حقوق وحريات

اعتداء على باسم عودة وزير التموين المصري الأسبق داخل السجن.. والداخلية ترد

انتهاكات حقوقية في سجن بدر 3 تفضح واقع السجون المصرية الجديدة - إكس
انتهاكات حقوقية في سجن بدر 3 تفضح واقع السجون المصرية الجديدة - إكس
عادت قضية السجون المصرية إلى واجهة الجدل الحقوقي، بعد تقارير كشفت عن تعرض وزير التموين الأسبق والأستاذ الجامعي المعروف باسم عودة، لاعتداء جسدي ولفظي داخل محبسه في سجن بدر 3 (الإصلاح والتأهيل).

وبحسب ما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان، مساء الاثنين الماضي، فإن العقيد أحمد فكري، ضابط الأمن الوطني والمسؤول عن قطاع (2) بالسجن، اقتحم زنزانة عودة واعتدى عليه بالضرب والتهديد، في محاولة لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام، الذي يخوضه إلى جانب عشرات من المعتقلين السياسيين احتجاجاً على ما وصفوه بحرمانهم من أبسط حقوقهم.



وخلال الاعتداء، هدد الضابط المعتقلين بجعل سجن بدر 3 "أسوأ من سجن العقرب"، في إشارة إلى السجن سيئ السمعة الذي أُغلق قبل عامين، بعدما أصبح رمزاً للتعذيب والإهمال الطبي والوفاة البطيئة للمئات من السجناء السياسيين.

ويُعرف باسم عودة بـ"وزير الغلابة"، بعدما تولى وزارة التموين عام 2012، حيث ارتبط اسمه بإصلاحات بارزة في ملفي الخبز والوقود، لاقت إشادة واسعة من المواطنين. 

إلا أنه اعتقل عقب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، وحُوكم في قضايا ذات طابع سياسي اعتبرتها منظمات محلية ودولية تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة، ليقضي منذ ذلك الحين أحكاماً بالسجن المشدد.

ورغم أن السلطات المصرية روجت عند افتتاح سجن بدر 3 في كانون الأول/ديسمبر 2021 لكونه "نموذجاً عصرياً للإصلاح والتأهيل"، وثقت منظمات حقوقية محلية ودولية انتهاكات متكررة داخله، بينها الحرمان من الزيارات لفترات طويلة، منع التواصل مع المحامين، الإخفاء المتعمد للمعلومات عن ذوي السجناء، والإهمال الطبي الذي أدى لتدهور الحالة الصحية لعدد من المعتقلين، فضلا عن الحبس الانفرادي المطول والتفتيش القمعي المتكرر، ما دفع ناشطين إلى وصفه بـ"العقرب الجديد".

اظهار أخبار متعلقة


ومنذ مطلع تموز/يوليو الماضي٬ دخل عدد من المعتقلين السياسيين في السجن في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على ما وصفوه بـ"السياسات القمعية"، والتي شملت العزل الانفرادي، المنع من الزيارات، الحرمان من العلاج الطبي، وقطع تواصلهم مع أسرهم ومحاميهم. وذكرت رسالة مسربة من داخل القطاع (2) أن السجناء "يعانون موتا بطيئا" نتيجة هذه الممارسات.


في المقابل، نفت وزارة الداخلية المصرية في بيان رسمي صحة ما ورد في تقارير الشبكة المصرية، مؤكدة أن باسم عودة "غير مضرب عن الطعام" وأنه "يحظى بمعاملة قانونية وفق الضوابط المتبعة"، ووصفت التقارير بأنها "ادعاءات كاذبة" تروجها جماعة الإخوان المسلمين لكسب تعاطف دولي.

غير أن شهادات ناشطين ومعتقلين سابقين تناقض الرواية الرسمية، إذ أكد الناشط السياسي أحمد دومة أن العقيد أحمد فكري مارس انتهاكات ممنهجة بحق السجناء على مدار سنوات، من بينها حرمانه شخصياً من العلاج، والتورط في وقائع تنكيل بشخصيات بارزة مثل علاء عبد الفتاح، الصحافي محمد إبراهيم (أكسجين)، والأكاديمي أحمد سمير.

قانونيا، تمثل هذه الممارسات خرقا واضحا للدستور المصري الذي يحظر التعذيب والمعاملة القاسية، فضلا عن مخالفتها للاتفاقيات الدولية التي التزمت بها مصر، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب. ووفق معايير القانون الدولي، قد ترقى الانتهاكات الواسعة والمنهجية بحق السجناء السياسيين إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

وطالبت الشبكة المصرية النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل ومستقل في واقعة الاعتداء على باسم عودة، ومحاسبة الضابط المسؤول، وضمان حقوق السجناء في الرعاية الصحية والتواصل مع ذويهم وحضور جلساتهم القضائية. 

وحذرت الشبكة من أن استمرار هذه الانتهاكات في سجن بدر 3 "يرسخ واقع الإفلات من العقاب" ويضع السلطات المصرية في موقع المسؤولية المباشرة عن هذه الانتهاكات، سواء بالفعل أو بالتواطؤ.

وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان ما وثقته منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر عام 2021، والذي اعتمد على شهادات 67 محتجزاً في 16 سجناً بسبع محافظات مصرية، ورصد أنماطاً متكررة من الحرمان من العلاج والتأخر في نقل المرضى وسوء الرعاية الطبية، وصولاً إلى الوفاة داخل أماكن الاحتجاز أو بعيد الإفراج بفترة قصيرة نتيجة التدهور الصحي.
التعليقات (0)

خبر عاجل