سلطت صحيفة "
نيويورك تايمز" الضوء على خطط ولي العهد السعودي للتوسع والشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب الزيارة التي أجراها محمد بن سلمان إلى واشنطن ولقائه، الرئيس دونالد
ترامب، مشيرة إلى أن التطلعات الكبيرة للأمير الشاب تصطدم بنقص السيولة في صندوقه الضخم للثروة.
وقالت الصحيفة إن زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن هذا الأسبوع رسمت مشهدا مألوفا: "زعيم دولة غنية بالنفط يُقرّب الرئيس ترامب وعمالقة الصناعة الأمريكية". مشيرة إلى أن هذا المظهر الثري يعد جوهر قوة المملكة العربية
السعودية وصورتها في الولايات المتحدة وداخلها، حيث تعهدت الحكومة السعودية بما لا يقل عن تحول اقتصادي لشبابها.
وفي المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء، صرّح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصحفيين، دون الخوض في تفاصيل، بأن بلاده ستستثمر تريليون دولار في أمريكا. لكن ثمة حقيقة مختلفة تُتداول همسًا في أروقة السلطة في الرياض و"وول ستريت" تقول، إن صندوق
الاستثمارات العامة السعودي، الذي دأبت المملكة على استخدامه للوفاء بالتزامات مثل تلك التي قطعتها هذا الأسبوع في واشنطن، يعاني من نقص السيولة اللازمة للاستثمارات الجديدة.
اظهار أخبار متعلقة
وأرجعت الصحيفة إلى أن عجز الصندوق يعود إلى حد كبير إلى أن الأمير محمد ونوابه الذين أنفقوا جزءًا كبيرًا من ثروات البلاد على مشاريع تعاني من ضائقة مالية، وهم يحاولون جاهدين تغيير مسار الأمور، وفقًا لأحد عشر شخصًا مطلعين على عملياتها، بمن فيهم موظفون حاليون وأعضاء مجلس إدارة ومستثمرون وممثلون عنهم.
وعددت الصحيفة المشاريع المتعثرة مثل نيوم، وهي منطقة شاسعة، تُعتبر مثالية، تقع في أقصى شمال البلاد، وكان من المقرر أن تضم عمالًا آليين ومنتجعًا للتزلج وشواطئ من الرخام المكسر، ولكنها واجهت تأخيرات طويلة.
ثم هناك مشاريع أخرى أكثر تقليدية في محفظة صندوق الاستثمارات العامة المتنامية، والتي لم تقترب من تحقيق النجاح، مثل سلسلة مقاهي بمتجر واحد حتى الآن، وتحلم بتصدير حبوب البن إلى النمسا؛ وخط رحلات بحرية بسفينة واحدة؛ وشركة ناشئة للسيارات الكهربائية بدأت قبل ثلاث سنوات ولم تُسلّم أي سيارة بعد.
ولا تزال المملكة تنعم بثروة نفطية هائلة. ومع ذلك، فإن قدرتها على ضخ النفط مقيدة بشدة بالاتفاقيات الجيوسياسية لتقليص العرض وانخفاض سعر النفط الخام بشكل عام. تُعاني الحكومة من عجزٍ متزايد في الميزانية، وتلجأ إلى الاستدانة للوفاء بوعود الأمير محمد بن سلمان المحلية.
وفي حين يُصرّح صندوق الاستثمارات العامة بأنه يمتلك أصولًا تُقارب تريليون دولار، إلا أن جزءًا كبيرًا من محفظته مُركّب في أصول يصعب بيعها ولا تتوفر لها تقييمات عامة. وقد بدأ ممثلو الصندوق بإبلاغ المستثمرين الدوليين بأنه يكاد يكون عاجزًا عن تخصيص المزيد من الأموال في المستقبل المنظور، وفقًا لما ذكره ستة أشخاص مطلعين على تلك المناقشات.
وقال مروان بكر علي، المتحدث باسم الصندوق، إن الصندوق لديه 60 مليار دولار نقدًا وأدوات مالية مماثلة. ووصفها بأنها "ذات سيولة عالية وفقًا للمعايير الإقليمية".
اظهار أخبار متعلقة
وقال أشخاص مطلعون، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة خطط أعمال سرية، إن صندوق الاستثمارات العامة يُعيد هيكلة عملياته خلف الكواليس تحت إشراف ولي العهد.
وأقال الأمير رئيس مشروع نيوم، وهو واحد على الأقل من مشاريعه الأكثر عرضة للخطر، وفقًا لشخصين مطلعين على الأمر. في غضون ذلك، يُخفّض الصندوق بشدة التوقعات المالية الداخلية لمختلف الاستثمارات، بما في ذلك سلسلة من المنتجعات الفاخرة على البحر الأحمر، والتي لا يزال معظمها خاليًا.
وأفاد أحد المصادر أن مجلس إدارته يضع أيضًا خططًا للتصرف بشكل مختلف في المستقبل من خلال الاستثمار في مجالات أكثر تقليدية مثل الأسهم والسندات المُدرجة في البورصة. ويأمل الصندوق في مضاعفة حجمه إلى تريليوني دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، على الرغم من أنه من غير الواضح حجم هذا المبلغ الذي سيأتي من مكاسب الاستثمار ومقدار الأموال الجديدة التي ستُضخّ من الحكومة السعودية.
في غضون ذلك، كانت التحركات الأكبر لصندوق الاستثمارات العامة في الأشهر الأخيرة عبارة عن المزيد من الاستثمارات الخاصة، وهذه المرة في شركات الذكاء الاصطناعي.
وكان أكبر استثمار لصندوق الاستثمارات العامة هذا الخريف هو عرض شراء حصة مسيطرة في شركة إلكترونيك آرتس، أكبر شركة لألعاب الفيديو في العالم. ويقول ممثلو صندوق الاستثمارات العامة إنه استثمار طويل الأجل سيتضاعف قيمته في نهاية المطاف. ويشير مقربون من الصندوق إلى عامل تحفيز آخر: الأمير محمد بن سلمان مولع بألعاب الفيديو.