قضايا وآراء

أسطول القوة في الحرب العالمية الثالثة.. السلطة والاقتصاد والسيادة

"عاشت أمريكا مجدا صنعه المهاجرين، وعاشه العالم حلما أمريكيا، ثم بات فيهم خطر كامن"- إكس
من خلف عدسات التلسكوب الاستراتيجي، تبدو أمريكا كما أرادت لنفسها أن تُرى: قوة نووية، وجامعات عظمى، ووادي سيليكون، ودولار يتصدر التجارة، وجيش يطوّق الأرض، لكن حين تنقلب العدسة، وتُستبدل بالتكبير المجهري العميق، يظهر وجهٌ آخر للإمبراطورية، وجهٌ تكشفه تقارير الهجرة، وانفجارات الهوية، واحتجاجات الشوارع، وتراجع الثقة بالمؤسسات والدولة، وجهٌ يهتز من داخل المختبرات، لا من الجبهات؛ من داخل الجامعات، لا من ساحات الحرب؛ من منصات المهاجرين، لا من غرف البنتاغون..

إنها اللحظة التي تتفكك فيها أمريكا من داخلها، بانقلاب سكاني، وباشتعال الفروقات بين الأعراق، والطبقات، وصراعات الهويات، والطوائف؛ فالمهاجر الذي كان يُستدعى ليبني، بات يُصوّت ليغيّر، والولاية التي كانت تؤمن بقانون فيدرالي موحد، باتت تطالب بدستور محلي مستقل، أما الدولار، فلا يزال يُطبع في واشنطن، لكنه يُهاجَر من وول ستريت إلى شبكات العملات المشفرة، ومن صالات البورصة إلى مختبرات الذكاء الاصطناعي.. هكذا يظهر العملاق الأمريكي تحت المجهر، هياكل عملاقة تنهار بفعل تآكل داخلي؛ من الشيخوخة الديمغرافية، والهجرة العكسية للثروات، وتصاعد الديون حتى 35 تريليون دولار، وصدام ثقافي مع الداخل الأمريكي نفسه، وحرب عالمية اقتصادية متعددة الجبهات، قوامها صراع اقتصادي مع الصين، واستخباراتي مع روسيا، والدعم العسكري للهند وإسرائيل في محاولة الهيمنة المطلقة على الشرق الأوسط.

وفي دراستنا وتحليلنا نجيب على سؤال: هل نحن أمام لحظة "سقوط واشنطن" بنفس النمط الذي سقطت به روما؟ وهل بات المهاجر، بما يحمله من علم وعمل ورفض، هو الصانع البديل للمستقبل؛ لا لحساب الإمبراطورية بل على حسابها؟

هل نحن أمام لحظة "سقوط واشنطن" بنفس النمط الذي سقطت به روما؟ وهل بات المهاجر، بما يحمله من علم وعمل ورفض، هو الصانع البديل للمستقبل؛ لا لحساب الإمبراطورية بل على حسابها؟

ففي قلب هذه الأسئلة، تُفتح معامل ومختبرات البحث في تاريخ البشرية، عن النظام العالمي الذي بُني على صورة أمريكا والحلم الأمريكي، لتكون الحقيقة الماثلة هي إعادة توزيع القوة، لا على الخرائط فحسب، بل على المفاهيم ذاتها، رؤية عبر المجهر لأكبر دول المهجر في التاريخ؛ كونها لم تُبن بالبنادق، بل بالحافلات التي أقلّت المهاجرين إلى المصانع، والقطارات التي جمعت أعراق العالم في مدن الصلب والفحم، فالحاجة إلى قوى عاملة، لبناء القطارات، وجمع القطن، وتشغيل المصانع والمفاعلات، وليس "الحرية"، هي من رسمت خريطة الولايات المتحدة الأمريكية، الجيوسياسية، والجيواقتصادية.

كانت "العبقرية الأمريكية" في تجميعٍ عالمي للعقول: ألماني يطوّر الصاروخ، هندي يكتب الخوارزمية، لبناني يقود شركة أدوية، مكسيكي يزرع الحقول، مصري عالم في الفضاء، وفي الطب.. هكذا عاشت أمريكا مجدا صنعه المهاجرون، وعاشه العالم حلما أمريكيا، ثم بات فيهم خطر كامن، والسؤل ليس من نُرحّل؟ بل: من تبقّى منّا ليحكم الباقين؟.. وهو ما دفعنا لنفتح المجهر لننظر في أكبر دول المهجر في التاريخ، لدراسة الصعود والسقوط؛ صعود الدولة بالمهاجرين، ثم السقوط بأيديهم.

استدلال: لم تكن الهجرة يوما مسألة إنسانية فقط، بل كانت -وما تزال- إحدى أخطر أدوات الجغرافيا السياسية، وأعمق شروخ الجسد الإمبراطوري الأمريكي الذي تَصدّع تحت وقع الحرب العالمية الاقتصادية الثالثة، من الصين التي أطلقت الشرارة، إلى أوكرانيا التي غذّت اللهب، إلى غزة التي أحرجت شرعية الغرب الأخلاقية، وصولا إلى شوارع نيويورك وسان فرانسيسكو، حيث تتقاطع النيران بين هويات تتصارع، ومهاجرين يصعدون، وولايات تفكر بالانفصال، وأمة تنزف من خاصرتها الفيدرالية، إنها ليست موجة احتجاج، بل ارتجاجٌ تاريخي في عمق النظام الأمريكي نفسه، لا نقطة نهاية في هذا المشهد، بل فاصلة جديدة في كتاب السقوط الحضاري على مراحل نتناولها بشيء من التحليل.

المرحلة الأولى: من الطوفان الأوروبي إلى أمريكا المستعمَرة (1900-1607)

كان أول مهاجر إلى أمريكا لاجئا من اضطهاد ديني، فكانت أول ولاية أمريكية (فرجينيا) ملتقى وتجمع ومصنع للمهاجرين في آنٍ معا، لم تكن دولة منذ تأسيسها، بل مشروع مهجر، حيث استقبلت أكثر من 35 مليون مهاجر في القرن التاسع عشر وحده، أغلبهم من أوروبا الشرقية والجنوبية، وذلك لحاجتها لأذرع وقوة عاملة في مختلف المستويات المهنية والمهارية، من عمالة دون المهارة، فعمالة نصف ماهرة، ثم العمالة الماهرة.

• بين 1820 و1920، مثّل المهاجرون أكثر من 15 في المئة من سكان أمريكا.

• الهجرة دفعت النمو السكاني بنسبة 60 في المئة، ورفعت عدد العمال في قطاع التعدين والسكك بنسبة 240 في المئة.

ونظرا لكون الحقوق لا توازي الجهد المبذول، فقد بقي المهاجر في نظر النخب السياسية "عاملا مستوردا"، لا شريكا في بناء الدولة، وهكذا وُلد التناقض الأول: دولة مهاجرين تُعامل المهاجر كغريب، أو متسول، أو عابر سبيل.

المرحلة الثانية: الهجرة كأداة نمو إمبراطوري (1945-1900)

بين الحربين العالميتين، ازدهرت أمريكا على كتف الهجرة، فقد كانت بحاجة لعشرات الآلاف من العمال لبناء البنية التحتية الصناعية، ومن المهاجرين صعدت أسماء تحكم الاقتصاد: كارنيجي (اسكتلندي)، أندرو ميلون (ألماني)، وحتى والد ستيف جوبز (سوري الأصل)؛ وبحلول عام 1940، شكّل المهاجرون ربع القوة الصناعية الأمريكية في مدن مثل شيكاغو، وبيتسبرغ، وديربورن، لكن الحرب العالمية الثانية لم تُدخل أمريكا في معركة جيوسياسية فحسب، بل كشفت خللا داخليا، تجسد في أمة تُجنّد أبناء المهاجرين للدفاع عن "الحرية" في أوروبا، وتمنعهم من التصويت في أريزونا!

المرحلة الثالثة: الانتصار السياسي والهزيمة الثقافية للمهاجر (1990-1945)

انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار أمريكا العسكري وبدء هيمنتها الاقتصادية، لكن في الداخل، كان الصراع أعمق من أي نصر، والاختراق أكبر من أي احتلال، خرج الجنود من الخنادق ليجدوا وطنا لا يزال يقسّم المهاجرين حسب لونهم، ودينهم، ولهجاتهم، ففتح قانون الهجرة لعام 1965 الباب أمام هجرة آسيوية وعربية وأفريقية واسعة. وفي العقود الثلاثة التالية، دخل إلى الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 18 مليون مهاجر من خارج أوروبا، وهو ما غيّر الوجه الديموغرافي للأمة بالكامل، لكن بينما صعد المهاجر في السياسة، فبات يصوت وينتخب ويدخل المجالس المحلية، إلا أن هويته بقيت محاصرة في صورة نمطية:

المهاجر العامل، لا المفكر.. اليد التي تبني، لا اللسان الذي يقرر.. وفي الوقت الذي كان فيه أبناء المهاجرين يُستخدمون لتجميل "ديمقراطية أمريكا" في العالم، كانت ثقافتهم تُقصى من المناهج، وتُحرّف في الإعلام، ويُمنع كثير منهم من التحدث بلغتهم في المدارس، ولذا انتصر المهاجر انتخابيا، لكنه خسر ثقافيا، وباتت أمريكا ترى فيه "شريكا في الضرورة"، لا "شريكا في المصير"، تطلب ولاءه دون أن تمنحه اعترافا!

المرحلة الرابعة: العولمة والتكنولوجيا والمهاجر الرقمي (2010-1990)

مع سقوط الاتحاد السوفييتي وصعود العولمة، دخلت أمريكا مرحلة جديدة، لم تعُد بحاجة إلى المهاجر فقط كعامل، بل كمطوّر برامج، وعالم جينات، ومهندس أنظمة، ففي هذه المرحلة، بدأ المهاجر يتحول من أداة اقتصادية إلى عقل منتج، وصانع العولمة والتكنولوجيا المتطورة:

• ما بين 1990 و2010، قفزت نسبة المهاجرين الحاصلين على مؤهلات جامعية من 18 في المئة إلى 34 في المئة.

• أكثر من 40 في المئة من شركات "Fortune 500" في عام 2010 كانت من تأسيس مهاجرين أو أبنائهم.

لكن المفارقة، أن هذه العقول لم تحمِ أصحابها من سُمّ التفرقة، فبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، أصبح المهاجر "مشتبها فيه دائما"، ورغم مساهماته في تطوير الأمن السيبراني، وصناعة الأدوية، والذكاء الصناعي، بات وجوده محل مساءلة!.. لتولد في هذه اللحظة التاريخية الفجوة؛ مهاجر يصنع المستقبل التكنولوجي لأمريكا، لكن لا يثق به النظام الأمني ولا السياسة الخارجية!! وبات وكأنه المسئول عن بناء بيت لا ولن يسمح له بالعيش فيه!!!

المرحلة الخامسة: المهاجر كفاعل سياسي واقتصادي (2020-2010)

في العقد الذي سبق جائحة كورونا، بدأت التحولات العميقة، فالمهاجر لم يعد صامتا، بل بات يكتب، ينتخب، يترشح، ويضغط؛ فارتفعت نسبة النواب من خلفيات مهاجرة في الكونغرس من 3 في المئة في 2000 إلى أكثر من 13 في المئة في 2020، وأصبحت الجامعات الأمريكية تحتضن أكثر من مليون طالب دولي سنويا، معظمهم يتحولون إلى عقول عاملة مهاجرة، لكن هذا الصعود لم يكن بلا مقابل، فقد تصاعدت معه الموجة الشعبوية بقيادة دونالد ترامب -الفترة الرئاسية الأولى- حيث جعل من الهجرة ملفّا انتخابيا لا إنسانيا، وشهدت البلاد إصدار أكثر من 400 قرار تنفيذي وقيود قانونية ضد المهاجرين في فترة 2017-2020 وحدها، وهو ما جعل تحول المهاجر من "وافد" إلى "صوت"، ومن "يد عاملة" إلى "كتلة ناخبة"، ومن "مستخدم" في الحملات الانتخابية، إلى "فاعل في الاقتصاد والسياسة معا".

المرحلة السادسة: من الاندماج إلى التفكك.. حين تصبح الهجرة أداة استقلال داخلي (2024-2020)

لم تكن جائحة كورونا مجرد أزمة صحية، بل كانت زلزالا كشف هشاشة النموذج الفيدرالي الأمريكي، ففي اللحظة التي انهارت فيها سلاسل الإمداد، وتعطّلت المدارس، وارتفعت البطالة، كان المهاجر هو اليد التي بقيت تعمل في المستشفيات، وفي عربات وشاحنات التوصيل، وفي المختبرات، وفي محطات الطاقة والوقود:

• أكثر من 5.4 ملايين مهاجر كانوا على الخطوط الأمامية في مواجهة الجائحة، بما يشمل 1.7 مليون في القطاع الصحي وحده، ومع ذلك، حُرم الكثير منهم من التأمين الصحي، والمساعدات الحكومية، والحماية القانونية.

• تزايدت جرائم الكراهية بنسبة 77 في المئة ضد الآسيويين، وبنسبة تجاوزت 300 في المئة ضد فئة بعينها في بعض الولايات بين 2020-2022.

هذه المفارقة فجّرت وعيا جديدا لدى المهاجر، مفاده أن النظام الفيدرالي الذي يُطالب بولائه.. لا يمنحه الحماية، فبدأت الأصوات ترتفع، لا تطالب فقط بالمساواة، بل بـ"إعادة صياغة عقد المواطنة"، من مينيسوتا إلى كاليفورنيا، ومن تكساس إلى نيويورك، ظهر المهاجرون في قلب الاحتجاجات على انتهاك حقوقهم في الداخل الأمريكي، وعلى سياسات أمريكا الخارجية، ومواقفها من فلسطين، وأفريقيا، والعالم العربي؛ وظهر المهاجر كـ"ناخب جيوسياسي"، بالإضافة إلى دورة كعامل اقتصادي.

استدراك: نحو دول مهاجرة.. داخل دولة فيدرالية متصدعة

في عام 2023، طرحت ولاية كاليفورنيا مشروع قانون يقترح منح المجالس البلدية ذات الغالبية المهاجرة سلطات تشريعية مستقلة جزئيا، وفي نفس العام، أعلنت ولاية تكساس نيتها إجراء استفتاء رمزي حول "الاستقلال الإداري"، ثم في نيويورك، شكلت عدة أحياء ذات كثافة مهاجرة ما يُشبه برلمانات مصغرة غير رسمية لتقرير أولوياتها الحياتية بعيدا عن السياسات الفيدرالية. وفي هذا المشهد، لم تعد الهجرة "تهديدا ديموغرافيا" كما كانت تُصوّر، بل تحولت إلى "قوة تفكيك ناعم" تُعيد رسم الخرائط السياسية من القاعدة الشعبية، وتحوّل الحي إلى دويلة، والهوية إلى دولة، والمواطن إلى مشروع استقلال

المفارقة فجّرت وعيا جديدا لدى المهاجر، مفاده أن النظام الفيدرالي الذي يُطالب بولائه.. لا يمنحه الحماية، فبدأت الأصوات ترتفع، لا تطالب فقط بالمساواة، بل بـ"إعادة صياغة عقد المواطنة"، من مينيسوتا إلى كاليفورنيا، ومن تكساس إلى نيويورك، ظهر المهاجرون في قلب الاحتجاجات على انتهاك حقوقهم في الداخل الأمريكي، وعلى سياسات أمريكا الخارجية، ومواقفها من فلسطين، وأفريقيا، والعالم العربي؛ وظهر المهاجر كـ"ناخب جيوسياسي"، بالإضافة إلى دورة كعامل اقتصادي

استفهام: أمريكا القادمة.. هل تكتب الدستور بلغات متعددة

لم يعد السؤال في واشنطن: كيف نُدمج المهاجر؟.. بل: كيف نحتوي هذا الكيان الجديد الذي تشكّل من المهاجرين؟

فبحسب تقديرات مكتب الإحصاء الأمريكي، أكد أنه بحلول عام 2045، ستصبح "الأقليات المهاجرة مجتمعة" أغلبية سكانية؛ أي أن من بنوا أمريكا سيُطالبون بإعادة كتابتها، ومن خدموا اقتصادها سيتولون قيادته، وأن المهاجر الذي صمت قرونا سيبدأ في كتابة الدستور من جديد..

استقراء: الدولة الفيدرالية الأمريكية تقف اليوم أمام مفترق طرق:

إما أن تُعيد صياغة هويتها وفق معادلة "مواطنة بلا مركزية قمعية"، أو تواجه تفككا غير معلن، تعيش فيه كاليفورنيا وكأنها دولة، وتكساس كأنها جمهورية، ونيويورك كأنها شبه كونفدرالية مهاجرة، والهجرة، التي بدأت كتدفق من الخارج، باتت الآن قوة داخلية ضاغطة لا تسأل فقط عن الحقوق، بل عن تعريف الدولة نفسها!

استشراف: الشرق الأوسط ونظامه الإقليمي.. بين مصر وفلسطين

مصر: مركز حضاري رهين بوظيفة أمنية

طوال ستين عاما، أُعيد تشكيل دور مصر كـ"وكيل أمني" للنظام الروسي تارة، والنظام الأمريكي تارة الأخرى، ومنذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، تتسلّم المعونة، وتضمن أمن الجار من سيناء، ثم تغلق المعابر، وتراقب الحدود، لكنها بعد السقوط والتفكك الأمريكي، سيسأل المصريون سؤالا لم يكن يُطرح: لماذا تحكمنا فرقة عسكرية لا إنجاز لها سوى الإخفاء القسري والاعتقال والمحاكم العسكرية، ولا تستثني طفلا ولا امرأة ولا كهلا، ولا عالما ولا خبيرا ولا وزيرا ولا سياسيا ولا معارضا؟.. ولماذا نُجبر على تحمّل عبء نظام يتسوّل القروض ويبيع الأصول؟ ولماذا نُستبعد من القرار السياسي؟ ونستعبد من النظام العسكري.. باسم حماية لا تأتينا إلا بالمزيد من القمع والفقر؟

في هذا الفراغ، إما أن تنهض مصر من سباتها الحضاري، وتُعيد بناء الدولة من الإنسان، ومن الإرادة الشعبية، ومن دستور جديد!.. أو يتمدد فيها الانهيار حتى تتحول إلى شظايا أمنية متناحرة، تتنافس على ولاء قوة لم تعد موجودة، والقرار للشعب..

فلسطين: المركز الأخلاقي بعد سقوط الغطاء الاستعماري

كانت فلسطين دوما تُكتم، وتُقيّد، وتُخنق، لأنها لا تملك قرار التواجد على قيد الحياة ما لم تكن تحت الاحتلال، لكن اليوم، ومع تآكل السيطرة الأمريكية على الخطاب العالمي، تبدأ الرواية الفلسطينية بالتحرر، تخرج من السجون السياسية، لتدخل جامعات العالم، ومنصات الأمم، وساحات الشعوب..

ما بعد التفكك الأمريكي قد لا تأتي الحرية على دبابة، لكنها ستأتي على موجة شرعية تُعيد تعريف من هو الممثل الحقيقي للحق الفلسطيني، لاستعادة الدولة الفلسطينية.

في سطور.. ساعة الصفر السيادية

تفكك أمريكا ليس كارثة عالمية، بل فرصة لولادة قوى إقليمية مستقلة، وحين يسقط هيكل التبعية، لا يعود المطلوب أن نبحث عن مركز جديد نرتبط به، بل أن نصنع مركزنا الذي يليق بشعوبنا وأمتنا، أن تُعيد مصر كتابة دورها، وأن تتحرر فلسطين بخطابها وسلاحها، أو نُستبدل بأنظمة أكثر خضوعا في لعبة جديدة.. بوجوه قديمة.. والأيام دول، والقرار للشعوب!