في تصعيد غير مسبوق للسجال السياسي داخل
إيران، اتهم الرئيس الإيراني الأسبق حسن
روحاني البرلمان والتلفزيون الرسمي بـ"شن حملة منظمة من التشويه والتزوير" تستهدف شخصه٬ داعيا إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وتجنب الخطابات التي تعمق الانقسام الداخلي.
وقال روحاني، في بيان رسمي أصدره مكتبه، إن "الحفاظ على الوحدة يمثل استراتيجية وطنية مصيرية في المرحلة الراهنة"، مشيرا إلى أن بعض الجهات داخل البرلمان ووسائل الإعلام الرسمية تقود حملة انتقامية ضد التيار المعتدل في البلاد.
وأضاف أن "الانخراط في السجالات الإعلامية لا يخدم سوى خصوم البلاد"، داعيا القوى السياسية إلى "اليقظة أمام محاولات فئة صغيرة مشبوهة تستغل شعار الوحدة لتقويض التماسك الوطني".
وأوضح البيان أن التلفزيون الرسمي استخدم الافتراءات والتزييف لتشويه صورة الرئيس الأسبق، وأن الخطاب الموجه ضد روحاني "يكرر في منابر البرلمان وبرامج هيئة الإذاعة والتلفزيون دون أي استناد مهني أو قانوني".
وجاء بيان روحاني بعد أيام من انتقادات حادة وجهها رئيس البرلمان محمد باقر
قاليباف، اتهم فيها روحاني ووزير خارجيته السابق محمد جواد
ظريف بـ"الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو"، وردد نواب في البرلمان شعار "الموت لفريدون"، في إشارة إلى اسم عائلة روحاني.
في السياق ذاته، قال النائب أمير حسين ثابتي إن "السلطة القضائية يجب أن تتصدى لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني"، مضيفا: "أتمنى أن يعاد من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن"، في تلميح إلى اتهامات متداولة حول سعي روحاني لخلافة المرشد علي خامنئي في حال تعذر عليه ممارسة مهامه.
وتجاوزت الهجمات الخطابية حدود البرلمان، إذ دعا ممثل طهران في البرلمان كامران غضنفري السلطة القضائية إلى إصدار حكم الإعدام بحق روحاني، قائلا لموقع "دیدهبان إيران": "الشعب ينتظر أن يلف حبل المشنقة حول عنقه ويعدم"، زاعما أن "بعض الاتهامات الموجهة إليه تصل إلى حد الإفساد في الأرض، ما يستوجب الحكم عليه بالإعدام عدة مرات".
ويأتي هذا التصعيد في خضم توتر سياسي متنام داخل النظام الإيراني، بعد الهجوم الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي والذي استمر 12 يوما٬ حيث حذر مسؤولون بارزون من خطورة الانقسامات الداخلية على قدرة البلاد في مواجهة التحديات.
وفي محاولة للرد على الاتهامات، نشر مكتب روحاني مقطع فيديو من أحد اجتماعاته مع مستشاريه، أشار فيه إلى أن روسيا والصين لم تعارضا ستة قرارات أممية فرضت عقوبات على إيران، وأعيد تفعيلها الشهر الماضي، في تلميح إلى محدودية الشراكة مع القوتين.
ورد التلفزيون الإيراني على الفيديو بتقرير وصفه مكتب روحاني بأنه "يفتح آفاقا جديدة في التزوير والتحريف"، بعدما زعم أن روحاني اعتبر روسيا "مهددة للأمن العالمي".
وقال البيان إن "التقرير دليل على نية التشويه المتعمد"، مشيرا إلى أن المسؤولين في التلفزيون "إما لم يطلعوا على تصريحات روحاني، وهو عذر أقبح من ذنب، أو زوروها عن قصد".
وأكد البيان أن حكومة روحاني (2013 – 2021) ارتقت بالعلاقات مع موسكو وبكين إلى مستوى استراتيجي، مشيرا إلى "اتفاق التعاون الشامل مع الصين لمدة 25 عاما، والتحضير لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع روسيا"، في إطار استراتيجية "التطلع نحو الشرق" التي دعا إليها المرشد الأعلى علي خامنئي، خاصة بعد انسحاب الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018.
كما نفى مكتب روحاني تقارير بثها الإعلام الرسمي تحدثت عن "غياب الاستثمارات الإيرانية في سوريا"، واصفا تلك المزاعم بأنها "تزوير واضح"، مشيرا إلى وثائق تعاون موقعة بين طهران ودمشق في عامي 2017 و2018، شملت مشاريع في الزراعة والطاقة والاتصالات، واتفاقا بقيمة 460 مليون دولار لإنشاء محطة كهرباء في سوريا.
كذلك رد المكتب على تقارير تتحدث عن "سرقة سجاد" من متحف سعدآباد في طهران خلال فترة حكومة روحاني، مؤكدا أن الادعاءات باطلة، وأن المتحدث باسم السلطة القضائية نفى رسميا وقوع أي سرقة، مشيرا إلى أن "السجاد عثر عليه في مؤسسات حكومية أخرى".
وأوضح البيان أن الحكومة الثانية عشرة كانت هي من رفعت الملف إلى القضاء، معتبرا أن إعادة نشر الاتهامات بعد نفيها رسميا يهدف فقط إلى تأجيج الانقسام الداخلي.
بالتوازي، حذر علي لاريجاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، من خطورة المرحلة الراهنة، داعيا إلى التسامح وتجاوز الخلافات. كما انتقد الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي ما وصفه بـ"الولاء المفرط لروسيا"، محذرا من "تنامي نفوذ الأجهزة العسكرية والأمنية في الاقتصاد والسياسة"، واصفا إياه بأنه "أصل الفساد والانحدار في البلاد".
أما وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، فحذر من "الارتهان لأي من الشرق أو الغرب"، داعيا إلى تبني سياسة خارجية "تنطلق من المصالح الوطنية لا من التحالفات الأيديولوجية".