تواصل "
قافلة الصمود" طريقها نحو
قطاع
غزة، وسط دعم واسع من علماء ودعاة ومؤسسات دينية في العالم الإسلامي، دعوا
إلى اعتبار التحرك الشعبي لفك الحصار عن غزة "واجباً شرعياً" ورسالة
إنسانية رافضة للتواطؤ والصمت أمام الإبادة الجارية بحق مليوني إنسان في القطاع.
وتسعى القافلة
التي انطلقت من تونس مروراً بالجزائر وليبيا وصولا إلى
مصر، إلى كسر الحصار
المفروض على القطاع منذ 18 عاماً، وسط ترحيب شعبي واسع في العواصم المغاربية
والمدن الليبية، ووسط دعوات من علماء بارزين وحركات إسلامية ومنظمات أهلية
للمشاركة الفاعلة فيها ودعمها مادياً ومعنوياً.
ومن جانبه قال الأمين العام للاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين الشيخ الدكتور علي الصلابي، إن القافلة "تحمل رسالة شعبية
حضارية تعبر عن وعي جماهيري بعدالة القضية الفلسطينية، ورفض الإبادة والظلم"،
مؤكداً أن "إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن الصمت لم يعد مقبولاً أمام جرائم
الاحتلال التي تهدد كرامة المنطقة بأسرها".
واعتبر الصلابي في بيان رسمي أن التحرك
"رسالة إنسانية بحتة، لا تستهدف أي نظام عربي، بل تدعو إلى إنقاذ ما تبقى من
القيم الإنسانية والشرعية"، محذراً من أن التواطؤ مع الاحتلال هو "عار
أخلاقي وسياسي، وتثبيت لجرائم قد تتكرر في أي بلد عربي".
وفي
السياق ذاته، أصدرت هيئة علماء فلسطين بياناً دعت فيه إلى "تشجيع قوافل كسر الحصار والانضمام إليها"، مؤكدة أن
"كسر الحصار عن المسلمين المحاصرين في غزة هو واجب شرعي لا يجوز التخلي
عنه"، ودعت الحكومات العربية إلى تسهيل مرور القوافل ودعمها، وقطع العلاقات
مع الاحتلال.
كما ندد
البيان باعتقال الاحتلال لطاقم سفينة "مادلين" التي حاولت كسر الحصار
بحراً، ووصفت الحادثة بأنها "اعتداء صارخ على القانون الدولي"، داعياً
للإفراج الفوري عن المتطوعين الاثني عشر الذين تم أسرهم في المياه الدولية.
ومن جانبه وصف اتحاد علماء الأزهر القوافل بأنها "جهاد مدني وفك أسر
وإغاثة للملهوف"، معتبراً أن المشاركة فيها "من أعظم القربات وأجلّ
الطاعات"، واستند في موقفه إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على نصرة
المظلوم.
وأشار
البيان إلى أن "نصرة غزة ليست تفضلاً ولا موسمية، بل فريضة شرعية دلّ عليها
الكتاب والسنة"، داعياً الأمة كلها – شعوباً وعلماء ودعاة – إلى الاصطفاف مع
أهل غزة في هذه المحنة.
وتتابع الهيئة العالمية لأنصار النبي تحرك
القافلة، وقالت في بيان مقتضب إن الجماهير في ليبيا ومصر "استقبلت القافلة
استقبال الفاتحين"، معربة عن أملها أن "يكلل الله هذا المسعى بنجاح يكسر
الحصار وينهي المجاعة".
وكانت
القافلة قد انطلقت من العاصمة التونسية بمشاركة مئات الناشطين من دول المغرب
العربي، بدعم شعبي واسع من منظمات إنسانية وحركات شبابية. ويشارك فيها متضامنون من
32 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، وفق المنظمين، الذين أكدوا أن هدف القافلة هو
"كسر الحصار المستمر منذ 2007، الذي جعل سكان غزة على حافة المجاعة والكارثة
الإنسانية".
ويأتي
هذا التحرك في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ السابع من تشرين الأول
/ أكتوبر 2023، والذي أسفر حتى الآن عن أكثر من 182 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ودمار واسع شرد نحو
1.5 مليون فلسطيني، وفق بيانات رسمية فلسطينية ومنظمات دولية.
ويترافق
هذا الحراك الشعبي مع تصاعد الدعوات لمقاطعة التطبيع مع الاحتلال، ففي بيانهم، حذر
علماء فلسطين من "مخاطر التطبيع" واعتبروه "خيانة صريحة للأمة
وتثبيتاً للاحتلال".
كما دعا البيان المؤسسات المالية الإسلامية وصناديق الزكاة لدعم القوافل وتمويل المبادرات الإنسانية،
وطالب وسائل الإعلام العربية والإسلامية بـ"القيام بدورها في فضح جرائم
الاحتلال، وكسر الصمت الإعلامي المفروض بضغط من الأنظمة".
وكان عضو التحالف العالمي ضد الاحتلال، قد
ناشد السلطات المصرية للتعامل بإيجابية وتعاون مع المسيرة العالمية القادمة من
أوروبا الهادفة إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، مؤكداً احترام الحملة
للسيادة المصرية والقوانين المحلية.
وأوضح العالول في تصريح خاص
لـ"عربي21" أن أهداف الحملة إنسانية بحتة، وتتمثل في فك الحصار عن قطاع
غزة، وإنهاء معاناة سكانه، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف حرب الإبادة
المستمرة بحق المدنيين.
وأضاف أن المشاركين في الحملة هم من النشطاء
الغربيين من مختلف التخصصات والقطاعات، بينهم برلمانيون وأساتذة جامعيون، محامون،
طلاب، وأطباء، جاؤوا من مختلف دول أوروبا والأمريكتين، "وقد بدأ الآلاف منهم
بالفعل بالوصول إلى العاصمة المصرية القاهرة استعداداً للتوجه إلى معبر رفح."
وكانت السلطات المصرية قد أوقفت أكثر من 200
ناشط أجنبي من جنسيات مختلفة لدى وصولهم إلى مطار القاهرة أو في فنادقهم، على
خلفية مشاركتهم في "المسيرة العالمية إلى غزة" على ما أفاد المتحدث باسم
المسيرة سيف أبو كشك.
وكانت إسرائيل حثت مصر الأربعاء على
"منع وصول المحتجين" إلى المنطقة الحدودية وحذرت من أي "استفزازات
أو محاولة دخول غزة"، بالتزامن مع توجه المشاركين بالمسيرة إلى مصر وانطلاق
قافلة أخرى باسم "صمود" من تونس متوجهة إلى رفح.
ذكرت وسائل إعلام مصرية، أن قوات الأمن
المصرية احتجزت عشرات التونسيين والفرنسيين والجزائريين، بمطار القاهرة.
وأضافت أن الشرطة المصرية اقتحمت فندق
داونتاون وفندقا آخر وسط القاهرة، حيث يقيم أعضاء الوفد الفرنسي المشارك في
القافلة، قبل أن ينقطع الاتصال بهم.