ملفات وتقارير

"حفتر" يتراجع عن عرقلة الانتخابات البلدية في مناطق نفوذه.. كيف غير موقفه؟

حفتر منع الانتخابات في آب/ أغسطس الماضي في مناطق سيطرته- فيسبوك
أكدت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا بأن المجالس البلدية المتبقة ستشهد عملية اقتراع خلال الشهر الجاري، ما طرح الكثير من الأسئلة حول تراجع قائد القيادة العامة في شرق البلاد، خليفة حفتر عن عرقلة الخطوة ومنعها في مناطق سيطرته.

وأعلنت مفوضية الانتخابات انطلاق حملات الدعاية لمرشحي انتخابات المجالس البلدية "المجموعة الثالثة 2025" خلال الفترة من 6 إلى 16 أكتوبر/تشرين الجاري، على أن يكون يوم 18 أكتوبر هو موعد بدء عملية الاقتراع بانتخابات المجالس البلدية المنتهية ولايتها والمستحدثة بمجالس تسييرية، وأن يكون يوم 20 أكتوبر موعد تنفيذ انتخابات المجالس البلدية المتبقية.


منع وعرقلة ثم تراجع
وسبق أن منعت القوات التابعة لحفتر في شرق ليبيا إجراء انتخابات بلدية في عدد من بلديات الشرق والجنوب، وشمل المنع بلديات: المرج، الكفرة، جردس العبيد، جالو، أوجلة، اجخرة، الجفرة، وخليج السدرة.

وصرحت مصادر خاصة لـ"عربي21" آنذاك، أن "المفوضية العليا للانتخابات علقت الانتخابات في 11 بلدية، بسبب قيود وعراقيل فرضتها وزارة الداخلية التابعة للحكومة المُكلفة من البرلمان في شرق ليبيا.

وكان من المقرر بأن تنظّم الانتخابات في 63 بلدية على مستوى البلاد: 41 في الغرب و13 في الشرق وتسع في الجنوب، غير أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ألغت التصويت في 11 بلدية في شرق وجنوب البلاد وهي مناطق واقعة تحت سيطرة حفتر وحكومته.

والسؤال: لم تراجع "حفتر" الآن عن منع إجراء انتخابات بلدية في مناطق نفوذه؟ وما علاقة ذلك بإحاطة المبعوثة الأممية القادمة؟

تكتيك وضغوط دولية وأممية
من جهته، قال المرشح لرئاسة الحكومة الليبية المقبلة، عبدالحكيم بعيو إن "ما يحدث في شرق البلاد بخصوص السماح بإجراء الانتخابات البلدية هو تغيّر واضح في الموقف من قبل "المشير" حفتر والحكومة المكلّفة، وهو قرار ليس سهلا وله أكثر من دلالة، منها أنه رسالة للخارج، خصوصا قبل إحاطة المبعوثة الأممية أمام مجلس الأمن، وكأنهم يقولوا: نحن مع الانتخابات ولن نعرقلها، وهذا يعطي انطباعا أن هناك رغبة في تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي والبعثة الأممية".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "هناك ضغوطا دولية وأممية بالفعل تمت مؤخراً على كل الأطراف لعدم عرقلة الاستحقاقات المحلية، باعتبارها خطوة أولى نحو توحيد المؤسسات وبناء شرعية من القاعدة"، وفق كلامه.

وأضاف أن "الواقع يقول إن الانتخابات ممكن تحدث بسلاسة ظاهرية، لكن داخلها فيه توجيه أو تأثير غير مباشر لاختيار ناس معروفين بولائهم للقيادة العامة أو للحكومة المكلفة، وهذا أمر متوقّع في ظل تركيبة السلطة المحلية هناك"

وختم تصريحه بالقول: "الخطوة فيها بعد سياسي تكتيكي أكثر من كونها تحوّل حقيقي، لكنها تبقى خطوة إيجابية إذا صارت بنزاهة، وممكن تُبنى عليها مراحل قادمة لو هناك نية صادقة لإجراء انتخابات عامة وتوحيد البلاد"، كما قال.


تنفيس وإعادة تدوير
في حين قال الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش إن "الخطوة من قبل حفتر وحكومة حماد هي مناورة تكتيكية وليس تحوّل ديمقراطي حقيقي، ولعبت الضغوط الأممية والدولية دورا حاسما في هذا التراجع، خصوصا مع اقتراب موعد إحاطة "تيته" التي دعت هي والمجتمع الدولي مرارا وتكرارا إلى عدم عرقلة المسار الانتخابي".

وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "حفتر ربما يسعى إلى تخفيف صورته كمعرقل وتقديم نفسه كشريك سياسي منضبط وليس خصما للمجتمع الدولي، كما أن هذه الخطوة تخدم أيضا حساباته الداخلية حيث تسمح بتنفيس الاحتقان الشعبي في مدن الشرق مع الإبقاء على قدرة الأجهزة التابعة له في توجيه العملية الانتخابية أو ترجيح مرشحين موالين له فالمنافسة قد تكون شكلية في بيئة يهيمن فيها النفوذ والسيطرة العسكرية والأمنية".

وتابع: "ما حدث وقد يحدث لا يعكس انفتاحا سياسيا بقدر ما يعتبر تكتيك محسوب مع الضغوطات الدولية المتزايدة، فحفتر لن يتخلى عن أدواته، لكنه يعيد تدويرها ضمن مشهد ليبي ديناميكي يبحث فيه الجميع عن موقع في لعبة الشرعية المقبلة ولكن حفتر في نفس الوقت يغامر بإعادة هذه الضغوط من خلال رفضه الصريح لخارطة تيته في إحدى خطاباته الأخيرة"، وفق تقديراته.