مقالات مختارة

مخلب أمريكا

إسماعيل الشريف
مكتب نتنياهو
مكتب نتنياهو
الولايات المتحدة أنشأت «إسرائيل» لتكون مخفرًا متقدمًا لها في المنطقة، تؤمّن مصالحها وتنفّذ استراتيجياتها. محمد حسنين هيكل.

يشنّ الكيان الصهيوني عدوانًا على إيران، فتردّ الأخيرة، فيُصوّرها الإعلام والدبلوماسية الغربية على أنها المعتدية. يصدر مؤتمر الدول الصناعية السبع بيانًا يدين إيران، ويمنح الدولة المجرمة حق الدفاع عن نفسها، في الوقت الذي يُحرَّم فيه على إيران امتلاك القنبلة النووية، رغم توقيعها على معاهدة حظر الانتشار النووي. أما الكيان الصهيوني، الذي يمتلك ما بين 90 إلى 200 رأس نووي ولم يوقّع أصلًا على تلك المعاهدة، فلا يجرؤ أحد على مجرد الإشارة إليه.

كما هو معلوم، فإن الهدف من إنشاء الكيان الصهيوني كان إضعاف العالم العربي، وإشغاله بالصراعات، والسيطرة على منابع النفط والممرات المائية. لكن هذه الأهداف تطوّرت مع الزمن، وتبدّلت أولويات كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.

يُعلن الكيان الصهيوني، ووراءه الولايات المتحدة، أن الهدف من الحرب على إيران هو إنهاء مشروعها النووي. وإن قبلت إيران بتفكيك برنامجها وعادت صاغرة إلى طاولة المفاوضات وفق الشروط الصهيونية والأميركية، فإن الحرب ستتوقف. لكن هذه كذبة لا تُصدَّق؛ فاستسلام إيران لن يشفع لها.

قد تُعلَّق الحرب مؤقتًا، لكن مشروع استنزافها سيستمر بلا هوادة. ألم نشهد ما حدث للقذافي، حين سلّم برنامجه النووي كاملًا على متن سفينة إلى الولايات المتحدة، فكان مصيره القتل؟ وهل نُسي صدام حسين، الذي سمح لمفتشي الأسلحة بتفتيش كل شبر في العراق، ثم أُعدم لاحقًا؟

هذه الحرب لا علاقة لها لا بالمشروع النووي الإيراني، ولا بالديمقراطية، ولا بحماية سكان المنطقة من النفوذ الإيراني. حين مات مليون طفل عراقي في ظل الحصار والحرب، قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت: «الثمن مستحق». واليوم، تُزهَق أرواح مئات المدنيين في غزة يوميًا بالقنابل والأسلحة الأميركية، وبعد أكثر من عشرين شهرًا، ما زالت الولايات المتحدة تستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع إيقاف المجزرة.

الهدف الحقيقي من الحرب هو إسقاط الدولة الإيرانية، وإنهاء نظامها السياسي، ودفعها إلى مصير الدولة الفاشلة. هذا ما يتفق عليه الأميركيون والصهاينة، وإن اختلفت غاياتهم.

فبالنسبة للولايات المتحدة، إيران دولة متمرّدة على النظام العالمي الذي تتسيّده واشنطن، لم تُفلح العقوبات في إخضاعها، وتحافظ على علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا. لذا، تسعى أميركا إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يضمن هيمنة قاعدتها الإقليمية الكيان الصهيوني في مواجهة النفوذين الصيني والروسي المتصاعدين، وترسل رسالة تحذيرية مفادها أن أي دولة تختار التحالف مع الصين أو روسيا سيكون هذا مصيرها.
ومع انهيار إيران، ستسقط تلقائيًا ورقة الحوثيين في اليمن، وتُطوى معها القضية الفلسطينية.

أما الكيان الصهيوني، فيسعى إلى فرض سيادته على المنطقة قبل أفول الهيمنة الأميركية. إنه يدرك أن الإمبراطورية تتهاوى، ويرى اللحظة فرصة ذهبية قد لا تتكرر لتصفية كل تهديد وجودي. فإيران، في نظره، هي آخر حجر في دومينو المقاومة، بعد أن أُضعفت حماس، وتراجعت قدرات حزب الله، وتم تحييد الأسد.

ومع انهيار إيران، ستسقط تلقائيًا ورقة الحوثيين في اليمن، وتُطوى معها القضية الفلسطينية.
الهدف إذًا هو تدمير إيران من الداخل، وقلب نظامها السياسي، كما حدث في دول أميركا الجنوبية، والعراق، وليبيا. وتُنفَّذ الخطة على مراحل: تبدأ بالعقوبات، ثم الاغتيالات، تليها الحرب الإعلامية، فاختلاق المبرر لإشعال الحرب، ثم إسقاط النظام، وفرض استعمار جديد، وفوضى شاملة، ونهب للثروات، مع دخول المتعهدين الأميركيين، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي.

لقد وقعت إيران في الفخ، ولن يشفع لها إلا قوة ردّها؛ فهي تخوض معركة وجود، لا خيار لها فيها سوى المواجهة حتى النهاية.

الدستور الأردنية
التعليقات (0)