سياسة عربية

تأهب في العراق خشية من تهديد إسرائيلي محتمل عقب قصف قطر

تهديدات إسرائيلية محتملة: العراق بين تعزيز الأمن والدبلوماسية الإقليمية- الأناضول
تهديدات إسرائيلية محتملة: العراق بين تعزيز الأمن والدبلوماسية الإقليمية- الأناضول
كشفت مصادر مطلعة في لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية، أن أجهزة الاستخبارات والأمن الوطني قدّمت تقريراً مفصلاً إلى القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، خلال اجتماع أمني رفيع المستوى، يتضمن تحذيرات بشأن احتمال أن تصبح الساحة العراقية هدفاً لتصعيد الاحتلال الإسرائيلي المحتمل، في ظل تقييم تل أبيب للعراق كمركز نشاط استراتيجي لإيران وحزب الله اللبناني. 

وأكد التقرير الذي نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية، أن الاحتلال يدرس فتح جبهة جديدة في المنطقة، وأن العراق يُعدّ أحد أبرز المرشحين لذلك، خصوصاً بعد تراجع النفوذ العسكري الإيراني المباشر في سوريا.

وحسب المعلومات، يُعتبر العراق "العمق الاستراتيجي لحزب الله اللبناني"، ما يضعه في قلب أي مواجهة إقليمية محتملة. وأشارت المصادر إلى أن الحكومة العراقية بدأت في الوقت نفسه خطوات عملية لبناء منظومة دفاع جوي حديثة، لتعزيز القدرة على التصدي لأي خرق محتمل للأجواء العراقية، في إطار استعدادات شاملة لمواجهة أي تهديدات خارجية.

وتزامن هذا التحرك العسكري مع نشاط دبلوماسي متزايد يقوده السوداني، كان آخر فصوله في العاصمة القطرية الدوحة، حيث أطلق رسائل واضحة رفضت الاعتداءات الإسرائيلية، ودعت إلى تنسيق عربي وإسلامي لمواجهة أي تصعيد محتمل. 

ورأت الباحثة السياسية سهاد الشمري، المقربة من دوائر القرار الحكومي، أن التلويح الإسرائيلي باستهداف العراق يصطدم بالاتفاق الأمني القائم بين بغداد وواشنطن، والذي يضع العراق في خانة الحليف وليس الخصم. وأضافت أن السوداني يدير علاقاته الخارجية بحذر وهدوء، بما يضمن حماية الموقف العراقي من الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، مؤكدة وجود حوار عراقي-أمريكي جاد لإبعاد الساحة العراقية عن أي تصعيد.

ومن جهته، أوضح قيادي في "ائتلاف الإعمار والتنمية"، المدعوم من السوداني، أن الرسائل التي أطلقها رئيس الوزراء من الدوحة تمثل موقفاً واضحاً بأن العراق لن يكون منصة للاعتداءات ولن يسمح بأن يتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات، بل يسعى لتوحيد الموقف العربي والإسلامي في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. 

اظهار أخبار متعلقة


وأكد أن مبادرة السوداني لبناء تحالف عربي وإسلامي ضد الاحتلال تمثل خطوة جريئة، وتضع بغداد في قلب المعادلة الإقليمية الجديدة، مضيفاً أن رئيس الوزراء يتعامل مع التهديدات الإسرائيلية من موقع المسؤولية لا رد الفعل، معتمداً على شبكة واسعة من الاتصالات الإقليمية والدولية.

وعلى الرغم من المخاوف من احتمال استهداف العراق، يرى خبراء أن موقع البلاد الجغرافي ومصالح الأطراف الدولية فيها قد يوفر لها نوعاً من الحصانة. إلا أن بغداد تواجه اختباراً بالغ الحساسية في كيفية حماية نفسها من تهديدات إسرائيلية متصاعدة دون الانزلاق إلى حرب شاملة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقاتها المتوازنة مع كل من واشنطن وطهران.

وفي هذا السياق، حذّر السياسي العراقي ورئيس جبهة "المنقذون"، محمد توفيق علاوي، من "وجود تهديدات فعلية تمس العراق بشكل مباشر"، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قد تقوم باعتداءات في أي لحظة، خاصة مع غياب موقف عربي موحد لمواجهة هذا العدو. 

وأضاف أن الخطر لا يأتي فقط من الخارج، بل أيضاً من الداخل، حيث يشكل الانقسام السياسي والطائفي عاملاً مضاعفاً للأزمة، إذ يمكن للطائفية أن تضعف الموقف الوطني وتفتح الباب أمام التدخلات الخارجية.

وتأتي هذه التحذيرات في ظل اتساع الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة، أبرزها الهجوم على قطر رغم دورها الوسيط في مفاوضات غير مباشرة بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بالإضافة إلى العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية، والغارات الجوية على لبنان وسوريا واليمن، واستهداف إيران في حزيران/يونيو الماضي. 

ويعكس هذا التسلسل من العمليات التوسعية لتل أبيب استمرار سياسة التصعيد الإقليمي، ما يجعل من التحركات العراقية خطوة حيوية للحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني في مواجهة التحديات الخارجية.

يعكس هذا التحرك إدراك بغداد لحساسية المرحلة، وسعيها إلى بناء منظومة دفاعية متكاملة وتنسيق دبلوماسي محكم، يحمي سيادتها ويضمن أن يبقى العراق بعيداً عن أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مع الحفاظ على علاقاته الاستراتيجية مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية.
التعليقات (0)

خبر عاجل