اقتصاد دولي

اتفاق مبدئي بين بغداد وأربيل لاستئناف تصدير نفط كردستان عبر جيهان إلى تركيا

نفط كردستان يعود للواجهة بعد عامين من الجمود القانوني والسياسي- الأناضول
أفادت وكالة "رويترز" بأن الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان توصلتا إلى اتفاق مبدئي لاستئناف تصدير النفط من الإقليم عبر أنبوب كركوك‑جيهان إلى ميناء جيهان التركي، بعد توقف دام منذ مارس 2023، حيث ينص الاتفاق على توريد حوالي 230,000 برميل يوميا إلى منظمة تسويق النفط الحكومية العراقية (سومو)، بالإضافة إلى تخصص كميات إضافية لاستهلاك محلي في الإقليم.

ولفتت الوكالة إلى أن الاتفاق لا يزال قيد المصادقة على المستويات التنفيذية، ويتطلب موافقات فنية وسياسية لبدء التصدير فعليا.

بحسب رويترز، الخطوة تُعد تطورا مهما لكسر الجمود القانوني والتقني الذي أعاق التصدير، وتكشف رغبة البلدان الثلاثة (بغداد، أربيل، وأنقرة) في تسوية الخلافات المتعلقة بالعقود، والاستحقاقات، وتنظيم التصدير.


وقالت مصادر لرويترز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على العراق للسماح باستئناف صادرات نفط كردستان، أو مواجهة عقوبات مشابهة لتلك المفروضة على إيران.

لكن الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان لم تتوصلا بعد إلى اتفاق على تفاصيل مهمة لاستئناف التصدير، مثل آلية دفع مقبولة من قِبل شركات النفط.

ورجحت وكالة "رويترز" أن استئناف التصدير عبر خط كركوك-جيهان، رغم أن العراق يصدر نحو 85 بالمئة من خامه عبر الموانئ الجنوبية، يبقى ذا أهمية لكونه يمثل قرابة 0.5 بالمئة من الإمدادات النفطية العالمية.

وأشارت الوكالة إلى أن حل الخلاف المستمر منذ نحو عامين قد يضيف معروضًا جديدًا إلى الأسواق ويؤثر على الأسعار، فيما يسهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية في إقليم كردستان التي انعكست بتأخير رواتب الموظفين وتقليص الخدمات الأساسية.


وفي سياق متصل، أوضحت مصادر لرويترز أن قيمة المتأخرات المستحقة للشركات النفطية العاملة في كردستان تصل إلى نحو 300 مليون دولار، وأن الحكومة الاتحادية ستعمل على تسويتها ضمن الترتيبات الجديدة، كما نص الاتفاق على دفع نحو 16 دولارًا عن كل برميل لتغطية تكاليف الإنتاج والنقل، على أن تتم عملية التحويل عبر قنوات محددة لضمان الشفافية المالية

في 25 مارس 2023، حكمت غرفة التجارة الدولية بأن تركيا انتهكت اتفاق خط أنابيب كركوك‑كَيحان النصي لعام 1973، حين سهلت تصدير نفط من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان دون موافقة الحكومة العراقية الفيدرالية، وعلى أثر الحكم تم وقف ضخ النفط عبر الخط، وألزم الجانب التركي بدفع تعويض قدره حوالي 1.5 مليار دولار إلى بغداد.

وأحدث الحكم خلافا قانونيا بين الجانبين، ما دفع أنقرة إلى وقف استقبال الشحنات القادمة من كردستان عبر خط كركوك‑جيهان.


وأدّى هذا التوقف إلى خسائر مالية تقدر عشرات المليارات من الدولارات لحكومة إقليم كردستان، فضلا عن آثار اقتصادية على الحكومة الاتحادية، إلى جانب تأثر شركات النفط المحلية والدولية في الإقليم بخسائر متراكمة وتأخير في استلام مستحقاتها، مما زاد من أزمة السيولة لديها.

من جانبه أكد مدير شركة تسويق النفط (سومو) علي نزار أن استئناف التصدير مرهون بالشركات المنتجة، موضحاً أن “الاتفاق بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في الإقليم وضع آليات محكمة تتماشى مع قانون الموازنة”.

وأضاف نزار، “نحن متفائلون بهذه الآليات، ونتطلع لضخ نفط كردستان عبر جيهان لما فيه مصلحة العراق وتعزيز موارده المالية”.

ويأتي الاتفاق المرتقب ضمن توجه عراقي أوسع نحو تنويع منافذ تصدير النفط وتقليل الاعتماد على موانئ الجنوب وحدها، خصوصاً مع تزايد التوترات الإقليمية واحتمالات تعطل الملاحة في الخليج.

من جانبها، كشفت وكالة بلومبرغ الأمريكية، عن اشعار صدر من العراق الى تركيا، يبلغها باستئناف تصدير النفط قريبا بعد توقف دام عامين ونصف العام.

ونقلت الوكالة عن مسؤول تركي قوله، إن العراق أبلغنا باستئناف تصدير النفط خلال الأيام المقبلة، مشيرا الى أن بلاده لن تضع أي عراقيل أمام تدفق النفط بمجرد توصل الأطراف العراقية لإتفاق.


وأضافت وكالة "رويترز" أن أحد المسؤولين النفطيين المطلعين على الاتفاق أوضح أن الإجراءات الفنية لتشغيل خط الأنابيب ستبدأ يوم الثلاثاء، على أن يُستأنف تدفق النفط خلال 48 ساعة.

وبحسب الوكالة، فإن الاتفاق لا يزال بانتظار مصادقة مجلس الوزراء العراقي، والمتوقعة يوم الثلاثاء.

وأضافت "رويترز" أن شركة DNO النرويجية، وهي أكبر منتج للنفط في كردستان، وشريكتها Genel Energy، لم تعطيان بعد موافقتهما على الشروط المقترحة، فيما ذكر مصدر مطلع أن DNO تسعى لمواصلة التفاوض بشأن مستحقات تقارب 300 مليون دولار مترتبة لها على حكومة إقليم كردستان مقابل شحنات سبقت توقف الصادرات.

وأشارت الوكالة إلى أنه لم يتسن الحصول على تعليق فوري من شركتي DNO وGenel Energy.

وذكرت الوكالة أن العراق كان قد رفع في عام 2014 دعوى تحكيم أمام غرفة التجارة الدولية في باريس، متهما تركيا بالمساهمة في تصدير نفط كردستان دون موافقة الحكومة الاتحادية.

وبحسب الوكالة، فإن بغداد اعتبرت أن شركة "بوتاش" التركية المشغلة لخط الأنابيب وشركات تجارة النفط خالفت اتفاقية خط الأنابيب الموقعة عام 1973 بين العراق وتركيا، من خلال تسهيل صادرات نفط الإقليم عبر ميناء جيهان.

وأشارت "رويترز" إلى أن غرفة التجارة الدولية حكمت لصالح العراق، مؤكدة أن له الحق في التحكم بعمليات التحميل في الميناء، وألزمت تركيا بدفع 50 بالمئة من الخصومات التي بيع بها نفط كردستان، وفقًا لمصادر مطلعة.

وأضافت الوكالة أن قيمة التعويض الصافي الممنوحة للعراق بلغت نحو 1.5 مليار دولار قبل إضافة الفوائد، مقارنة بمطالبة أولية وصلت إلى حوالي 33 مليار دولار.