على مشارف أيام قليلة من انطلاق أسطول الصمود المغاربي، من تونس، وبعد أيام من انطلاق الأسطول من ميناء برشلونة الإسباني، وجّه المنظّمين، نداء لمختلف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصّة "المؤثرين" بالقول: "احمونا بالكلمة، وارفعوا أصواتنا بالصورة؛ في الأمر ضرورة لحماية القافلة من العتمة والعزلة الإعلامية".
وفي الطرف الآخر من المتوسط، داخل قطاع
غزة المُحاصر، لا يُنظر "الأسطول العالمي" كحدث رمزي أو عابر، بل إنّه بات نافذة على الحياة بالنّسبة لكافة الغزّيين. وأكّد عدد منهم، عبر مقاطع فيديو مختلفة، أنّه: يعني لهم أن هناك من ما زال يرى وجعهم، من يتحدّى الحصار لا بالسلاح، بل بالتضامن، بالماء، وبالدواء.
في هذا التقرير، ترصد "عربي21" آمال الغزّيين من أسطول الصمود العالمي، وانتظاراتهم، مع الدّعوات الملحة للمشرفين على هذا الحدث العالمي الأبرز، لكافة رواد التواصل الاجتماعي بعدم الصمت وبالمواكبة الرّقمية، كي لا يجدوا أنفسهم لوحدهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
حين يصبح التضامن أداة حماية
بين أمواج البحر وشاشات الهواتف، يتلاقى حلم فك الحصار عن
قطاع غزة مع أصوات تتعالى من 44 دولة، في أكبر تحرك مدني بحري يشهده العالم. يقول المشرفين على الأسطول: "كل صورة، كل تغريدة، كل وسم، قد تمنع رصاصة، وقد تؤجّل هجوما، وقد تُجبر عدسات العالم على النظر".
وفي حديثه لـ"عربي21" قال ممثل المغرب في أسطول الصمود المغاربي، أيوب حبراوي، إنّ: "ما سيُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي هو أماننا الوحيد"، مردفا: "إن تركتنا الشعوب، سنواجه لوحدنا هذا الكيان المتغطرس؛ الكل شاهد في الآونة الأخيرة كيف قصف الكيان الصحفيين والدفاع المدني، وهم واقفون عزّل لا يملكون سلاح، فكيف نضمن أن لا يقصف الكيان الصهيوني هذه السفن".
وفيما أكد حبراوي، أنّ: "الضغط الشعبي يجب أن يوجّه لحكومات أبناء النشطاء المشاركين، كي تحمي مواطنيها من هذا الكيان، لذلك فإنّ أماننا وسلامتنا هي في أيدي شعوب العالم"، دعا في الوقت نفسه كافة المؤثرين على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بالاستمرار في النشر ومواكبة أسطول الصمود العالمي، بالنشر، والحديث عنهم، أو على الأقل الاستمرار في الحديث عمّا يجري داخل القطاع المحاصر من حرب إبادة جماعية يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على الغزيّين.
بدورهم، عدد من النشطاء الدّاعمين للأسطول دعوا المؤثرين البارزين إلى الحديث عن هذا الحدث العالمي الداعم للقطاع المحاصر، بينهم الناشطة إسراء الشيخ، التي تحدّثت بلهجة حاسمة عبر حسابها على "انستغرام"؛ وكذلك الناشط الفلسطيني المشارك في قافلة كسر الحصار عن غزة، أحمد زيدان، دعا إلى: "تناقل أخبار أسطول الصمود تزامنا مع انطلاقه، وذلك بهدف حماية القافلة التي تضم 70 سفينة من التعتيم الإعلامي".
وأبرز زيدان، في عدد من التصريحات الصحافية، أنّه: "من شواطئ برشلونة تحركت الشرارة، ومن موانئ تونس انضمت 7 سفن جديدة، ليصبح العدد أكثر من 70 سفينة.. أكبر قافلة بحرية في التاريخ تتّجه نحو غزة المحاصرة"، مردفا: "أسطول الصمود العالمي ليس مجرد سفن، بل صرخة من 44 دولة، يحملها متضامنون وأطباء وناشطون وإعلاميون، يرفعون راية واحدة: غزة ليست وحدها".
وأكّد: "لأن الاحتلال يدرك خطورة هذه القافلة على صورته، خرج المجرم بن غفير (وزير الحرب الإسرائيلي إيتمار) مهدّدا: -سيتم احتجاز الناشطين في السجون، وسنحرمهم من الامتيازات مثل التلفزيون والراديو والأطعمة المتخصصة-"، موردا: "تهديدات تكشف حجم الرعب الذي يزرعه الأسطول في قلب الكيان، فأي قوة هذه التي تهز إسرائيل بمجرد إبحار سفن برساله إنسانية؟".
إلى ذلك، أكّد زيدان، على ضرورة المساهمة في نشر أخبار الأسطول بكل اللغات مبيّنا أنّ: "كل كلمة تكتب، وكل صورة تشارك، هي حماية لهذه القافلة من التعتيم، ودرع في وجه الغطرسة".
اظهار أخبار متعلقة
لحظة بلحظة..
في الطرف الآخر، في قلب قطاع غزة الجريح والمحاصر منذ أكثر من 18 عاما، باتت العيون تتّجه إلى البحر، فيما يقول الغزّيين عبر منشورات متفرّقة رصدتها "عربي21" أنّ: "الأمل اليوم لا يأتي فقط من صوت المحركات البحرية، بل من كل صورة ينشرها النشطاء من على متن السفينة".
إلى ذلك، الناس في قلب القطاع المحاصر الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي شنّ أبشع صور العدوان، على الرّغم من تعبهم ويأسهم، إلاّ أنّهم يتداولون الأخبار، ويشاركون الصور، ويعيشون على رجاء أن ينجح التضامن، ولو مرة واحدة، في اختراق جدران الحصار.
ومن ميناء برشلونة الإسباني، انطلق "أسطول الصمود العالمي" قبل أيام قليلة، بمشاركة واسعة من ناشطين وشخصيات دولية بارزة. ويضم الأسطول عشرات القوارب والسفن القادمة من تونس وإيطاليا واليونان ودول أوروبية أخرى، تحمل على متنها مساعدات إنسانية ومئات الناشطين من 44 دولة، إلى جانب مشاركة أكثر من 30 ألف شخص في الفعاليات المساندة لانطلاقه.
وينظَّم هذا التحرك المدني الأكبر من نوعه منذ سنوات عبر تنسيق بين منظمات دولية، أبرزها "تحالف أسطول الحرية" و"الحركة العالمية إلى غزة"، بهدف فتح ممرات إنسانية عبر البحر لإغاثة سكان القطاع وسط خطر المجاعة ونقص الإمدادات الأساسية.
اظهار أخبار متعلقة
وفي غزة، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ أيام تفجير الروبوتات المفخخة لتدمير منازل المواطنين في جباليا النزلة ومنطقة الزرقاء وشرق بركة الشيخ رضوان شمال غزة. فيما أعلنت الخدمات الطبية في غزة عن تمكّن طواقمها من انتشال إصابة طفلة من استهداف شّقة بالقرب من دوار القوقة بمخيم الشاطئ غربي مدينة غزة.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 خلّف عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأهوج على كامل قطاع غزة المحاصر 64 ألفا و368 شهيدا، و162 ألفا و367 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 382 فلسطينيا، بينهم 135 طفلا.