سياسة دولية

مسلم أسترالي من أصول سورية يتحول إلى "بطل قومي" بعد هجوم شاطئ بوندي

أحمد الأحمد ينقض على أحد المهاجمين وينزع سلاحه وسط إطلاق النار - لقطة شاشة يوتيوب
تحول اسم المسلم الأسترالي أحمد الأحمد إلى محور اهتمام واسع داخل أستراليا وخارجها، عقب تدخله البطولي خلال هجوم مسلح شهدته منطقة شاطئ بوندي في مدينة سيدني، الأحد، وأسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة 29 آخرين، في واحدة من أكثر الحوادث دموية وإرباكا للبلاد في السنوات الأخيرة.

ومع لحظات الفوضى والذعر التي عمت المكان، برز الأحمد بوصفه أحد أبرز من تصدوا للخطر، بعد أن نجح في الانقضاض على أحد المهاجمين ونزع سلاحه، في مشهد وثقته كاميرات الهواتف وتداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.

وقد حظي تدخله بإشادة رسمية وشعبية غير مسبوقة، حيث وصفه مسؤولون أستراليون بـ”البطل الحقيقي”، مؤكدين أن شجاعته أسهمت في إنقاذ أرواح لا تحصى.


تفاصيل الهجوم وإصابات بالعشرات
ووقعت الحادثة أثناء احتفالات اليهود بعيد ”الحانوكا” في شاطئ بوندي بولاية نيو ساوث ويلز، حيث أطلق مسلحان النار على الحشود، قبل أن تعلن السلطات مقتل أحد المهاجمين، في حين أصيب العشرات، بينهم شرطيان.

وقال مفوض شرطة الولاية، مال لانيون، في تصريحات صحفية، إن عدد المصابين بلغ 29 شخصا، مشيرا إلى أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف ملابسات الهجوم وخلفياته.

أصول سورية ودافع إنساني بحت
وكشف مصطفى الأسعد، أحد أقارب الأحمد، في مقابلة إعلامية، أن الأخير يحمل الجنسية الأسترالية ومن أصول سورية، وينحدر من قرية النيرب بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وأوضح الأسعد أن تدخل الأحمد جاء بدافع إنساني محض، بعدما شاهد أحد المسلحين يطلق النار على المارة دون تمييز، مضيفا أن قريبه لم يكن على علم بهوية أو خلفية المستهدفين، وتصرف بشكل تلقائي فور مشاهدته سقوط الضحايا.

وأشار إلى أن الأحمد أصيب بطلقتين ناريتين في كتفه ويده اليسرى أثناء محاولته تحييد المسلح، ونقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ولفت إلى أن حالته الصحية مستقرة، ومن المقرر أن يخضع لعملية جراحية لاستخراج الرصاص من جسده.
ونقل الأسعد عن الأحمد قوله إن ما قام به “كان تصرفا إنسانيا بحتا”، مؤكدا أنه لم يفكر بالمخاطر في تلك اللحظات، وأضاف: “أي إنسان شريف، عندما يشاهد الناس وهم يقتلون، لن يتوانى عن محاولة إيقاف ذلك”.


مشاهد موثقة للحظة الحاسمة
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر لحظة انقضاض الأحمد على أحد المسلحين من الخلف، وتطويقه بذراعيه في محاولة لنزع سلاحه، وسط إطلاق نار كثيف.

ويظهر الفيديو أيضا إصابة الأحمد بطلقتين في يده وذراعه، يرجح أنهما أطلقتا من المسلح الثاني، الذي كان يقف على جسر قريب من موقع الاشتباك.

وقد ساهم هذا التدخل في إرباك المهاجمين وتسهيل تحييدهم من قبل قوات الأمن لاحقًا.

إشادة رسمية: “مشهد لا يصدق”
وفي تعليق رسمي، وصف رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، الحادثة بأنها “صادمة وغير مألوفة في أستراليا”، بحسب ما نقلته هيئة البث الأسترالية الرسمية “ABC”.

وقال مينز إن لحظة تجريد المسلح من سلاحه كانت: “أكثر المشاهد التي لا تصدق في حياتي”. وأضاف:
“هذا الرجل بطل حقيقي، ولا شك في أن الكثيرين على قيد الحياة الليلة بفضل شجاعته”.

من جانبه، أشاد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، بجميع المدنيين الذين حاولوا تقديم المساعدة خلال الهجوم، واصفا إياهم بـ”الأبطال”.

وقال ألبانيز: “لقد رأينا اليوم أستراليين يهرعون نحو الخطر لمساعدة الآخرين”، في إشارة مباشرة إلى ما قام به أحمد الأحمد.

إدانة واستنكار من الجاليات المسلمة
وفي سياق متصل، أدانت الجاليات المسلمة في أستراليا الهجوم المسلح، حيث أعرب المجلس الوطني للأئمة في أستراليا، في بيان رسمي، عن إدانته الشديدة للهجوم، وتضامنه الكامل مع الضحايا وذويهم.

ودعا المجلس إلى محاسبة منفذي الهجوم، مؤكدا أن مثل هذه الجرائم تتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية، ولا تمثل أي دين أو ثقافة.


حملة تبرعات لأحمد الأحمد

جمع حساب تبرعات أنشئ على منصة "GoFundMe" باسم أحمد الأحمد، في مدينة سيدني الأسترالية، أكثر من 370 ألف دولار حتى الآن.

وأفادت مصادر إعلامية بأن الحساب موثق رسميا على المنصة، ويعود لأحمد الأحمد، وهو أب لطفلين ويبلغ من العمر 43 عاما، وقد نقل إلى المستشفى مصابا بجروح عقب مواجهته المهاجم وانتزاع سلاحه، قبل أن تؤكد مصادر طبية أن حالته مستقرة ومن المتوقع أن يتعافى.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الأموال التي جمعت تخضع لإشراف وإدارة مباشرة من قبل منصة "GoFundMe"، على أن تسلّم لاحقا إلى الأحمد شخصيا، وفق الإجراءات المعتمدة لضمان سلامة التبرعات.

وأشارت المراسلة إلى أن قيمة التبرعات تجاوزت حتى الآن 370 ألف دولار، في حين حدد الهدف النهائي للحملة عند 530 ألف دولار، وسط استمرار تدفق الدعم من متبرعين داخل أستراليا وخارجها، تقديرا لتدخل الأحمد الذي حال دون تفاقم الهجوم