شارك آلاف الموريتانيين في مهرجان جماهيري مساء السبت في العاصمة نواكشوط، للمطالبة بمكافحة
الفساد ومحاسبة المفسدين.
المهرجان الذي دعا له حزب "
التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (أكبر أحزاب
المعارضة) نظم تحت شعار "فساد يتمدد ومعاناة تتجدد".
ويأتي المهرجان بعد أسابيع من نشر محكمة الحسابات تقريرا مثيرا للجدل كشف اختلالات واسعة في تسيير عدد من القطاعات الحكومية.
اظهار أخبار متعلقة
ورفع المشاركون في المهرجان الجماهيري شعارات تدعو لمحاسبة المفسدين واسترجاع الأموال المنهوبة من خزينة الدولة، وشعارات أخرى تطالب بهبة لمحاسبة من يتأكد ارتكابه لجرائم فساد وسرقة للمال العام.
وقال رئيس الحزب حمادي ولد سيد المختار، إن الفساد أصبح عائقاً رئيسياً أمام التنمية ومصدراً لـ "معاناة متجددة" للشعب الموريتاني، لافتا إلى ما سماه "تردي الخدمات الأساسية وغلاء الأسعار وتفاقم البطالة التي تدفع الشباب إلى الهجرة".
وأكد أن محاربة الفساد تتطلب "إرادة صلبة في وجه تدخلات القبائل، وإيقاف الزبونية والتعيينات على أساس المحاصصة القبيلة".
ودعا إلى تفعيل المؤسسات المعنية بمحاربة الفساد، ومن بينها مفتشية الدولة ومحكمة الحسابات، ومنحها الصلاحيات وتكوين القائمين عليها.
وقال نائب رئيس الحزب محمد ولد محمد امبارك، إن الآلاف استجابوا لدعوة الحزب من أجل التعبير عن رفضهم لحجم النهب الحاصل للأموال العمومية.
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "هذا المهرجان يمثل رسالة واضحة من الشعب الموريتاني إلى النظام والحكومة أنه لن يصمت على نهب الأموال من خزينة الدولة بهذا الشكل".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار ولد محمد امبارك، إلى أن "الفساد الذي تم كشفه في عدة قطاعات حكومية هو جزء فقط من النهب المستمر للمال العام" مضيفا أن كل ذلك يحصل في وقت تنعدم فيه الخدمات الأساسية وتنتشر البطالة بين الشباب.
من جهته قال القيادي في الحزب عبد الرحمن الصوفي إنه تجب محاسبة جميع المشمولين في تقرير محكمة الحسابات.
وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن الشعب الموريتاني مصر على فرض ملاحقة جميع المفسدين وتقديمهم للمحاكمة.
واعتبر أن "الفساد المستشري هو السبب المباشر في تردي الخدمات الأساسية في جميع أنحاء البلاد" مضيفا أن حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" المعروف اختصارا بـ"تواصل" مستمر في نضاله حتى تتخذ إجراءات حقيقية لمنع نهب الأموال العمومية.
تقرير مثير
وقبل أسابيع كشفت محكمة الحسابات في تقرير لها اختفاء مبالغ كبيرة بمئات الملايين من الدولارات من خزينة الدولة، خلال سنتي 2022 و2023 وذلك بعد تفتيش قامت به لبعض القطاعات الحكومية.
وأثار التقرير سجالا واسعا في البلاد، ما دفع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى إقالة 20 مسؤولا حكوميا إثر توجيه تهم لهم تتعلق بتبديد المال العام، وردت في تقرير محكمة الحسابات.
وأحالت محكمة الحسابات أسماء 30 شخصية إلى الحكومة باعتبارها محل اشتباه في الحيثيات التي أوردتها المحكمة في تقريرها، حيث أحالتهم الحكومة بدورها إلى الادعاء العام لمباشرة التحقيق.
وأعلن المدعي العام لدى المحكمة العليا القاضي محمد الأمين محمد الأمين يوم 22 أكتوبر المنصرم توصلهم بتقرير محكمة الحسابات الصادر حديثا، مردفا أنهم سيعملون على استغلال مضمونه لمباشرة المتابعات القضائية، وستكون هذه المتابعات ضد كل من تسند إليه أفعال تشكّل اختلاسا أو تبديدا للمال العام.
واستمعت خلال الأسبوعين الماضيين شرطة الجرائم الاقتصادية للمشمولين في الملف.
اظهار أخبار متعلقة
ملفات أمام القضاء
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أكد في تصريحات قبل يومين أنه خلال الأشهر الأخيرة تم تحويل عشر ملفات فساد إلى القضاء، شملت سبعين شخصا، عشرون منهم في السجن، وتسعة عشر استفادوا من حرية مؤقتة، وهي شأن قضائي، وثلاثون ما زالوا على مستوى النيابة العامة.
وقال ولد الغزواني إن الدولة والحكومة "لا تتهرب من مسؤوليتها في مكافحة الفساد، ومسؤوليتها بالدرجة الأولى هي مكافحة الفساد المالي والإداري، لكن مكافحة بقية أنواع الفساد هي مسؤولية النخب، ولن تكون محاربة الفساد المالي والإداري مجدية ما لم تفعل محاربة أنواع الفساد الأخرى".
وشدد الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني على أنه لا تنمية ولا عدالة مع الفساد، معبرا عن ثقته في أنه إذا استمر التخطيط والمتابعة ومكافحة الفساد فإن البلاد ستتجاوز مراحل كثيرة، منبها إلى أن مكافحة الفساد بكل أنواعه مسؤولية جماعية.
ونبه ولد الغزواني إلى أن من أسرع الطرق لمحاربة الفساد العمل على التحول الرقمي، ولذا أنشأوا قطاعا حكوميا خاصا به، كما أطلقوا مجموعة من التطبيقات سهلت حياة المواطنين وخدمت الشفافية.