاقة، خصوصا الغاز الطبيعي.
فمن جهة هناك خطة لم تستكمل بعد لربط الهند عبر الجزيرة العربية والأردن وإسرائيل، وتشمل خطوط غاز ونفط من الخليج والسعودية والأردن إلى إسرائيل وصولا إلى أوروبا.
اظهار أخبار متعلقة
وفي المقابل، طرح قطر مشروعاً متكاملا يدعى "خطة نابوكو" لنقل غازها بالشراكة مع إيران عبر السعودية وسوريا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، وهو مشروع يفترض أن يحول تركيا إلى قوة طاقة دون امتلاكها حقولاً خاصة، ويقول عنبري إن بشار الأسد عارض الخطة سابقا، لكن بعد "سقوطه" وتزايد النفوذ التركي في سوريا، تجدد الدفع باتجاه تنفيذها، غير أن مرور خطوط الأنابيب عبر السعودية والأردن يظل عقبة لأن هذه الدول لن توافق عليها.
ويرى أن "العلاقة بين هذه التطورات الإقليمية واتفاقية الغاز المعلقة بين مصر وإسرائيل تتمحور حول تركيا"، معتبرا أنه "ليس صدفة أن تبدي أنقرة حرصا شديدا على وجودها في
غزة، لأنها تريد الميناء لتأسيس قاعدة تركية في شرق المتوسط تمنع قيام شراكة الطاقة الإسرائيلية المصرية القبرصية اليونانية".
اظهار أخبار متعلقة
وكشف أن "الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل للتصديق على الاتفاقية مع مصر بأسرع وقت، لأنها ضرورية لأمنها في مجال الطاقة، ومن دونها قد تواجه تل أبيب صعوبات متزايدة"، وأضاف أن استقرار النظام المصري ضروري للحفاظ على اتفاقية السلام التي تعد "رصيداً استراتيجياً لإسرائيل".
وتشير هذه القراءة الإسرائيلية إلى تضارب واضح بين مصالح إسرائيل المرتبطة بهذه الصفقة، سواء من ناحية اقتصادية أو أمنية أو سياسية، وبين أولويات حكومة اليمين الفاشي التي تعطي حساباتها الائتلافية الأولوية على حساب المصلحة الاستراتيجية للدولة، في سياق لا يقتصر على ملف الطاقة فقط بل يمتد إلى مجمل السياسة الإسرائيلية.