صحافة إسرائيلية

WSJ: "إسرائيل" أصبحت أقوى لكن أكثر عزلة بعد عامين من الحرب

أكد التقرير أن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطينيا جدد الدعوات العالمية لإقامة دولة فلسطينية- جيتي
أكد التقرير أن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطينيا جدد الدعوات العالمية لإقامة دولة فلسطينية- جيتي
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعده ياروسلاف تروفيموف قال فيه إن حرب غزة تثير ردود فعل عالمية تهدد آفاق الاحتلال الإسرائيلي على المدى البعيد.

وذكر التقرير أنه بعد عامين من أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يجتمع المفاوضون في مصر في "محاولة لإنهاء إراقة الدماء من خلال صفقة رهائن (أسرى) وانسحاب إسرائيلي من قطاع غزة المُدمر".

وأضاف "تخرج إسرائيل من الهجوم كقوة إقليمية مهيمنة بسلسلة من الانتصارات العسكرية. لكن قتالها ضد حركة حماس المسلحة جعلها أيضا معزولة سياسيا بشكل متزايد ومعرضة لخطر فقدان الدعم الغربي طويل الأمد الذي كان حيويا لبقائها".

وقال إن استشهاد أكثر من 67,000 فلسطينيا في غزة، وفقا للسلطات المحلية، أدى إلى إحياء الدعوات العالمية لإقامة دولة فلسطينية، ووضع "إسرائيل" في خلاف مع إجماع دولي متزايد.

وأوضح أنه "بعد أن تعافى الجيش الإسرائيلي من الصدمة الأولى لاختراق حماس وحملة القتل التي شنّتها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وجه سلسلة من الضربات القوية إلى كوكبة أعدائه الاستراتيجيين بأكملها".

وذكر أن الاحتلال "أضعف حماس وحزب الله اللبناني، وانهار نظام الأسد في سوريا، وتضررت القيادة العسكرية الإيرانية وبرامجها الصاروخية والنووية بشدة".

اظهار أخبار متعلقة


وقال شالوم ليبنر، الزميل في مركز أتلانتك كاونسل والذي عمل مستشارا للعديد من رؤساء الوزراء الإسرائيليين: "إقليميا، أصبحت إسرائيل أقل عرضة للتهديد مما كانت عليه قبل عامين. أما على الصعيد الدولي، فهي بين المطرقة والسندان، والاتجاهات طويلة المدى لا تصب في مصلحتها".

وذكر التقرير "امتد الغضب على إسرائيل من العالم الإسلامي إلى أوروبا، وبشكل متزايد إلى الولايات المتحدة، حيث انقلبت أجزاء كبيرة من الحزب الديمقراطي وجزء متزايد من حركة لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى ضد المساعدات الأمريكية لإسرائيل".

وأضاف "في حين ظل الرئيس ترامب داعما، فإن عزلة إسرائيل الجديدة منحته نفوذا غير عادي - سلطة مارسها بالفعل لعرقلة خطط ضم الضفة الغربية، وإجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الاعتذار عن ضربة لقطر، وإجبار إسرائيل على الرضوخ لخطة وقف إطلاق النار الأخيرة في غزة".

وأكد أن "هذا الاستبعاد لأصدقاء إسرائيل السابقين حول العالم من شأنه أن يضعف، بطريقة قد تكون دائمة، ليس فقط مكانة نتنياهو وخلفائه، ولكن أيضا جدوى مشروع تأسيس إسرائيل على المدى الطويل".

وأشار إلى أنه "من الجامعات الأمريكية إلى المدارس الثانوية الأوروبية، أصبح التضامن مع القضية الفلسطينية - والعداء للصهيونية - هما السمتان السياسيتان لجيل جديد".

قالت ميراف زونسزين، كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية: "سيتحمل اليهود والإسرائيليون العاديون، وليس الجنود والسياسيون، وطأة ذلك لسنوات قادمة".

في خطابه الشهر الماضي في الأمم المتحدة، قال نتنياهو: إن العديد من "قادة العالم الضعفاء الذين يسترضون الشر" من خلال مهاجمة إسرائيل علنا يشكرونه سرا، قائلا إنهم يستسلمون خوفا من "وسائل الإعلام المتحيزة، والدوائر الانتخابية الإسلامية المتطرفة، والغوغاء المعادين للسامية".

واعتبر التقرير أن "عناصر معاداة السامية والتطرف الإسلامي تتجلى في الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل التي اجتاحت الدول الغربية - حيث حمل المتظاهرون في بعض الحالات أعلام حماس وحزب الله وشاركوا في هتافات معادية لليهود".

اظهار أخبار متعلقة


وقالت ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في روما ومستشارة السياسة الخارجية السابقة في المفوضية الأوروبية: "لكن هذا التعبئة الجماهيرية - كما رأينا في الإضراب العام في إيطاليا يوم الجمعة - مدفوعة في المقام الأول بالغضب الواسع من معاملة الفلسطينيين ودعم الحكومات الغربية لإسرائيل".

وأضافت "لقد تجاوزت إسرائيل الحد لأن الغرب سمح لها بذلك. لم يكن أصدقاؤها ودودين للغاية بمعنى ما، لأنهم لم يمنعوها من الانتحار على المدى الطويل". 

ورغم أن الضرر الذي لحق بالمكانة العالمية لإسرائيل حقيقي، فإن حلفاءها يزعمون أنها قد تتعافى بسرعة.

قال جوناثان شانزر، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن تدعم إسرائيل: "لا أعتقد أن هذا الوضع سيستمر. لقد نجت إسرائيل من العديد من الهجمات المختلفة وحملات نزع الشرعية في الماضي.. عندما تنتهي الحرب، ستتغير المعادلة وسيعود الناس إلى العمل كالمعتاد، إلى حد ما".

مع ذلك، يقول آخرون إن العودة إلى العمل كالمعتاد - على الأقل في المدى القريب - أمر مستبعد، خاصة إذا ظل نتنياهو في السلطة.

لإصلاح مكانة إسرائيل في العالم، "يجب أن تنتهي الحرب أولا، وربما يجب ظهور قيادة إسرائيلية جديدة حتى يكون المشروع قابلا للتطبيق"، كما قال دانيال شابيرو، الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل في إدارة أوباما ونائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط في إدارة بايدن. "سيكون الصعود حادا وسيستغرق وقتا". 

عندما غزت حماس إسرائيل قبل عامين، وقتلت نحو 1200 شخصا، وأسرت 251 آخرين واحتجزتهم كانت تراهن على ضربة عسكرية تضعف الدولة اليهودية - ربما بمساعدة حزب الله وإيران - وعلى تركيز عالمي متجدد على التطلعات الفلسطينية، مما سيُقوّض القبول المتزايد لإسرائيل في المنطقة.

فشل قادة حماس في غزة من البداية، وقتل معظمهم. تهدف خطط وقف إطلاق النار التي دفع بها ترامب بدعم من الدول العربية إلى استبدال حكومة حماس في غزة بسلطة تكنوقراطية جديدة.
أشاد نتنياهو، في خطاب ألقاه يوم السبت، بالانتصارات العسكرية التي تحققت خلال العامين الماضيين ووصفها بأنها "إنجازات تاريخية ستُسجل في سجلات إسرائيل وسجلات الأمم".

اظهار أخبار متعلقة


لطالما اعتبر نتنياهو قوة حماس، التي تسعى إلى القضاء على إسرائيل، سببا لاستحالة أي تحرك نحو دولة فلسطينية. لكن هذه الحجة ستكون أقل إقناعا إذا دخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ وأصبحت السلطة الجديدة هناك فاعلة.

في الأسابيع الأخيرة، تحركت دول غربية كبرى، بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، للاعتراف بدولة فلسطينية، متجاهلة احتجاجات نتنياهو.

قال مخيمر أبو سعدة، الأستاذ بجامعة الأزهر في غزة والمقيم حاليا في القاهرة: "عادت قضية فلسطين إلى الواجهة إقليميا ودوليا، بعد أن كادت أن تُنسى قبل عامين". وأضاف: "لذا، هناك مكسب سياسي، لكن الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهظا للغاية، وهو ثمن لم يدفعه من قبل".

أدى إظهار إسرائيل لتفوقها العسكري في الشرق الأوسط، مع إضعافها لأعدائها، إلى إعادة تقييم طويلة الأمد بين شركائها المحتملين. كان الهدف الرئيسي من اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، التي كانت إسرائيل وإدارة ترامب تأملان في أن تمتد إلى المملكة العربية السعودية، هو احتواء النفوذ الإيراني. 

لكن الآن، وبعد أن قصفت إسرائيل ليس فقط إيران ولبنان وسوريا واليمن، بل أيضا مجمعا لحماس في قطر، أصبحت العديد من حكومات الشرق الأوسط ترى في قوة إسرائيل الجامحة مصدر قلق أكبر من إضعاف النظام الديني في إيران.

قال المارشال الجوي البريطاني المتقاعد مارتن سامبسون، الذي يرأس مكتب الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وشغل منصب مستشار الدفاع للحكومة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، إن الاتفاقية الأمنية الأخيرة بين المملكة العربية السعودية وباكستان المسلحة نوويا، بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين الدول العربية وتركيا، كلها جزء من هذا الرد الإقليمي على القوة العسكرية الإسرائيلية.

وقال: "نرى تطور بدايات العلاقات مع إيران والتعاطف معها على إسرائيل. لم ترغب المنطقة أبدا في قوة مهيمنة واحدة في المنطقة. لطالما اعتقدوا أنها ستكون إيران، والآن لديهم واحدة وهي إسرائيل. وإسرائيل قوة مهيمنة إقليمية تمارس بحرية قدراتها الصارمة".
التعليقات (0)