أوضح المستشار السابق لوزيري
الخارجية أنتوني بلينكن ومادلين أولبرايت، جيمس روبن أن تحقيق سلام دائم في
غزة يتطلب إنشاء
قوة دولية قادرة على فرض الاستقرار ومراقبة وقف إطلاق النار
وبحسب مقال له نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" قال روبن إن وقف إطلاق
النار الذي تم التوصل إليه هذا الشهر بين حماس وإسرائيل شهد اشتباكات بالفعل وإن هشاشة
الاتفاق، إلى جانب تقارير عن اقتراح واشنطن الأخير الذي قد يكون مثيرا للانقسام بتقسيم
غزة إلى قسمين، تظهر أن الآمال الكبيرة في تحقيق سلام طويل الأمد في المنطقة كانت سابقة
لأوانها.
وأكد روبن في مقاله أن السلام الدائم لا يزال ممكنا، لكنه سيتطلب من إدارة
ترامب
البدء بمبادرة دبلوماسية جادة ورفيعة المستوى على الفور، إن الزيارات العرضية لنائب
الرئيس جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو، كل منهما مع حاشيته ومصالحه الخاصة،
ليست كافية، مع تراجع زخم الدبلوماسية، فإن السرعة أمر بالغ الأهمية.
وأشار روبن إلى أن حجر الزاوية لأي سلام دائم هو إنشاء ونشر قوة دولية، وهي
سمة من سمات
خطة السلام الأمريكية التي أعلنها الرئيس ترامب وأيدها قادة العالم في
مصر في وقت سابق من هذا الشهر، والتي أدت إلى وقف إطلاق النار، وستخلق هذه القوة الظروف
اللازمة لتحقيق جوانب أخرى من الخطة: سد الفراغ الأمني المتزايد في غزة، والسماح بالحكم
الذاتي الفلسطيني، وضمان عدم تعرض إسرائيل للتهديد، وفي مرحلة لاحقة، بمجرد نشر القوة
وتحقيق الاستقرار في غزة، يمكن معالجة القضايا السياسية الأكثر تعقيدا في خطة السلام،
مثل كيفية نزع سلاح حماس.
وأوضح روبن أن الحقيقة المؤلمة هي أن الخطة لا تحدد التفاصيل الحاسمة اللازمة
لحشد مثل هذه القوة، والتي ستحل محل القوات الإسرائيلية في أقرب وقت ممكن، أو كيفية
حكم غزة، مضيفا أنه من المشجع حديث روبيو أخيرا عن طرح قرار من الأمم المتحدة يجيز
إنشاء قوة دولية لغزة، مع أن هذا التحرك كان يجب أن يحدث فورا، لأن التفاوض على مثل
هذا القرار وإنهائه وإقراره قد يستغرق أسابيع.
وبدون تفويض من الأمم المتحدة، من الصعب تصور إنشاء قوة، ويجب على روبيو الانتقال
من مجرد الحديث عن قرار إلى التفاوض عليه، والبقاء مركزا عليه حتى يتم إقراره من قبل
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المكون من 15 عضوا.
وذكر روبن أنه خلال إدارة بايدن، عملَ على خطة وضعها وزير الخارجية أنتوني بلينكن
وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، لحكم غزة وتأمينها، وأنه يعتقد أن عناصر
مهمة من تلك الخطة يمكن أن تسد بعض الثغرات الحالية فيما يتعلق بقوة تحقيق الاستقرار.
وقال روبن إنه ينبغي على البيت الأبيض تكليف بلير بالعمل مع القيادة المركزية
الأمريكية، التي تغطي منطقة الشرق الأوسط، لتحديد الأهداف العسكرية وقواعد الاشتباك
للقوة الدولية، التي ستكون لها مسؤولية أوسع نطاقا تتمثل في حماية حدود غزة لمنع حماس
من محاولة استيراد كميات كافية من الأسلحة لتهديد إسرائيل، كما ستتولى هذه القوة حماية
عمليات الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، وفي نهاية المطاف، عمليات إعادة
الإعمار من أعمال النهب أو الجريمة.
وتساءل روبن: "ماذا سيحدث إذا رأت إسرائيل تهديدا ناشئا وتدخلت في غزة؟"
وأجاب بأنه من الصعب تخيل أي عضو في القوة الدولية يرغب في أن يُنظر إليه على أنه مرتبط
بالعمل العسكري الإسرائيلي. وأنه بدون شخصية دولية مثل بلير، الذي يحظى بثقة القادة
العرب والحكومة الإسرائيلية على حد سواء، والمستعد للتعامل مع مثل هذا السيناريو، فمن
شبه المؤكد أن خطة السلام ستنهار.
وتابع روبن أنه يمكن لبلير أيضا معالجة رغبة إسرائيل في أن يكون لها رأي في
الدول التي تشكل القوة الدولية. وقد لمحت إسرائيل بالفعل إلى أنها لا تريد تركيا كعضو
في القوة.
وأشار إلى أن القوة ستتجاوز كونها مجرد فكرة إلى كونها حقيقة واقعة عندما يتم
الإعلان عن دولة كمساهم رئيسي في القوات ويتم منحها دور القائد.
أضاف أن المرشح المثالي هو إندونيسيا، الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان المسلمين
في العالم، والتي اعترف رئيسها بالحاجة إلى أمن إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة
في أيلول/ سبتمبر وقال إنه مستعد لإرسال قوات. سيكون من غير المرجح أن تواجه حماس الجنود
الإندونيسيين أو جنود الدول العربية.
كما ذكر روبن أن من بين الدول الأخرى التي من المرجح أن تشارك في مثل هذه القوة
مصر وأذربيجان، ولكن من الصعب تحويل الالتزامات العامة إلى عروض فعلية للأفراد. ومن
المفهوم أن يرغب المساهمون في معرفة أن المهمة قابلة للتحقيق وأنهم لن يصبحوا مرتبطين
بالعمل العسكري الإسرائيلي. إنهم يريدون ضمانات من الوسطاء بأن حماس لن تتدخل في نشرهم.
ومن علامات الجدية الأخرى تحديد أمريكي كنائب للقائد يمكنه بعد ذلك تنسيق الاستخبارات
واللوجستيات والنقل والمهام الأخرى التي يمكن أن تساهم بها القوات المسلحة الأمريكية.
ورأى روبن أن تمركز الأفراد الأمريكيين في مركز التنسيق المدني العسكري الذي تم إنشاؤه
مؤخرا في إسرائيل خطوة في الاتجاه الصحيح. لكن الدول العربية المساهمة في القوة لن
ترغب في أن يكون مقرها الرئيسي في إسرائيل. ستكون مصر موقعا أكثر ملاءمة.
وأوضح أنه مع وجود خطة واضحة وقرار من الأمم المتحدة وتحديد مساهم رئيسي في
القوات، سيكون من الأسهل بكثير استكمال القوة بالتزامات فعلية من الأفراد وتوسيع نطاق
تدريب وحدة فلسطينية، والتي من الناحية المثالية ستحل محل القوات الدولية بمرور الوقت،
كما هو متصور في خطة ترامب.
وقال إنه بدون هذه الخطوات، من المرجح أن يتدهور الوضع في غزة، على الرغم من أن خطة ترامب دعت إلى نزع سلاح حماس. الكثير من الناس
في غزة يتوقون إلى بديل لحماس وللاحتلال الإسرائيلي المستمر. وتمنح القوة الدولية كل
طرف ما يحتاجه. ويكتسب الإسرائيليون الثقة بأن أمنهم سيتم ضمانه. وبالنسبة للفلسطينيين
يتم إخراج الإسرائيليين من غزة ويتم تهميش حماس.
وبحسب المقال فحينها فقط يمكن حل مجموعة الأسئلة الصعبة التالية. من سيحكم غزة
من بين الفلسطينيين؟ كيف سيبدو نزع سلاح حماس؟ هل سيقوم فريق ترامب للسلام حقا بالعمل
اليومي لأكثر عمليات السلام تعقيدا في العصر الحديث بطريقة تجعل إسرائيل تشعر بالأمان
ويبدأ معها معالجة معاناة الفلسطينيين؟
ويخلص إلى أنه لا يبدو أن إدارة ترامب قد فكرت مليا في هذه الأسئلة الصعبة.
مشيرا إلى أنه إذا كان هناك شيء واحد تعلمه من العمل على هذه القضية خلال إدارة كلينتون
وإدارة بايدن، فهو أن التقدم في الشرق الأوسط يتطلب اهتماما مكثفا ومستمرا وخبيرا من
أعلى مستويات الحكومة.