قال خبير الشؤون الاستخبارية
الإسرائيلي، يوسي مليمان: إنه "منذ اللحظة التي سقطت فيها الصواريخ
الإيرانية مساء السبت الماضي في رمات غان وفي مركز تل أبيب، كما يبدو بهدف المس بوزارة الدفاع، فإن النشوة المؤقتة التي استمرت لنصف يوم تقريبا تحولت إلى خوف وقلق".
وأضاف ميلمان في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أن "الإدراك بأنه لا توجد حروب سهلة يسود في أوساط الجمهور الإسرائيلي الذي على الأغلب يتحمس، وحتى يهتاج، من إنجازات الضربات الافتتاحية في العمليات اللامعة في قطاع غزة وفي لبنان الآن في إيران، فقط من أجل أن يعرف بعد ذلك بأن النجاح الاستراتيجي يقاس بالنهاية".
وذكر أنه في هذه الأثناء عدد القتلى في الجبهة الداخلية يزداد، وهناك حوالي 200 مصاب، وعشرات المباني التي تضررت أو تم تدميرها.
وأشار إلى أنه "سيكون هناك من يعزون أنفسهم بحقيقة أن الضربات التي يوقعها سلاح الجو بإيران هي أكثر قسوة، وأن سلاح الجو وشعبة الاستخبارات والموساد حقا تظهر البطولة والتصميم وقدرة مثيرة للانطباع عندما تفعل الأعاجيب الاستخبارية والتكنولوجية غير المسبوقة".
واعتبر أن "الاستخبارات وسلاح الجو يثبتان مرة أخرى التفوق في هذه المستويات إزاء التدني الإيراني، ولكن مثلما لا يتم حسم الحروب بإحصاء خسائر العدو بالأرواح والممتلكات، شاهدنا ذلك في فيتنام وفي أوكرانيا وأيضا في قطاع غزة وفي لبنان، فإنه لا يمكن تطبيق ذلك على الحرب ضد إيران".
وقال إن "النظام المتعصب في الجمهورية الإسلامية والذي يرتكز إلى آلاف سنوات التاريخ الفارسي المجيد، أثبت الصمود والتصميم على تحمل الضربات وليس الاستسلام، في نهاية العام 1979 شن رئيس العراق صدام حسين هجوم مفاجيء على إيران الضعيفة والمفككة، التي تم فيها إسقاط حكم الشاه على يد رجال الدين بقيادة آية الله الخميني، وصدام حسين تصرف على فرض أنه سيهزم إيران في غضون أيام أو أسابيع، ولكن بسرعة تبين أنه مخطيء، والخميني رفض الاستسلام وحشد الشعب لمحاربة العدو السني، الأمر الذي استمر لثماني سنوات وجبى مليون ضحية في الطرفين".
وذكر أنه "رغم أن
طهران كانت مكشوفة وبدون دفاعات جوية وتعرضت لعشرات آلاف القذائف والصواريخ وهجمات سلاح الجو العراقي، بما في ذلك استخدام السلاح الكيميائي، إلا أنها صمدت. بالمناسبة، أحد دروس هذه الحرب كان أنه يجب عليها التزود بالصواريخ".
وأوضح "يبدو أن إسرائيل بدأت في تغيير التكتيك العملياتي خشية من أن تطول الحرب وتصبح حرب استنزاف لسنوات طويلة، التي مشكوك في أن يكون هناك احتمالية للانتصار فيها. لذلك فانها بدأت بالتدريج بمهاجمة أهداف في مجال الطاقة في إيران، الذي يوفر معظم مداخيلها، وفي هذه العملية تكمن أيضا العديد من المخاطر لأنها يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، الذي سجل من الآن واحدث أزمة عالمية، والصين هي المستوردة الأكبر للنفط الإيراني، وهي من شأنها أن تدخل إلى مرجل الشرق الأوسط وربما تضطر إلى التفاوض مع الولايات المتحدة، الأمر الذي سيكون على حساب مصالح إسرائيل".
ولفت ميلمان إلى وسيلة أخرى "تتمثل تأمل إسرائيل في أن تحدث انعطافة، هي ازدياد الهجمات على التجمعات السكانية، بالأساس في طهران، على أمل خلق تأثير الدومينو، فالجيش الإسرائيلي طلب من سكان طهران الذين يسكنون قرب القواعد والمخازن العسكرية الإخلاء، وهذه المقاربة تمت تجربتها في السابق بدون نجاح كبير في لبنان وفي قطاع غزة، على أمل أن يستخدم الجمهور الضغط على القيادة من أجل الاستسلام أو التنازل. وحتى لو كان هناك إنجازات مؤقتة، فمشكوك فيه ان يؤثر هذا الأمر على دولة عدد سكانها 100 مليون نسمة، ومساحتها أكبر بثمانين ضعف من مساحة إسرائيل".
وشدد على أنه من "المحظور أن تصل إسرائيل إلى حرب استنزاف سيصعب عليها الصمود فيها. الجمهور في إسرائيل وبحق يظهر التصميم والمناعة وهو مستعد لتحمل إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية، لكن محظور على القيادة الأمنية والسياسية استغلال مناعة الجبهة الداخلية إلى ما لا نهاية، وعلى إسرائيل السعي الى انهاء الحرب والاكتفاء بالإنجازات المبهرة التي حققتها حتى الآن وأن تحرك بواسطة الرئيس الأمريكي عملية تؤدي إلى تسوية مع إيران".
وأضاف الكاتب أن "الاتفاق يجب أن يكون حل وسط، يقلص قدرة إيران النووية، لكن، يجب الاعتراف، لن يؤدي إلى تفكيك مطلق لهذه القدرة، كما يطلب رئيس الحكومة نتنياهو. في الواقع الرئيس الأمريكي يطلب من إيران وقف بشكل مطلق تخصيب اليورانيوم وإخراج المادة التي راكمتها في السابق (التي تكفي لعشر قنابل إذا قامت بتخصيب اليورانيوم خلال بضعة أيام من مستوى 60 بالمئة إلى 90 بالمئة). ولكن أصبح من المعروف الآن بأن تصريحاته مرنة ومتغيرة".
ونقل الكاتب عن مصدر رفيع في الموساد، قوله: "الحرب تقاس استنادا إلى نهايتها، وليس حسب الضربة الافتتاحية الناجحة. وبالتأكيد عندما يدور الحديث عن إعلان حرب شاملة كما فعلت إسرائيل بالفعل. آمل أن يكون اتفاق على إنهاء العملية مع الولايات المتحدة، لأنه خلافا لإسرائيل، في العالم بعد الحرب توجد مفاوضات".
وعبر ذات المصدر عن "الخوف من أن إسرائيل أيضا يمكن أن تجد نفسها في وضع يتعين عليها فيه في المفاوضات أن تدفع ثمن مؤلم وقاسي".