صحافة دولية

برلمانيون بريطانيون: خلط الاحتجاج السلمي بالإرهاب يهدد الحريات المدنية

عملية حظر "فلسطين أكشن" جرت عبر إدراجها في تصويت واحد- فلسطين أكشن
عملية حظر "فلسطين أكشن" جرت عبر إدراجها في تصويت واحد- فلسطين أكشن
أثار قرار الحكومة البريطانية بحظر حركة "فلسطين أكشن" جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحقوقية، بعدما اعتبره برلمانيون وناشطون خلطاً خطيراً بين الإرهاب والاحتجاج السلمي، وتحذيراً من مساس مباشر بالحقوق الديمقراطية في البلاد.

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً مطولاً لكل من النائبة العمالية ستيلا كريسي واللورد بيتر هاين، وجها فيه انتقادات واسعة لنهج الحكومة البريطانية في التعامل مع مسألة حظر المنظمات، مؤكدين أن إدراج حركة "فلسطين أكشن" ضمن لائحة التنظيمات المحظورة يمثل خلطاً خطيراً بين الإرهاب والاحتجاج السلمي، ويهدد بشكل مباشر الحقوق المدنية في البلاد.

وأوضحت الصحيفة أن الكاتبين، رغم اختلاف تصويتهما داخل البرلمان بشأن قرار الحظر، إلا أنهما يتفقان على أن السياسات الحالية لا تحقق الحماية اللازمة للمجتمع، ولا تمنح الشرطة الأدوات الفعالة لإدارة الاحتجاجات وضبط الأمن، بل تُستخدم أحياناً كوسيلة لحماية الوزراء من النقد الشعبي أكثر من حماية المواطنين. وأشارا إلى أن اللجوء المتكرر إلى سلاح الحظر جعل منه أداة سياسية تفتقر إلى الشفافية، وتضر بثقة الرأي العام في التشريعات.

وأكد المقال أن تفشي أنماط جديدة من العمل المباشر، مدفوعة في كثير من الأحيان بخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، يساهم في رفع منسوب الغضب والتوتر ويزيد من احتمالات التصعيد إلى مستويات عنف أو تدمير. لكن الخطر الحقيقي – بحسب رأي هاين وكريسي – يكمن في مساواة من يرفع لافتة احتجاجية أو يردد شعارات سلمية في الشوارع بمن يحمل سلاحاً أو يزرع قنبلة، معتبرين أن ذلك يضر بقدرة الدولة على محاربة الإرهاب فعلياً، ويقوض شرعية القوانين أمام الجمهور.

وتابع الكاتبان أن عملية حظر "فلسطين أكشن" جرت عبر إدراجها في تصويت واحد إلى جانب مجموعتين يمينيتين متطرفتين، وهو ما وصفاه بأنه ممارسة غير عادلة وتفتقر إلى المصداقية والوضوح، حيث جرى تمرير القرار دون نقاش كافٍ حول طبيعة أنشطة الحركة وما إذا كانت حقاً ترقى لمستوى التهديد الإرهابي.

اظهار أخبار متعلقة


وشدد المقال على أن حماية المجتمع من التطرف أمر لا خلاف عليه، وأنه لا ينبغي لأي مسؤول منتخب أو شرطي أن يتعرض للعنف أو التهديد بسبب عمله، لكن في المقابل يجب أن يظل الحق في الاحتجاج السلمي مصاناً ومكفولاً في إطار القانون. وأوضح هاين وكريسي أن واجب المشرعين يتمثل في وضع تشريعات عادلة ومحايدة، تسمح بمحاسبة من يمارس العنف أو يحرض عليه، دون أن تشمل بالضرورة الآلاف ممن يختارون التعبير السلمي عن آرائهم في قضايا خلافية مثل الحرب في غزة أو سياسات الحكومة الخارجية.

وحذر الكاتبان من أن غياب التمييز بين الاحتجاج والإرهاب يفتح الباب واسعاً أمام تقييد الحريات الديمقراطية، ويمنح مساحة أكبر للأصوات الأكثر تطرفاً والأكثر استعداداً لاستخدام العنف، في حين يُخنق الصوت المعتدل أو النقد السلمي. وقالا إن "المطلوب ليس إلغاء قدرة الدولة على مواجهة التهديدات الإرهابية، بل وضع إطار قانوني واضح ومحدد يمنع الخلط بين التظاهر المشروع والإرهاب الدموي، ويضمن في الوقت نفسه حماية الديمقراطية البريطانية من الترهيب ومن عسف القرارات السياسية".

وبحسب الغارديان، فإن الجدل حول "فلسطين أكشن" أعاد إلى الواجهة سؤالاً محورياً حول مستقبل الديمقراطية في بريطانيا: كيف يمكن للدولة أن توازن بين محاربة الإرهاب وصيانة الحق في الاحتجاج؟ وهو السؤال الذي لا يزال ينتظر إجابة شافية من الحكومة ومن البرلمان على حد سواء.
التعليقات (0)