أثار نشر وزارة الخارجية السورية على حسابها في منصة "إكس" خريطة للبلاد بدون مرتفعات
الجولان، حالة الجدل، حيث اتهم مدونون حكومة دمشق بالتنازل عن مرتفعات الجولان لصالح الاحتلال الإسرائيلي، فيما عزا آخرون ما جرى بأنه مجرد "خطأ في الرسم".
ولطالما صرّح الرئيس السوري أحمد الشرع مراراً وتكراراً بأن الجولان "أرض محتلة"، فيما نشر من على سفح جبل قاسيون، فيديو له قائلا إن: "اليوم يمثل أول يوم لسوريا دون عقوبات بفضل الله ثم بجهود وصبر الشعب السوري الذي استمر لمدة 14 عاماً"، وجاء في التغريدة: "سوريا بدون قانون قيصر".
وهنّأ الشرع السوريين في أول تغريدة له برفع قانون قيصر عن البلاد، واعداً بمستقبل جديد لسوريا، وشدد على المضي "يداً بيد نحو مستقبل يليق بالشعب السوري ووطنه"، كما توجّه بالشكر إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فضلًا عن تركيا وقطر.
اظهار أخبار متعلقة
وشكّك نشطاء بدورهم بالفيديو الذي نشره الشرع، وقال بعضهم إن الرئيس لم يكن على سفح جبل قاسيون خلال تصوير مقطع الفيديو، وجرى استخدام خلفية معدلة تُشابه السفح، كون صوت الطيران الحربي الإسرائيلي سيكون مسموعًا وهو يُحلّق خلال كلمته المسجلة، وفق قولهم.
بدوره، سارع إعلام الاحتلال لتناول الخبر، حيث أعاد موقع "
إسرائيل هيوم" العبري نشر تغريدة وزارة الخارجية السورية، وقال إن خريطة سوريا بلا مرتفعات الجولان، احتفاءًا برفع العقوبات عن البلاد، رغم أن الرئيس الشرع يعتبرها أرضًا تحتلها إسرائيل.
ومساء الخميس، وقّع ترامب في حفل أُقيم بالبيت الأبيض قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، المتضمن بندا لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر"، ليتم بذلك رفع العقوبات رسميا.
"إسرائيل" حاولت منع رفع كامل العقوبات عن سوريا
من جهتها، كشفت هيئة البث العبرية، أن تل أبيب حاولت إقناع إدارة الرئيس ترمب بعدم رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف الإبقاء على جزء منها كورقة تفاوض مستقبلية، إلا أن مساعيها قوبلت بالرفض، وسط وعود أمريكية بتقديم "تعويض" لإسرائيل، من دون توضيح طبيعة هذا التعويض.
وقال مصدران إسرائيليان إن إسرائيل طلبت من إدارة ترمب عدم رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، لكن الإدارة الأميركية رفضت، وذكر المصدران أن مسؤولين بحكومة نتنياهو توجهوا إلى مسؤولين بإدارة ترمب، وحاولوا التأثير عليهم لحملهم على عدم رفع العقوبات عن سوريا، بدعوى ترك بعضها ليكون رفعها مرتبطاً بنتائج مفاوضات مستقبلية بين سوريا وإسرائيل.
وجاء إقرار هذا القانون بعد أيام من حديث الرئيس الأمريكي عن أهمية الحفاظ على "حوار قوي وحقيقي" مع دمشق، في وقت تسعى فيه إدارته للتوصل إلى اتفاقية تمنع الأعمال العدائية بين سوريا وإسرائيل، التي لا تزال تنفّذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية.
تقدم مسار المفاوضات ما زال مشروطاً
وتتوسط الولايات المتحدة بين سوريا وإسرائيل لخفض التوتر، والتوصل إلى اتفاقية أمنية تأمل دمشق أن تفضي إلى التراجع عن عمليات السيطرة التي نفذتها إسرائيل على أراضيها في الآونة الأخيرة، وفي بداية كانون الأول/ديسمبر الجاري، كتب ترمب في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال": "من المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء قد يعيق تطور سوريا إلى دولة مزدهرة".
وتؤكد المواقف المعلنة من دمشق وتل أبيب أن أي تقدم في مسار المفاوضات يظل مشروطاً باعتبارات أمنية وسيادية. فقد شددت إسرائيل، في تصريحات سابقة، على أن تحركاتها داخل سوريا مرتبطة بما تزعم أنها "تهديدات أمنية"، مشيرةً إلى سعيها لإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح تمتد من دمشق إلى جبل الشيخ ومناطق أخرى.
اظهار أخبار متعلقة
في المقابل، أكدت سوريا، في أكثر من مناسبة، أن أي تفاهمات مستقبلية يجب أن تقوم على احترام السيادة وانسحاب القوات الإسرائيلية من أراضيها، ولا تعترف سوريا رسمياً بإسرائيل، التي احتلت مزيداً من الأراضي السورية منذ كانون الأول/ديسمبر 2024. وكانت إسرائيل قد احتلت هضبة الجولان السورية خلال حرب عام 1967 ثم ضمّتها لاحقاً، وهي خطوة اعترفت بها الولايات المتحدة، ولم تعترف بها معظم الدول الأخرى.
وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2019، أقر الكونغرس الأمريكي "قانون قيصر" لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، على جرائم حرب وانتهاكات ارتكبها بحق المدنيين، ومن شأن إلغاء القانون، الذي فرض عقوبات اقتصادية ومالية واسعة النطاق، أن يُمهّد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الإدارة السورية الجديدة.