كتاب عربي 21

محاولات الإيقاع بين أردوغان وبهتشلي

إسماعيل ياشا
"اتفاق حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في قضايا وطنية كبرى"- الأناضول
"اتفاق حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في قضايا وطنية كبرى"- الأناضول
شارك رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، السبت، في احتفالات "8 تشرين الثاني / نوفمبر يوم النصر" في العاصمة الأذربيجانية باكو. وفي طريق عودته إلى تركيا، تحدث إلى الصحفيين الأتراك الذين رافقوه في تلك الزيارة. وردا على سؤال أحد الصحفيين، نفى وجود أي مشكلة في علاقاته مع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، مضيفا أنه يمكن أن يلتقيه في أي وقت بعد عودته إلى أنقرة. وجاءت هذه التصريحات بعد تقارير إعلامية نشرت في الأيام الأخيرة لتزعم وجود خلافات بين أردوغان وبهتشلي.

بهتشلي لم يحضر حفل استقبال أقيم مساء 29 تشرين الأول / أكتوبر في القصر الجمهوري بمناسبة عيد الجمهورية، كما لم يشارك ذات اليوم في أي فعاليات مع أردوغان، الأمر الذي أثار تساؤلات حول هذا الغياب. وادعى صحفيون بأن رئيس حزب الحركة القومية احتجَّ على موقف الحكومة من انتخابات جمهورية قبرص الشمالية التركية. وكان بهتشلي غضب على فوز طوفان أرهورمان الداعي
ادعى صحفيون بأن رئيس حزب الحركة القومية احتجَّ على موقف الحكومة من انتخابات جمهورية قبرص الشمالية التركية. وكان بهتشلي غضب على فوز طوفان أرهورمان الداعي إلى إجراء مفاوضات مع القبارصة اليونانيين لتوحيد شطري الجزيرة تحت حكم فيدرالي، وطالب بضم الشطر التركي إلى تركيا، فيما قام أردوغان ونائبه بتهنئة المرشح الفائز في الانتخابات
إلى إجراء مفاوضات مع القبارصة اليونانيين لتوحيد شطري الجزيرة تحت حكم فيدرالي، وطالب بضم الشطر التركي إلى تركيا، فيما قام أردوغان ونائبه بتهنئة المرشح الفائز في الانتخابات.

رئيس حزب الحركة القومية بعث إلى أردوغان هدية لقطع دابر الإشاعات حول وجود شرخ في تحالف الجمهور الذي يشكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وهي لوحة تحمل العلم التركي وشعار رئاسة الجمهورية مع صورة أردوغان وتوقيعه. وفي كلمته أمام نواب حزبه، في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، نفى بهتشلي وجود مشكلة في تحالف الجمهور، مضيفا أن التقارير المنشورة حول هذا الموضوع تستهدف التحالف الذي يواصل طريقه. كما جدد نفيه، أمس الثلاثاء، في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب الحركة القومية، وأثنى على تحالف الجمهور، قائلا بأن التحالف سوف يحمي تركيا من العيون الحاسدة والأطماع الظلامية ومثيري الفوضى، وسيبني المستقبل مع الشعب التركي.

المعارضة التركية تعلق آمالا كبيرة على احتمال تفجر خلاف بين قطبي تحالف الجمهور، بعد أن فشلت في هزيمة التحالف عبر صناديق الاقتراع، وكلما وجدت فرصة للإيقاع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية حاولت أن تستغلها، إلا أن كل تلك المحاولات باءت حتى الآن بالفشل، وحافظ تحالف الجمهور على تماسكه رغم مروره بتحديات مختلفة منذ تأسيسه في شباط/ فبراير 2018.

رئيس البرلمان التركي الأسبق ورئيس حزب الشعب الجمهوري الأسبق، حكمت تشتين، قام في مستهل أيلول/ سبتمبر الماضي، بزيارة بهتشلي في مقر حزب الحركة القومية في العاصمة أنقرة. ويقول صحفيون إن تشتين عرض على بهتشلي أن يفكَّ تحالفه مع أردوغان ليتحالف مع حزب الشعب الجمهوري، كما تحالف في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 10 آب/ أغسطس 2014 ليدعم الحزبان حينها أكمل الدين إحسان أوغلو ضد أردوغان. وتشير تصريحات بهتشلي الأخيرة حول تحالف الجمهور، إلى أنه رفض مقترح حزب الشعب الجمهوري.

حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية أسَّسا تحالفا انتخابيا قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في 24 حزيران/ يونيو 2018، أي بعد حوالي سنتين من محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الكيان الموازي، التنظيم السري لجماعة فتح الله كولن. وكانت تلك المحاولة أدَّت إلى التقارب بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، لشعورهما بأن أمن تركيا واستقرارها ووحدة ترابها ومستقبل وجودها في خطر. ولذلك، يقال دائما إن تحالف الجمهور ليس مجرد تحالف انتخابي عابر، بل شراكة للدفاع عن أمن تركيا ومصالحها.

لا ينتظرْ أحد من بهتشلي أن يفكِّك تحالف الجمهور، ويتخلى عن دعم أردوغان، علما بأنه يطالب بإعادة ترشيح رئيس الجمهورية التركي وانتخابه لفترة ثالثة في الانتخابات الرئاسية القادمة، كما صرح بذلك أكثر من مرة

اتفاق حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في قضايا وطنية كبرى، مثل طي صفحة الإرهاب الانفصالي وجعل البلاد خالية من الإرهاب والدفاع عن مصالح تركيا في الوطن الأزرق وشرقي المتوسط، لا يعني أن الحزبين يتفقان في كافة التفاصيل، ومن الطبيعي جدا وجود وجهات نظر مختلفة في التعامل مع تلك الملفات. إلا أن الطرفين نجحا حتى الآن في تجاوز الخلافات في لقاءات جمعت أردوغان وبهتشلي، كما لا يتوقع أن يؤدي اختلاف وجهات نظر الحزبين إلى تفكك تحالف الجمهور في المستقبل القريب.

أردوغان وبهتشلي كلاهما يرى أن الحل الوحيد في جزيرة قبرص هو حل الدولتين، واعتراف العالم بجمهورية قبرص الشمالية التركية. إلا أن أردوغان يميل إلى احترام خيار الشعب القبرصي التركي الديمقراطي ونتائج الانتخابات، ويفضِّل التعاون مع الرئيس الجديد المنتخب لصالح البلدين الشقيقين. ومن المقرر أن يزور أرهورمان أنقرة غدا الخميس في أول زيارة خارجية له، ليلتقي رئيس الجمهورية التركي استجابة لدعوة الأخير.

تركيا تسعى إلى تطوير قدراتها العسكرية لحماية أمنها القومي ومصالحها العليا، وتعزيز استقلاليتها ونفوذها في المنطقة، إلا أنها في ذات الوقت تواجه تحديات في ظل تصاعد التوتر بين أنقرة وتل أبيب وتضارب مصالحهما. وفي هذا الوضع الحسَّاس الذي يتطلب توحيد الصفوف في الداخل، لا ينتظرْ أحد من بهتشلي أن يفكِّك تحالف الجمهور، ويتخلى عن دعم أردوغان، علما بأنه يطالب بإعادة ترشيح رئيس الجمهورية التركي وانتخابه لفترة ثالثة في الانتخابات الرئاسية القادمة، كما صرح بذلك أكثر من مرة.

x.com/ismail_yasa
التعليقات (0)