كشفت وكالة رويترز أن ولي العهد السعودي محمد
بن سلمان تلقى، خلال الاستعدادات النهائية لزيارته المرتقبة إلى البيت الأبيض، رسالة غير مألوفة من الرئيس
الإيراني مسعود
بزشكيان طلب فيها وساطة الرياض لاستئناف المحادثات النووية بين طهران وواشنطن.
وبحسب مصدرين إقليميين تحدثا للوكالة، فإن الطلب الإيراني جاء مدفوعا بالخوف من اندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
وقال بزشكيان في رسالته، وفق المصادر، إن إيران "لا تسعى إلى المواجهة" وإنها مهتمة بتعزيز التعاون مع دول المنطقة، مضيفا أنها لا تمانع حلا دبلوماسيا للملف النووي شريطة الحصول على ضمانات بعدم المساس بحقوقها.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن الرسالة إلى بن سلمان "شأن ثنائي"، بينما لم تُدلِ الرياض بأي تعليق رسمي حتى اللحظة.
قناة سعودية نحو واشنطن
مصدر خليجي أفاد لرويترز بأن طهران تبحث عن مسار آمن لإعادة فتح قنوات التواصل مع واشنطن، وأن ولي العهد السعودي يبدي رغبة في الدفع نحو حل غير عسكري للأزمة.
وأضاف المصدر أن بن سلمان أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب باستعداده للمساعدة في ذلك، وهو ما كرره لاحقا في مؤتمر صحفي الثلاثاء: "سنبذل قصارى جهدنا لمساعدة الطرفين على التوصل إلى اتفاق".
ويرى التقرير أن اختيار السعودية وسيطا خطوة مفاجئة لكنها ليست اعتباطية؛ فالعلاقة بين طهران والرياض شهدت تحسنا ملحوظا بعد المصالحة التي رعتها الصين عام 2023، فيما تحولت المملكة لاحقا إلى لاعب دبلوماسي رئيسي بفضل علاقاتها الوثيقة مع واشنطن وصلاتها الشخصية بترامب.
ويؤكد مسؤولون إيرانيون سابقون أن الوساطة السعودية أصبحت أكثر فاعلية من قنوات تقليدية مثل عُمان وقطر.
اظهار أخبار متعلقة
شروط متباعدة رغم الرغبة في الحوار
ورغم استعداد الطرفين للعودة إلى المسار الدبلوماسي، إلا أن الخلافات الأساسية لا تزال عميقة. فإيران تتهم الولايات المتحدة بـ"خيانة الدبلوماسية" من خلال وقوفها مع الاحتلال الإسرائيلي في الحرب، وتطالب برفع العقوبات النفطية التي تخنق اقتصادها.
في المقابل، تصر واشنطن على وقف تخصيب اليورانيوم وتقليص برنامج الصواريخ الباليستية ووقف دعم المجموعات المسلحة في المنطقة، وهي مطالب ترفضها طهران بشدة.
وفي حين يواصل ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحذير من هجوم عسكري جديد إذا استأنفت إيران مستويات أعلى من تخصيب اليورانيوم، تتمسك طهران بأن برنامجها النووي "مدني بالكامل"، متوعدة برد "ساحق" على أي هجوم إسرائيلي.
ضائقة داخلية تضغط على القيادة الإيرانية
ورغم تشدد المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي يكرر رفضه التفاوض "تحت التهديد"، إلا أن الضغوط الداخلية تجعل هذا الموقف أكثر تعقيدا. فإيران تعاني من انهيار اقتصادي وتراجع في قيمة الريال، وارتفاع كبير في معدلات التضخم، إضافة إلى أزمة مياه حادة ناجمة عن سوء الإدارة والعقوبات.
وبحسب مسؤولين إيرانيين رفيعين تحدثا لرويترز، فإن الخوف من هجوم إسرائيلي آخر والضائقة الاقتصادية يدفعان طهران للبحث عن اختراق دبلوماسي مع واشنطن.
وتأتي هذه التحركات بعد تقارير إعلامية محلية أشارت إلى أن مستشارا بارزا للمرشد دعا ترامب الأسبوع الماضي إلى "محادثات جادة قائمة على الاحترام المتبادل والمساواة".