قضايا وآراء

المساعدات الإنسانية في غزة بين الهوان العربي والهولوكوست الصهيوني

"وصل عدد الأطفال الذين ماتوا فقط جوعا أكثر من ستين طفلا خلال الأيام القليلة الماضية"- عربي21
على بعد أمتار من غزة تتكدس الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية لأهل غزة والتي وصلت صفوفها عشرات الكيلومترات، وهي مساعدات جاءت من جهات شتى أملا في دخولها لغزة التي حرمت من دخول قطرة ماء أو حبة غذاء منذ أكثر من شهرين ونصف، وما زال المصير لما تحمله تلك الشاحنات غامضا؛ هل سينتهي الأمر بدخولها واستفادة أهل غزة مما بها، أم يذهب ما تحمله تلك الشاحنات إلى عالم المتلفات بفسادها لعدم القدرة على إدخالها.

يأتي هذا وأهل غزة يواجهون الموت إما من خلال النابالم بالهولوكوست الصهيوني، وإما من خلال الجوع، حتى وصل عدد الأطفال الذين ماتوا فقط جوعا أكثر من ستين طفلا خلال الأيام القليلة الماضية، وحتى أن الأمم المتحدة نفسها شكت من أن مخازنها في غزة لم يعد فيها أي غذاء، كما أنه نتيجة حتمية للحصار وقلة الزاد زادت الأسعار بأكثر من 400 في المئة، ولم يعد في مقدرة عموم الناس الحصول على كسرة خبز، في حين أن إخوانهم من العرب والمسلمين أصابتهم التخمة من كثرة الشبع، وحتى ضميرهم لم يتحرك لمد يد العون إلى أهالي غزة، ورفع الحصار عنهم، ووقف الموت السريع والبطيء لهم، وإن أرادوا لفعلوا،
نتنياهو وعصابته يعيشون المتناقضات؛ ما بين حرب ضروس وإجرام بلا حدود وقتل بلا هوادة، وما بين توفير لقيمات لأهل غزة لن يقمن أصلابهم ولن تصلهم بصورة تلائم احتياجاتهم، في ظل القصف المستمر وتوسيع دائرة العدوان والحرب
ولكنه الهوان العربي بل والإسلامي الذي أخرس الجميع وجعلهم يصمتون صمت القبور أمام الإجرام الصهيوني الذي أعلن رئيس وزراء كيانه بنيامين نتنياهو أنه سيزيد من توسيع الحرب على غزة، وهو في الوقت نفسه يتجه إلى توفير سعرات حرارية لأهل غزة لا تسمن ولا تغني من جوع.

فوفقا لما نشرته صحيفة تايم أوف إسرائيل فإن إسرائيل تعتزم تغيير طريقة توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بشكل جذري عندما تبدأ السماح بدخول المساعدات مجددا خلال الأسابيع المقبلة، بعد تجميد دام قرابة شهرين ونصف، وتقضي الخطة بالابتعاد عن نموذج التوزيع بالجملة والتخزين المركزي، واللجوء بدلا من ذلك إلى قيام منظمات دولية ومتعاقدين أمنيين خاصين بتسليم صناديق غذاء مباشرة إلى العائلات في غزة، وسيحتوي كل صندوق على كمية من الغذاء تكفي عدة أيام، إلى أن يُسمح لممثل العائلة بالعودة مجددا لتسلُّم حزمة جديدة، حيث تعتقد إسرائيل أن هذه الآلية ستُصعّب على حماس الاستيلاء على المساعدات لصالح مقاتليها. ولن يشارك الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في عملية التوزيع، في ظل اعتراض رئيس الأركان الفريق إيال زمير؛ لكن الجنود سيتولون تأمين الحماية الخارجية للمتعاقدين الخاصين والمنظمات الدولية المكلفين بتوزيع المساعدات.

وهكذا فإن بنيامين نتنياهو وعصابته يعيشون المتناقضات؛ ما بين حرب ضروس وإجرام بلا حدود وقتل بلا هوادة، وما بين توفير لقيمات لأهل غزة لن يقمن أصلابهم ولن تصلهم بصورة تلائم احتياجاتهم، في ظل القصف المستمر وتوسيع دائرة العدوان والحرب، وكون أهل غزة الجائعين أهدافا مكشوفة للعدو الصهيوني، وهؤلاء الصهاينة الذين استخدموا استراتيجية التجويع والحصار للضغط على حماس للعودة إلى صفقة الرهائن التي أفسدتها أيدي الصهاينة يعرفون جيدا أن حماس يكفي مقاتليها الذين يزودن عن عرض الأمة وكرامتها وأرضها المقدسة بضع تمرات وماء.

المسؤولية التاريخية تتطلب من الدول العربية والإسلامية -وفي مقدمتها مصر- حكاما وشعوبا وقف لجام هذه الحرب، وفك الحصار عن أهل غزة، والمسارعة في إعادة تعميرها، ولا أقل للشعوب من الضغط على حكامها

إن الوضع الجائر والحصار الخانق لأهل غزة دعا بأحرار من العالم لاتخاذ سفينة لرفع هذا الحصار، ولكن العدوان الصهيوني لم يترك لها مجالا لتحقيق أغراضها، فقد أفاد تحالف أسطول الحرية أن سفينة له تابعة لحملة كسر الحصار عن غزة تعرضت لهجوم إسرائيلي بطائرتين مسيّرتين قرب مالطا، وقد أدى ذلك إلى اندلاع حريق في أحد أجزائها مع عدم وقوع إصابات بين الناشطين المشاركين في الرحلة وعددهم 30 ناشطا دوليا.

كما أن هذا الوضع الخانق دعا التجمع الوطني للقبائل والعشائر والعائلات في غزة إلى مطالبة كل أحرار العالم بالحشد والمشاركة في فتح المعابر، ووجه نداء خاصا لمصر رئيسا وحكومة وشعبا، مشيرا للدور التاريخي لمصر ومسؤوليتها التاريخية. ولكن هل من مستجيب، خاصة وأن مصر هي الدولة التي بها هذه المعابر مباشرة، وهي من أوقفت الحرب على غزة وألجمت العدوان الصهيوني من قبل إبان فترة رئاسة الدكتور محمد مرسي؟

إن المسؤولية التاريخية تتطلب من الدول العربية والإسلامية -وفي مقدمتها مصر- حكاما وشعوبا وقف لجام هذه الحرب، وفك الحصار عن أهل غزة، والمسارعة في إعادة تعميرها، ولا أقل للشعوب من الضغط على حكامها لا سيما الذين باعوا ضمائرهم وتحالفوا أو تآمروا مع الكيان الصهيوني، وجعلوا بقعة دولهم وممالكهم الضيقة مقدمة على مفهوم الأمة الإسلامية وأرضها المقدسة، فلا نامت أعين الجبناء والمتخاذلين والمتآمرين!

x.com/drdawaba