كشفت الإعلامية
الجزائرية هاجر زيتوني، الصحافية السابقة في الهلال
الأحمر الجزائري، عما قالت إنه سلسلة من الانتهاكات التي تعرضت لها خلال فترة عملها بالمؤسسة.
جاء ذلك في تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، حيث سردت تجربتها
التي امتدت بين الضغوط النفسية والتهميش، وصولًا إلى السجن التعسفي، مؤكدًة أن ما
عاشته يعكس "الوجه القمعي لمؤسسة يفترض أن تكون إنسانية".
الفساد المؤسسي وممارسات السلطة
قالت زيتوني لـ
"عربي21" إن الفساد داخل
الهلال الأحمر
الجزائري يتجاوز الإجراءات الإدارية البسيطة، ليشمل استغلال المناصب والنفوذ
لتسيير الموارد المالية والمساعدات الإنسانية، وإقصاء موظفين وقيادات سابقة،
وتوجيه اتهامات زائفة بالتخابر مع جهات أجنبية لمجرد تواصلها مع الصليب الأحمر
الدولي للإبلاغ عن تجاوزات.
وأضافت أن إدارة الهلال الأحمر كانت تغير سائقي سيارات المؤسسة بمعدل
ثلاثة سائقين شهريًا، كما تورطت بعض سيارات المؤسسة في توزيع المخدرات وإيصالها
إلى محلات معينة، مما يعكس حجم التجاوزات والإخلالات في المؤسسة، وفق هاجر زيتوني.
الإخلالات في المساعدات الإنسانية
أوضحت هاجر أن هناك إخلالات كبيرة في إدارة المساعدات، بما يشمل
المساعدات الدولية الموجهة إلى الصحراء الغربية، والمساعدات الوطنية إلى غزة،
مشيرة إلى أن التحقيقات الأولية ومنظمات دولية رصدت تجاوزات واضحة ووجود إدارة
الهلال الأحمر نفسها وراء هذه المخالفات.
تجربة السجن
تحدثت هاجر عن تجربتها في سجن القليعة، الذي يقضي فيه عدد من رموز
النظام السابق عقوبات مطولة بالسجن، حيث تعرضت لـ"التعذيب الجسدي والنفسي
وظروف نفسية صعبة"، وأضافت أن إدارة الأنشطة اليومية كانت تحت إشراف مسؤولين
سابقين في الحكومة، مثل هدى فرعون وزيرة الاتصالات وعبد المالك سلال في مكتبة
الرجال، مع تعرضها لتحرش من بعض الحارسات.
كما أشارت إلى معاناة عائلتها أثناء زيارتها، حيث كان عليهم السفر من
محافظة سكيكدة إلى السجن الذي يبعد نحو 500 كيلومتر، وقالت: "كانت عائلتي يزورونني مرتين في الشهر،
في رحلة تستغرق ليلة كاملة في الحافلة. أذكر مرة أن أختي نسيت بطاقتها الوطنية،
فجاءت إلى السجن ومنعوها من رؤيتي."
بعد الإفراج ونداء للإصلاح
بعد الإفراج عنها، تواصلت زيتوني مع الصليب الأحمر الدولي لتوثيق
التعسف، مؤكدة أن التعامل معها لم يكن سببًا لملاحقتها.
وقالت:"مشكلتي مع الفساد كبيرة، والمفروض أن
تحميني الدولة، لكن ثقتي بها أصبحت معدومة. تعرضنا للتعسف فقط لمجرد محاولتنا
الدفاع عن حقوق الأطفال والشفافية داخل الهلال الأحمر."
وأكدت أن قصتها تسلط الضوء على الحاجة إلى إصلاح شامل في طريقة تسيير
المؤسسات الإنسانية في الجزائر، وحماية الصحافيين والعاملين داخل هذه المؤسسات من
التعسف الإداري، داعية إلى فتح تحقيق مستقل يضمن المساءلة والشفافي، وإنصافها لا
سيما مع وجود مؤسسات أمنية رسمية من المفروض أن تحميها لا أن تكون جزؤءا من
تعذيبها.
وأنهت هاجر رويتها بالقول: "القضية تعكس صراعًا أوسع بين من
يسعى لترسيخ ثقافة المحاسبة داخل المؤسسات الإنسانية، وبين من يحاول احتكار السلطة
باسم العمل الخيري، في وقت تشهد فيه الجزائر تحولات سياسية واجتماعية عميقة، ما
يجعل الحوكمة والرقابة في هذه المؤسسات أولوية وطنية لضمان العدالة وحماية
المواطنين".
جدل متصاعد حول إدارة الهلال الأحمر الجزائري
تأتي رواية هاجر زيتوني عن التجاوزات داخل الهلال الأحمر الجزائري في
وقت يتصاعد فيه الجدل حول تسيير هذه المؤسسة، خصوصًا بعد توالي شهادات من موظفين
سابقين وناشطين حول ما يصفونه بـ"سوء الإدارة واستغلال النفوذ".
ففي 6 نوفمبر 2025، وجدت ابتسام حملاوي، رئيسة الهلال الأحمر في
الجزائر، نفسها في قلب عاصفة من الانتقادات بعد تصريحات المسؤول السابق بالهلال
الأحمر في سكيكدة، ياسين بن شطاح، الذي تحدث عن "اضطهاد وتضييق" قال إنه
تعرض له إثر خلافات في التسيير. وأكد بن شطاح أن مجرد اعتراضه على بعض القرارات
انتهى بملاحقته قضائيًا وسجنه، متهمًا حملاوي بـ"استغلال النفوذ والتدخل لدى
مصالح الأمن والقضاء".
وزادت الضجة حدةً بعد توقيف الكاتبة سليمة مليزي ومتابعتها قضائيًا
على خلفية منشور تناول رئيسة الهلال الأحمر، في قضية أثارت جدلًا واسعًا حول حدود
حرية التعبير. كما ظهرت في الفترة نفسها شهادات أخرى من موظفين ومتطوعين سابقين
تحدثوا عن ضغوط وظروف عمل "قاسية"، وقرارات وصفوها بأنها
"تعسفية" أو "انفرادية".
في المقابل، دعت صفحات تابعة للهلال الأحمر إلى "عدم الانجرار
وراء حملات التشويه"، مؤكدة أن المؤسسة "تخدم المواطن دون تمييز".
وحتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من ابتسام حملاوي نفسها، لتبقى القضية مفتوحة
بين روايات متعددة وصمت رسمي.
من هي ابتسام حملاوي؟
تُعد ابتسام حملاوي طبيبة جمعت بين العمل الطبي والاجتماعي والإداري،
وقد عاشت فترة خارج البلاد قبل أن تتقلد مناصب رسمية داخل الجزائر.
عُيّنت عام 2020 رئيسة للهلال الأحمر الجزائري، ثم رُقّيت لرئاسة
المرصد الوطني للمجتمع المدني التابع لرئاسة الجمهورية.
وارتبط اسمها بدعم العهدة الخامسة للرئيس الراحل عبد العزيز
بوتفليقة، كما أثارت تصريحاتها سنة 2019 عن الحراك الشعبي جدلًا وانتقادات لاذعة.