صحافة دولية

WSJ تكشف.. هذه الأسباب زادت من شعبية حماس في غزة

51 % من سكان غزة أيدوا أداء حماس خلال الحرب -إعلام فلسطيني
ارتفعت شعبية حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار الأخير، حيث تمكنت الجماعة من تعزيز سيطرتها على الأمن وتخفيض معدلات الجريمة، ما منح السكان شعورًا أكبر بالاستقرار في ظل غياب بديل محلي قوي.

 ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعده أشارت فيه إلى تصاعد شعبية حركة حماس في غزة، وهو ما يعقد مهمة الرئيس دونالد ترامب لنزع سلاح مقاتليها.

وجاء في التقرير أن شعبية الحركة زادت منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشهر الماضي، وخطته المكونة من 20 نقطة وتشمل في واحدة منها على نزع سلاح حماس، ضمن ترتيبات أخرى لما بعد الحرب.

وترى الصحيفة أن الكثير من الغزيين يريدون خروج الحركة من السلطة، لكنهم يرحبون بجهودها لمكافحة الجريمة وتوفير الأمن لهم.، وبعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، خرج مقاومو حماس إلى الشوارع كقوات للشرطة والأمن الداخلي وقاموا بدوريات في الطرق واستهدفوا المجرمين والمنافسين لهم ونقاد حركتهم، ورغم الرؤية القاتمة للحركة من فلسطيني غزة إلا أن الكثيرين رحبوا بالدور الذي تقوم به لتخفيض معدلات الجريمة والحفاظ على الأمن.

ونقلت الصحيفة عن حازم سرور، 22 عاما قوله: " حتى من يعارضون حماس فإن ما يريده الناس هو الأمن"  و "هذا لأننا نعاني من انهيار أمني بسبب السرقة والبلطجية وغياب القانون". وأضاف: "لا أحد يستطيع وقف هذا إلا حماس ولهذا يدعمهم الناس".

وأضافت الصحيفة أن  أكثر من 80 بالمئة من المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة ووكالاتها الشريكة، كانت يتم اعتراضها قبل الهدنة وينهبها سكان غزة اليائسين أو تصادر من قبل عصابات مسلحة، وذلك حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وفي الشهر الماضي، انخفضت السرقات إلى حوالي 5 بالمئة من الشحنات، حسب الوكالة التابعة للأمم المتحدة. ورد متحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى  تدفق المزيد من المساعدات و"شرطة حماس الزرقاء" التي تمنع الجريمة.
وقالت "وول ستريت جورنال" إن انخفاض معدل الجريمة واستمرار الدعم للمقاومة المسلحة لإسرائيل لحماس، سمح للأخيرة بإعادة بناء صورتها وفرض سيطرة أشد على القطاع، حيث يتحدث العديد من الفلسطينيين الآن عن الجماعة المسلحة بعبارات أكثر براغماتية، وفقا لباحثين ومنظمي استطلاعات الرأي والمحللين والفلسطينيين في جميع أنحاء غزة.

وفي استطلاع رأي نشره الشهر الماضي المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في رام الله، قدمت نسبة 51 بالمئة من سكان غزة الذين شاركوا في الاستطلاع مواقف إيجابية حول أداء حماس خلال الحرب، بزيادة عن 43 بالمئة في أيار/ مايو و39 بالمئة قبل أكثر من عام بقليل، وبلغ هامش الخطأ في الاستطلاع 3.5 نقطة مئوية.

 وفي سؤال منفصل حول دعم الأحزاب السياسية في الانتخابات المفترضة، قالت نسبة 41 بالمئة من سكان غزة إنهم يؤيدون حماس، بزيادة قدرها 4 نقاط مئوية عن الأشهر الخمسة الماضية، وهو أعلى مستوى دعم منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023.

وقالت الصحيفة إن إجراء الاستطلاعات يعتبر صعبا في مدن غزة المدمرة، إلا أن الباحثين قاموا بإجراء مقابلات شخصية مع أشخاص على جانب حماس من خط وقف إطلاق النار. وأشار خليل الشقاقي، مدير المركز الذي نظم الاستطلاع إلى أن العاملين في الدراسة المسحية قاموا بمقابلة الغزيين في خيامهم واستخدموا اللوحات الإلكترونية أو"التابلت" والهواتف النقالة، وتم إرسال النتائج مباشرة إلى خوادم المركز على الكمبيوتر.

وأضاف أن العديد من سكان غزة الذين شملهم الاستطلاع انتقدوا حماس. ومع ذلك، فوجئ المستطلعون بالنتائج. فقد كان الاتجاه السائد خلال الأشهر ألـ 12 الماضية في الاستطلاعات السابقة هو انخفاض أو ضعف شعبية حماس، وبخاصة في غزة.

وقال الشقاقي: "لقد أثبتت هذه الحرب، إلى حد ما، لسكان غزة وغيرهم أن إسرائيل فشلت في هزيمتها، حماس لن تختفي غدا وعلينا أن نتعايش مع هذا الواقع".

وفي وقت سابق من هذا العام، تظاهر مئات الغزيين، الذين تعبوا من التشرد والجوع، ضد حماس، التي شنت هجومها على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر2023، وانتقد العديد من الغزيين حماس لتأخرها في إنهاء القتال الذي استمر عامين.

ولا يزال الكثير من سكان غزة يشعرون بالإحباط من حماس ويشعرون بالفزع من قمعها العنيف. ونقلت الصحيفة عن محمد بورنو، 33 عاما، وهو ناشط مناهض لحماس، ويدعم حركة فتح المنافسة لها: "حماس هي من تثير هذه الفوضى. من وجهة نظرهم يسمون ذلك الحفاظ على الأمن، لكن الأمن الحقيقي لا يتحقق بالوحشية".

وتسيطر حماس اليوم على ما يقارب 47 بالمئة من قطاع غزة، وهي المنطقة الواقعة غرب ما يسمى بالخط الأصفر الذي يمثل نقطة انسحاب القوات الإسرائيلية بموجب المرحلة الأولى من خطة الرئيس دونالد ترامب. أما الجانب الآخر من الخط الأصفر، أي ما يقارب 53 بالمئة من القطاع، فيخضع لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وعلقت الصحيفة أن زيادة الدعم لحماس في غزة قد يمثل معضلة لترامب وخطته التي تدعو المرحلة الثانية فيها حماس لنزع سلاحها والتخلي عن أي دور في حكومة غزة المستقبلية مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية واستبدالها بقوة استقرار دولية.

وانقسم الفلسطينيون الذين شملهم الاستطلاع في غزة بشأن نزع سلاح حماس، حيث عارضتها نسبة 55 بالمئة وأيدتها نسبة 44 بالمئة، وعارضت نسبة 52 بالمئة من سكان غزة دخول قوة دولية مكلفة بنزع سلاح حماس.

وقال الشقاقي: "هذه الأغلبية تعني أن الكثير من الناس يريدون أن تستمر حماس في امتلاك السلاح على الرغم من أنهم لا يدعمونها". مضيفا أن "هناك خوفا من الهدف الإسرائيلي النهائي في هذه الحرب، وعلى المدى القصير، خوف من الفوضى".

وطالما اشتكى سكان غزة من أعمال النهب والعنف التي مارستها الجماعات المسلحة في جميع أنحاء القطاع خلال الحرب. وقال المقداد مقداد، وهو باحث يبلغ من العمر 31 عاماً ويعمل مع منظمات الإغاثة المحلية ويعيش في مدينة غزة، إن الخطر في غياب سلطة مسيطرة هو أن يتم تقسيم غزة بواسطة 10 أو 20 ميليشيا مختلفة.

ومع توقف إطلاق النار وتبدد الخوف من القصف الإسرائيلي، عاد مقداد إلى منزله، وقال إنه يشعر بأمان أكبر بعد عودة النظام إلى الشوارع. وأضاف: “عندما انتشر السلاح بلا رادع ولم يكن هناك نظام أو سلطة لفرض السيطرة بدأت هذه الجماعات بالعمل بحرية". وقال: "لا يريد الناس بالضرورة بقاء حماس في السلطة إلى الأبد. إنهم ببساطة يريدون الاستقرار حتى يتم تشكيل حكومة جديدة".

ومن جانبه قال إبراهيم مقداد، 47 عاما، المقيم في دير البلح وسط غزة، إن الناس لم يعودوا يشعرون بالضياع مع إدارة حماس للأمور، ويريد أن تحتفظ الجماعة المسلحة بسلاحها حتى تظل قادرة على الوقوف في وجه إسرائيل "حتى تعاد الحقوق إلى أصحابها ويعترف بفلسطين كأرض".
وفي الوقت الذي نجح فيه ترامب بوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الهدوء سمح لحماس بتعزيز موقفها، نظرا لعدم وجود بديل قوي عنها في المنطقة الواقعة تحت سيطرتها.

وخلال الحرب تعرضت الحكومة الإسرائيلية لانتقادات شديدة، بما في ذلك من أجهزتها الأمنية، لفشلها في تقوية بديل عن حماس. ونقلت الصحيفة عن كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، ومعهد مسغاف، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، قوله إن الفلسطينيين سيواصلون دعم حماس أو على الأقل لن يعارضوها، حتى يظهر بديل. وافق العديد من سكان غزة على ذلك، قائلين إنهم لا يريدون أن تلعب حماس دورا في الحكومة المستقبلية.