كشف مسؤول للاحتلال أن الهجوم الجوي واسع النطاق الذي
نفذ ضد منشآت نووية وعسكرية
إيرانية، فجر الجمعة، جاء بعد "ضوء
أخضر أمريكي واضح"، رغم ما بدا من مواقف علنية متحفظة من إدارة الرئيس السابق
دونالد
ترامب.
ووفقًا لتقرير نشره موقع "أكسيوس" الأمريكي،
ونقلته عدة وسائل إعلام عبرية، فإن العملية التي وُصفت بأنها "الأضخم ضد
إيران منذ عام ١٩٧٩"، جاءت بعد ثمانية أشهر من التحضيرات الاستخباراتية
والعسكرية الرفيعة المستوى، تخللتها اتصالات سرية بين القيادة
الإسرائيلية
ومسؤولين أمريكيين بارزين.
وبحسب القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، فقد أعطى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أوامره بالاستعداد للهجوم عقب انتخاب ترامب في
تشرين الثاني الماضي، وتحديدًا قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار مع لبنان، ووقّع
حينها على أمر خطي بتفعيل خطة الحرب على إيران.
وكانت "المهمة المركزية"، وفق القناة، هي الحصول
على موافقة أمريكية صريحة أو ضمنية لتنفيذ الضربة، وهو ما تحقق لاحقًا من خلال
اجتماعات غير معلنة جمعت نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر بمسؤولين
رفيعي المستوى في الإدارة الأمريكية. بعض هذه الاجتماعات لم يتم الكشف عنها حتى
اليوم.
وأكدت مصادر إسرائيلية مطّلعة للقناة العربية أن الموقف
الأمريكي تراوح بين الصمت المتفهم والدعم الفعلي، فيما أوضح أحد المسؤولين
الإسرائيليين للموقع أن "الولايات المتحدة كانت تُظهر معارضة شكلية أمام
الإعلام، لكنها في الغرف المغلقة لم تكتفِ بالصمت، بل منحتنا الضوء الأخضر الصريح".
وشملت العملية قصفًا جويًا واسعًا لمنشآت تخصيب اليورانيوم
ومواقع تطوير الصواريخ البعيدة المدى، إضافة إلى استهداف نحو ٢٥ من كبار العلماء
النوويين وقادة بارزين في الحرس الثوري، من بينهم اللواء حسين سلامي، قائد الحرس،
واللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان الإيرانية.
كما كشف التقرير عن تنفيذ عمليات تخريب ميدانية داخل إيران،
شارك فيها عملاء لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، تمركزوا سرًا
في طهران ومدن أخرى لتنفيذ مهام استخباراتية دقيقة تمهيدًا للضربة.
وأفادت تقارير بأن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست،
يولي إدلشتاين، كان من القلة المطلعة على تفاصيل العملية، ما دفعه لتقديم تنازلات
سياسية حالت دون حل الكنيست مؤخرًا، وهو ما اعتُبر جزءًا من تحصين الجبهة الداخلية
قبيل الهجوم.
في المقابل، أعلنت طهران أن الرد سيكون قاسيًا، مؤكدة أن
العملية "لن تمر من دون عقاب"، مهددة باستهداف مصالح إسرائيلية وأمريكية
في المنطقة، في وقت رفعت فيه واشنطن حالة التأهب في قواعدها العسكرية في العراق
والكويت والبحرين، وبدأت إجلاء عائلات الجنود والدبلوماسيين.
ورغم نفي وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن تكون بلاده
شاركت عسكريًا في العملية، إلا أن تصريحات الرئيس ترامب أكدت أن بلاده "كانت
على علم مسبق بالضربة"، معتبراً أن إسرائيل "تصرّفت بمسؤولية دفاعًا عن
أمنها"، بحسب ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت ترى فيه تل أبيب أن إيران اقتربت من
"نقطة اللاعودة" في برنامجها النووي، خاصة مع قرب تشغيل منشآت تخصيب
جديدة تحت الأرض يُعتقد أنها محصنة ضد أعتى القنابل الأمريكية، وهو ما دفع القيادة
الإسرائيلية إلى التحرك قبل فوات الأوان.
وأشارت التقديرات الإسرائيلية إلى أن العملية العسكرية قد لا
تكون سوى بداية لموجة عمليات متلاحقة، قد تمتد لأيام أو أسابيع، ضمن ما تصفه تل
أبيب بـ"حرب استباقية استراتيجية"، وليست مجرد رد فعل عابر.