من غير المناسب أن يتشفى البعض في عالمنا العربي في نتائج الاختراق
الإسرائيلي
لإيران مؤخرا، والذي أسفر عن مقتل عدد كبير من قادة الجيش والحرس الثوري
الإيراني
وعلماء الطاقة النووية، بمبرر مساندة النظام الإيراني للنظام السوري وما أسفر ذلك
عن قتل للآلاف من السوريين، وما قامت به قوات الحشد الشعبي بالعراق والمدعومة من إيران
من جرائم ضد السنة العراقيين، وما قامت به قوات الحوثيين في اليمن والمدعومة من إيران
من عمليات قتل لخصومها المدعومين من السعودية في اليمن.
فنحن الآن أمام عدوان إسرائيلي مدعوم أمريكيا وغربيا وعربيا للقضاء على
النظام الإيراني، الذي ساهم في دعم محور المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان أو اليمن
أو العراق، بينما تخاذلت دول عربية وإسلامية عن نصرة أهل غزة ولبنان واليمن بل
وتواطأت بعضها عليهم، وانضمت للمحور الأمريكى الغربى الهادف لتمكين إسرائيل من
التوسع جغرافيا في المنطقة والهيمنة على المنطقة الممتدة من النيل إلى الفرات.
ولهذا يجب ألا يخدعنا البعض بمبرر الخلاف بين السنة والشيعة، وبأنه لا فرق في
تصورهم بين إسرائيل وإيران، فالخلافات بين السنة والشيعة أقل بكثير من الخلافات
بين المسلمين وإسرائيل، التي مارست المذابح الجماعية ضد المسلمين في فلسطين طوال
عقود، والتي كان آخرها ما تقوم به في غزة منذ أكثر من عشرين شهرا، والتي امتد
عدوانها واحتلالها للأراضي إلى الأردن وسوريا ولبنان ومصر.
يصبح من الطبيعي الاصطفاف مع إيران في حربها الحالية مع إسرائيل المدعومة غربيا، فلولا الدعم الغربي والأمريكي والتسهيلات اللوجستية العربية ما استطاعت إسرائيل النفاذ إلى الأراضي الإيرانية، وضرب منشآتها العسكرية والنووية والمدنية وتعطيل قدارتها الدفاعية مؤقتا
ولهذا يصبح من الطبيعي الاصطفاف مع إيران في حربها الحالية مع إسرائيل
المدعومة غربيا، فلولا الدعم الغربي والأمريكي والتسهيلات اللوجستية العربية ما
استطاعت إسرائيل النفاذ إلى الأراضي الإيرانية، وضرب منشآتها العسكرية والنووية
والمدنية وتعطيل قدارتها الدفاعية مؤقتا، وهذا الاصطفاف المطلوب ليس حفاظا على
النظام الحاكم في إيران، بقدر ما هو حفاظ على الدولة الإيرانية التي يتربص بها
الغرب منذ عام 1979، وقام بتوقيع العقوبات
الاقتصادية عليها لسنوات طويلة، لتعطيل
التنمية بها والحيلولة دون استفادتها من ثرواتها
النفطية، وتطوير قدارتها الصناعية
والعسكرية وامتلاك القنبلة النووية السلمية، بينما يتغاضى ذلك الغرب الحاقد على
الإسلام عن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي منذ عقود.
سقوط إيران يعجل بالتهجير
وهكذا نتضامن مع إيران الدولة المسلمة التي ساهمت في صمود المقاومة في غزة
لأكثر من عشرين شهرا، واستمرت في دعمها لهم طوال تلك الشهور ربما بطرق غير معلنة،
لكن بعضها كان واضحا من خلال إضرار الحوثيين بالتجارة الإسرائيلية عبر البحر الأحمر
وتعطيل كبير لميناء إيلات الإسرائيلي على خليج العقبة، وصواريخ الحوثيين على
الداخل الإسرائيلي، بما لها من تأثير معنوي على انتظام الحياة العملية والاقتصادية
في الداخل الإسرائيلي أكثر من تأثيرها العسكري المحدود.
نتضامن مع إيران الدولة المسلمة التي يسعى الغرب وتابعوه العرب إلى استغلال
المجموعات العرقية المتعددة داخلها والفصائل السياسية لإعادتها إلى الحظيرة
الغربية، مثلما كانت في فترة الشاه كشرطي في منطقة الخليج، وحليف لإسرائيل يمدها
بالنفط عبر خط أنابيب خاص، ليصبح خيار الاستسلام للهيمنة الإسرائيلية هو السائد في
المنطقة، ولتتسع دائرة التطبيع معها لتشمل كل الدول العربية وغالب الدول
الإسلامية، ولينزوي الأمل في استعادة الحقوق الفلسطينية، بعد تحقيق مخطط التهجير
للسكان سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو حتى في القدس.
لذا نتضامن مع إيران في حربها مع إسرائيل حفاظا على دولة إسلامية كبيرة، تحتل
المركز السادس بين الدول الإسلامية من حيث عدد السكان البالغ عددهم أكثر من 88
مليون نسمة، بعد إندونيسيا وباكستان ونيجيريا وبنغلاديش ومصر، وتحتل المركز السابع
بين الدول الإسلامية من حيث قوة العمل البالغة 29 مليون شخص، بعد إندونيسيا ونيجيريا
وباكستان وبنجلاديش وتركيا ومصر، والتي تشغل المركز السابع بين الدول الإسلامية من
حيث المساحة البالغة 1.648 مليون كيلومتر مربع، بعد دول كازاخستان والجزائر
والسعودية وإندونيسيا والسودان وليبيا.
العقوبات الأمريكية والأوروبية تعطل التنمية
كما احتلت إيران المركز السادس بين الدول الإسلامية من حيث حجم الاقتصاد
البالغ 402 مليار دولار عام 2023 بطريقة سعر الصرف، بعد إندونيسيا وتركيا
والسعودية والإمارات وبنغلاديش، كما احتلت المركز الخامس في نفس العام حسب حجم الاقتصاد
بين الدول الإسلامية بطريقة تعادل القوى الشرائية، والبالغ 1.598 تريليون دولار
بعد إندونيسيا وتركيا ومصر والسعودية.
وشغلت إيران في العام الماضي وحسب بيانات منظمة التجارة العالمية المركز
السادس بين صادرات الدول الإسلامية، بقيمة 106 مليار دولار، بعد ماليزيا والإمارات
والسعودية وإندونيسيا وتركيا، كما شغلت المركز التاسع في واردات الدول الإسلامية
السلعية بقيمة 69 مليار دولار، بعد الإمارات وتركيا وماليزيا وإندونيسيا والسعودية
ومصر والعراق والمغرب.
واحتلت المركز السابع في التجارة بين الدول الإسلامية بقيمة 174 مليار
دولار، بعد الإمارات وماليزيا وتركيا والسعودية وإندونيسيا والعراق، مع تحقيق فائض
تجاري ضخم منذ سنوات طويلة؛ تحول العقوبات الغربية دون الاستفادة القصوى منه في
دفع التنمية بالداخل الإيراني، ولتعظيم استفادة السكان من ناتج تلك التنمية، حيث
تسبب الحصار الغربي والعقوبات في تدني نصيب الفرد الإيراني من الدخل القومي إلى 4680
دولار عام 2023، في المركز 125 عالميا مقابل متوسط دولي بلغ 13 ألف 212 دولار،
وارتفاع نسبة البطالة إلى 9.2 في المائة العام الماضي، ترتفع إلى 22.8 في المائة
بين الشباب في سن ما بين 15 إلى 24 سنة.
فالقيود تحول بينها وبين الاستفادة الكاملة من ثروتها النفطية، كبلد يحتل
رغم العقوبات والحصار المركز الثامن عالميا في إنتاج الخام بنحو 2.59 مليون برميل
يوميا عام 2023، تم تصدير 1.323 مليون برميل منها لتشغل المركز الثاني عشر دوليا في
تصدير الخام، إلى جانب 408 آلاف برميل يوميا من المشتقات مكنتها من شغل المركز
الثامن عشر دوليا في تصدير المشتقات، حيث يتسبب الحصار في اتباعها طرقا ملتوية
للنفاذ بصادراتها بعيدا عن الرقابة الأمريكية، كما تضطر للبيع بقيمة أقل لتشجيع
المشترين لتحمل مخاطر العقوبات الأمريكية، وعدم استطاعتها تحقيق الاكتفاء الذاتي
من أنواع المشتقات واضطرارها لاستيراد 95 ألف برميل يوميا من المشتقات.
كما تتسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية بعدم استفادتها كما يجب من
احتياطياتها الضخمة من النفط الخام، حيث تحتل المركز الثالث دوليا في الاحتياطيات
بعد فنزويلا والسعودية، بحجم 209 مليارات برميل، وصعوبات تطوير ذلك الاحتياطي
الثابت حجمه لعدة سنوات من خلال عمليات الاستكشافات الجديدة، وهو نفس الأثر مع
احتياطياتها من الغاز الطبيعي البالغة 34 تريليون متر مكعب، والذي يمثل الاحتياطي الثاني
دوليا بعد روسيا وبنسبة 16.5 في المائة من الاحتياطيات الدولية من الغاز، وهي الاحتياطيات
الثابت رقمها في السنوات الأخيرة لضعف عمليات الاستكشاف، لتصل صادرات إيران من
الغاز الطبيعي عام 2023 حوالي 13 مليار متر مكعب خلال العام، محتلة المركز التاسع
عشر دوليا في صادرات الغاز الدولية، حيث تستهلك غالب إنتاجها المسوّق من الغاز الطبيعي
والبالغ 275 مليار متر مكعب من الغاز محليا، حيث يمثل استهلاك الغاز نسبة 70 في المائة
من استهلاكها من الطاقة محليا، إلى جانب النفط بنسبة 27.5 في المائة والطاقة
الكهرومائية بنسبة 1.7 في المائة، والفحم بنسبة ستة في الألف، والطاقة النووية بنسبة
نصف في المائة، والطاقة المتجددة بنسبة 2 في الألف، حيث يحول الحصار والعقوبات الأوروبية
والأمريكية دون تطوير قدراتها من أنواع الطاقة غير الأحفورية، لتحقيق استفادة أكبر
من إنتاجها من الغاز الطبيعي والنفط.
x.com/mamdouh_alwaly