نشرت صحيفة "
التايمز" البريطانية تقريرا قالت فيه، إن الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلي الداخلي، اعتبر اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية بأنه قد يُسهم في إنهاء الحرب في غزة. وقال عامي أيالون، إن هذه الخطوة قد تُسهم في إيجاد حل دبلوماسي "للصراع" بين "إسرائيل" وحماس من خلال المساعدة في عزل كلا الجانبين.
وأثار قرار كير ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية، إلى جانب فرنسا ودول أخرى، غضب "إسرائيل"، وقالت حكومة بنيامين نتنياهو إن هذه الخطوة تكافئ حماس على هجومها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كما رفضتها الولايات المتحدة، التي لا تزال أقرب داعم لـ"إسرائيل"، ووصفتها بأنها "لفتة استعراضية".
لكن أيالون قال إنه لا يتفق مع هذا التقييم، وقال لصحيفة التايمز: "قالوا إنها هدية عظيمة لحماس. إنها ليست هدية عظيمة لحماس. إنها كابوس لحماس. إنه انهيار لأيديولوجيتهم، سيختفون كلاعب سياسي رئيسي"، ويجادل أيالون بأن الجماعات التي لن تستفيد من الاعتراف هي الجماعات المتطرفة كـ"حماس"، التي تدير غزة، واليمين المسياني الإسرائيلي، الذي يدفع من أجل ضم رسمي للضفة الغربية وإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة.
وقال: "إنها رسالة واضحة للغاية لهاتين المجموعتين المتطرفتين والعنيفتين اللتين قادتا المنطقة بطريقة ما على مدى الثلاثين عاما الماضية"، مضيفا بالقول:" نعم، سيعزل حكومتنا أيضا. لكن حكومتنا لا تمثل الإسرائيليين اليوم"، إذ يعتقد أكثر من 70 بالمئة منهم أنه يتعين علينا إنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن لبدء عملية تفاوضية بيننا وبين الفلسطينيين.
ومع استعداد المزيد من حلفاء "إسرائيل" للاعتراف بفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع، ومع عقد فرنسا والمملكة العربية السعودية اجتماعا لإعادة تأكيد قيمة حل الدولتين، قال أيالون إن التطورات يمكن أن تولد "أملا"، وأضاف: "إن الاعتراف بدولة فلسطينية إعلان إيجابي للغاية ورسالة مهمة. في كل مكان، وخاصة في الشرق الأوسط، لهذا معنى وقيمة عظيمين. من الضروري خلق الأمل".
وُلد أيالون، البالغ من العمر 80 عاما، لأبوين مهاجرين رومانيين في فلسطين تحت الانتداب البريطاني قبل ثلاث سنوات من قيام دولة إسرائيل، وحصل على أعلى وسام عسكري إسرائيلي، وسام الشجاعة، لشجاعته تحت نيران العدو خلال حرب عام 1973.
تولى قيادة البحرية الإسرائيلية ثم جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بين عامي 1995 و2000، بعد أن أقرت اتفاقيات أوسلو إطارا لحل الدولتين لإنهاء عقود من الصراع، إلا أن الخطة تعثرت منذ ذلك الحين، تاركة مساحات شاسعة من الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
اظهار أخبار متعلقة
ومنذ تقاعده من رئاسة جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، أصبح أيالون سياسيا ووزيرا في حزب العمل الإسرائيلي، عارض موقف نتنياهو الأكثر تشددا بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية. كما أصبح أكثر تأملا في الفترة التي قضاها في الجيش وهو يخوض حربا ضد أعداء إسرائيل، والتي يعتقد أنها قللت من احتمالات السلام والأمن على المدى الطويل.
وقال أيالون عن الصراع الذي تصاعد إلى ما بعد غزة ليوجه ضربات موجعة لأعداء البلاد في إيران ولبنان وسوريا واليمن: "يمكن اعتبار الحملة العسكرية الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول بمثابة "واحدة من أعظم الانتصارات العسكرية في التاريخ"، وأضاف: "ما زلنا لا ندرك أن هناك حدودا لما يمكن تحقيقه باستخدام القوة العسكرية. والقادة العسكريون يدركون ذلك - إنهم يقولونه بصوت عالٍ وواضح للشعب الإسرائيلي".
كان أيالون يشير إلى الصف الطويل من مسؤولي الأمن الحاليين والسابقين الذين انتقدوا نتنياهو والحرب في غزة، التي أودت بحياة أكثر من 65 ألف فلسطيني، وفقا لحماس، حتى الفريق إيال زامير، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي، يُقال إنه حذر من الهجوم الأخير على مدينة غزة قبل أن يبدأ.
يُعتقد أن الموساد، وهو الجهاز الإسرائيلي المعادل لجهاز الاستخبارات الخارجية (MI6)، رفض شن عملية حديثة لقتل مسؤولي حماس في قطر، بينما كانت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة مستمرة، وبدلا من ذلك، نفذ الجيش الإسرائيلي غارة جوية فشلت في قتل كبار قادة الحركة، لكنها أُدينت على نطاق واسع باعتبارها هجوما على حليف غربي.
وقال أيالون عن الضربة: "لقد اتخذوا (القيادة العسكرية) قرارا دون مراعاة التداعيات الإقليمية التي يمكن أن تترتب عليها"، مضيفا أنها تُعيد إلى الأذهان محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة عام 1997، أحد أبرز أهداف حماس في الدوحة.
في تلك المناسبة، أُلقي القبض على عملاء الموساد في عمان بعد رش مشعل بالسم، وكاد الحادث أن يؤدي إلى تعليق معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن، واضطر نتنياهو، الذي كان آنذاك في أولى ولاياته الثلاث كرئيس للوزراء في إسرائيل، إلى إصدار أمر إلى الموساد بتسليم الترياق للأردن، وإطلاق سراح مؤسس حماس المسجون، الشيخ أحمد ياسين، لضمان حرية عملائه المعتقلين.
قال أيالون عن الهجوم على الأراضي القطرية في وقت سابق من هذا الشهر: "دفعنا ثمنا باهظا، كان من غير المعقول القيام بذلك في دولة... لدينا فيها أصدقاء"، وحذّر من أن العواقب قد تشمل زيادة خطر الهجمات الانتقامية ضد الإسرائيليين في الخارج، بالإضافة إلى ردود دبلوماسية انتقامية.
وأضاف: "في بعض الأحيان، ارتكبنا أخطاء جسيمة، وكما نفهم الآن، كان قادتنا الأمنيون ضد هذه الضربة [في الدوحة].. نحن الإسرائيليون، ارتكبنا أخطاء أكثر من مرة لعدم فهمنا للعواقب"، انفجرت الانقسامات داخل المؤسسة الأمنية في العام الماضي، عندما أقال نتنياهو، بشكل غير رسمي، آخر رئيس لجهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، قائلا إنه لم يعد يثق به. ودعما لبار، قال أيالون إن إحدى نقاط قوة الجهاز هي قدرة مديره على قول "لا" لرئيس الوزراء إذا اعتقد الأول أن الثاني يتصرف بشكل مخالف للقانون.
قال أيالون عن نتنياهو، الذي اتهمه النقاد بمحاولة تقويض الضوابط والتوازنات في الديمقراطية الإسرائيلية، مثل استقلال القضاء، وإطالة أمد الحرب لتحقيق غاياته الشخصية والسياسية: "تُقاس قوة الشاباك بقدرته على حماية الإسرائيليين من (الإرهاب) وحماية ديمقراطيتنا من كل من يحاول تدميرها، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، عندما لا يدرك حدود سلطته".
في الأسبوع الماضي، حذّر أيالون وثلاثة رؤساء سابقين، هم كارمي جيلون ويورام كوهين ونداف أرغمان، من أن ديفيد زيني، وهو لواء متقاعد من الجيش الإسرائيلي، مرشح نتنياهو لخلافة بار، قد يُلحق "ضررا لا رجعة فيه لأجيال بأمن إسرائيل"، مُفككا المؤسسة من الداخل.
يعتقد أيالون أن الإسرائيليين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لإجراء انتخابات عامة أخرى في الأشهر المقبلة، والتي ستُصادف ذكرى هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والحرب المطولة في غزة، وإمكانية ضم الضفة الغربية.
في السابق، ربما كان نتنياهو يدّعي أن أكبر إنجازاته على مدى السنوات الست عشرة الماضية، أو بداية ولايته الثانية كرئيس للوزراء، كان إبعاد القضية الفلسطينية عن الأجندة المحلية والدولية، لكن العامين الماضيين غيّرا كل ذلك، كما قال أيالون.
اظهار أخبار متعلقة
وقال: "لذا كان لدى (الإسرائيليين) حلم: أن نزدهر، وأن ننجح، وأن نحقق الاستقرار بدون الفلسطينيين. "وفي السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، جاءت رسالة. الفلسطينيون هنا، ونحن هنا، شئنا أم أبينا"، وأضاف أنه من المهم الآن للقادة الإسرائيليين الانخراط في الجهود الدبلوماسية لحل الصراع وتحرير الرهائن حتى مع استمرار الحرب ضد حماس.
وختم بالقول: "علينا أن نتحدث لغتين". نعم، اللغة العسكرية، والدبلوماسية أيضا، لغة ضرورية لتحقيق النصر - النصر ليس قتل جميع أعدائك، بل خلق واقع سياسي أفضل، نحن نضحي بقيمنا التي نخوض الحرب من أجلها. وإذا انتصرنا وقتلنا جميع أعدائنا، وخسرنا قيمنا، نكون قد خسرنا الحرب".